خبر السياسة ليست سيركا -هآرتس

الساعة 08:23 ص|16 يناير 2010

بقلم: أسرة التحرير

كان للمأساة – الملهاة التي عرضت هذا الاسبوع على مسرح وزارة الخارجية، اسرائيل ضد تركيا، نهاية طيبة ظاهرا: الممثل الرئيس، داني ايالون، وقع على كتاب اعتذار للسفير التركي ومرسليه، والتهديد التركي لاعادة السفير الى أنقرة أزيل. ولكن لما كان الحديث لا يدور عن زلة لسان، أو ملاحظة كانت معدة لان تطرح في دائرة مغلقة فتسربت، بل عن خطوة مقصودة من وزير الخارجية افيغدور ليبرمان ونائبه ايالون فان النهاية بعيدة عن أن تكون طيبة، ومن الحيوي أن نجعلها بداية لشيء آخر: صرف ليبرمان وايالون من السفينة الرائدة المتهالكة للدبلوماسية الاسرائيلية.

        ليبرمان اختار المناكفة العلنية مع رئيس وزراء تركيا، رجب طيب اردوغان كي يتخذ صورة فارس العزة الوطنية. يحتمل أن يكون ليبرمان يعتقد بان موقفه سيجلب الاصوات لحزبه. هذا دليل آخر على سخافة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي سلمه حقيبة الخارجية. نتنياهو كان سفيرا في الامم المتحدة ومندوبا في واشنطن، ايالون كان سفيرا في واشنطن. ويفترض بكليهما أن يعرفا كيف يتصرف الدبلوماسيون ووزارات الخارجية، ولكن التجربة المهنية تتعطل في ضوء تأثير ليبرمان. نتنياهو عرض نفسه في القضية كشريك في المؤامرة أو كمقصر، وهما بديلان سيئان.

        مرسى العلاقات الاستراتيجية لتركيا مع اسرائيل هو الجيش، الذي يعزو لنفسه دور الحامي الدستوري للنظام الذي أقامه مصطفى أتاتورك بعد الحرب العالمية الاولى. منذ خمسين سنة توجد علاقات مفيدة بين جهازي الامن في الدولتين. هذا الاسبوع زار تركيا المدير العام الوافد لوزارة الدفاع، اودي شني، وبداية الاسبوع سيزور هناك وزير الدفاع ايهود باراك. الجنرالات الاتراك يعانون من لذع لسان اردوغان، زعيم الحزب الاسلامي. وغبي فقط يمكنه أن يثقل عليهم باهانة علنية لممثل رسمي لتركيا بشكل يعزز اردوغان – كمن يطالب باسترداد كرامة الامة على الاهانة المتحققة وفي النهاية اهان مهينيه ونزع منهم اعتذار – فيفاقم  الموقف الشعبي من اسرائيل. عطف الجيش التركي على نظيره الاسرائيلي سيكون من الصعب عليه أن يتغلب على نخبة سياسية ورأي عام معاديين في تركيا.

        لاسرائيل جدال محق مع مواقف اردوغان تجاه ايران وحماس. وصحيح أن يدار هذا الجدال بمحاججات واعية، دون تصعيد. وبذات الروح يجب فحص اقتراح اردوغان تجديد الوساطة بين اسرائيل وسوريا. لا ينبغي تحويل السياسة الى سيرك. غريب على نحو خاص الانفعال لمسلسل تلفزيوني، تعرض فيه اسرائيل على نحو مشوه. المواقف القومية والطائفية المسبقة تظهر في الافلام ووسائل الاعلام في العالم بأسره، بما في ذلك اسرائيل. وهذه ليست شأنا لوزراء الخارجية ونوابهم، ومن المؤكد أنه سخيف تحويل الاحتجاج عليها الى مسلسل تلفزيوني جديد آخر من ثلاثة فصول – احتجاج واهانة، شعور بالاهانة وتهديد، انثناء واعتذار.

        ثمة فارق جوهري بين الحزم والعدوان. ليبرمان ونائبه يظهران سياسة خارجية من النوع الثاني. اذا ما ابقاهما نتنياهو في منصبيهما فهذا يعني بانهما هما اللذان يقرران السياسة الاسرائيلية وليس هو.