خبر الحصار منذ العام 1991..مصطفى إبراهيم

الساعة 08:11 ص|16 يناير 2010

الحصار منذ العام 1991..مصطفى إبراهيم

16/1/2010

منذ فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية يدور جدل سياسي فلسطيني داخلي حول الحصار المفروض على الفلسطينيين في قطاع غزة، وأن حركة حماس تتحمل المسؤولية عن فرض الحصار واستمراره، ومع أن الجدل سبق فوز حركة حماس في الانتخابات، وبدأ مع تنفيذ دولة الاحتلال خطة الانفصال أحادي الجانب في  الثاني عشر من شهر سبتمبر/ أيلول من العام 2005.

والذي ساهم في الجدل السياسي والقانوني الحجج التي حاولت دولة الاحتلال سوقها لتضليل الرأي العام الدولي بأن قطاع غزة أصبح منطقة لا تخضع لسلطاتها، وبالتالي فهي غير مسئولة عن طبيعة ومستوى عيش السكان فيها.

و ساد اعتقاد لدى بعض الفلسطينيين أن قطاع غزة حرر من الاحتلال الإسرائيلي، وبناء عليه يحاول هؤلاء تعزيز تلك المقولة من خلال تعزيز الفصل الإسرائيلي ، وعدم العمل والضغط على إسرائيل في تحمل مسؤوليتها القانونية والأخلاقية.

إلا أن إجماع خبراء القانون الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان، أكد على أن تنفيذ دولة         الاحتلال الانسحاب لا يغير من الوضع القانوني لقطاع غزة، وما عزز ذلك مؤتمر الأطراف السامية الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، وما ورد في تقارير البروفسور جون دوغارد، مقرر الأمم المتحدة الخاص السابق بالأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي أكد على عدم تغير المكانة القانونية لقطاع غزة.

وقبل أن تبدأ قوات الاحتلال بالانسحاب من القطاع أقدمت في السابع من سبتمبر/ أيلول 2005، على إغلاق معبر رفح، وفي الرابع والعشرين من الشهر ذاته أعلنت قوات الاحتلال عن إغلاق جميع المعابر مع قطاع غزة، واستمر إغلاق المعابر لغاية الخامس والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني 2005، حتى تم التوقيع على اتفاق المعابر بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في الخامس عشر من الشهر ذاته، لتنظيم حركة المرور من والى الأراضي الفلسطينية من خلال ضوابط وشروط وضعتها إسرائيل.

ومع ذلك استمر الجدل الفلسطيني حول من يتحمل المسؤولية في فرض الحصار الإسرائيلي واستمراره على الأراضي الفلسطينية خاصة بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، وما تلا ذلك من انقسام سياسي حاد مازال مستمراً، وما لحق بالفلسطينيين من كوارث ومصائب يدفعون ثمنها يوميا.

ولا يزال بعض الفلسطينيين يعتقد أن سبب الحصار المفروض على قطاع غزة جاء بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية، وكذلك اختطاف فصائل المقاومة الفلسطينية الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت في 25/6/2006، وما تلا ذلك من سيطرة حركة حماس على القطاع في منتصف العام 2007، وما ترتب عليه من إجراءات وسياسات قامت بها دولة الاحتلال، باعتبار قطاع غزة كياناً معادياً، وما رافق ذلك من انهيار اقتصادي.

فالحصار الإسرائيلي لم يبدأ مع فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية وهو ممتد منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، عندما قامت دولة الاحتلال بفرض البطاقة الممغنطة على العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل في العام 1989، وامتد لاحقاً ليشمل معظم الفلسطينيين.

وتعتبر مؤسسات حقوق الإنسان الخامس عشر من يناير/ كانون الثاني 1991، هو بداية قيام دولة الاحتلال بتنفيذ الفصل، وفرض الحصار وتشديده خطوة خطوة وصولا إلى فرض الحصار الشامل والتخلص ليس من قطاع غزة فقط بل الضفة الغربية المحتلة.

علماً أن دولة الاحتلال، فرضت في العام 1967، إغلاقاً شاملاً على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأصبح على الفلسطينيين الحصول على تصاريح من السلطات العسكرية الإسرائيلية للدخول إلى إسرائيل، وفي العام 1972 أصدرت دولة الاحتلال تصريحاً عاماً يسمح بموجبه للفلسطينيين دخول إسرائيل، وألغت دولة الاحتلال هذا التصريح عام 1991، وتم التأكيد على إلغائه عام 1993، حيث أضحى حق الفلسطينيين في مغادرة الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودخول إسرائيل والقدس الشرقية يخضع للكثير من القيود، وأصبح يعتمد على تصاريح خاصة تصدرها دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وعليه منذ عام 1993، أصبحت الأراضي الفلسطينية المحتلة مقسمة بصورة فعلية إلى ثلاث مناطق منفصلة، هي: الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس الشرقية، حيث بقيت هذه المناطق معزولة عن العالم الخارجي، ترافق الإغلاق الشامل مع إغلاق داخلي خاصة في الضفة الغربية المحتلة، وحرم الفلسطينيين من التنقل بين المدن والقرى الفلسطينية، و يعتبر بداية الإغلاق الشامل ( الحصار) منذ سنوات أوسلو(1993/2000)، وترك هذا الإغلاق ( الحصار) ولا يزال آثاراً مدمرة على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ومع اندلاع انتفاضة الأقصى في العام 2000، شددت دولة الاحتلال من قيودها على الفلسطينيين وزادت من معاناتهم، ولم تستثني دولة الاحتلال أحد بمن فيهم المرضى والطلاب الفلسطينيين من قطاع غزة الذين منعوا من الوصول إلى جامعات الضفة الغربية المحتلة لتلقي تعليمهم منذ العام 2000.

وبعد فان العام 2006، ليس بداية الإغلاق الشامل (الحصار) الإسرائيلي على قطاع غزة، وعليه فأن مصلحة الفلسطينيين تتطلب العودة عن حال الانقسام، والبدء في المصالحة الوطنية الشاملة والتخلي عن المصالح الفئوية، وتغليب المصلحة الوطنية، والتصدي للاحتلال ومشاريعه، والاتفاق على إستراتيجية وطنية موحدة لإدارة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.

والضغط على دولة الاحتلال من أجل فتح جميع المعابر، والتمسك بموقف وطني بعدم الاستجابة إلى شروط اللجنة الرباعية الدولية التي تعمق من الانقسام ونزيد من معاناة الفلسطينيين وتطيل أمد الاحتلال.