خبر نشوة تركية بـ « انتصار » متعدد الأوجه..وادي الذئاب-فلسطين قريبا وحلقة اليوم عن الموساد

الساعة 08:33 ص|15 يناير 2010

فلسطين اليوم-الأخبار اللبنانية

بقلم: أرنست خوري

لمن يهمّه الأمر، ستتمحور حلقة اليوم من مسلسل «وادي الذئاب» التركي، حول تفاصيل عملية إنقاذ طفل مخطوف من مبنى القنصلية الإسرائيلية، ومقتل أحد عناصر «الموساد» الذي ستطبع دماؤه العلم الإسرائيلي. لكن هذه الحلقة لن تقيم هذه المرة القيامة في تل أبيب المعتذرة. يبدو أنّه على الدولة العبرية أن تعتاد الصمت إزاء مثل هذه المسلسلات التلفزيونية، بما أنّ كاتب نصّ مسلسل «وادي الذئاب» بهادير أوزدينير، توعّد أمس، بالمزيد من الأزمات مع دولة الاحتلال من خلال كشفه لتلفزيون «أن تي في» وصحيفة «صباح»، أنه يعدّ لتصوير مسلسل جديد بعنوان «وادي الذئاب ـــــ فلسطين»، مردفاً كلامه بتحدٍّ واضح: «لنرَ ماذا سيقولون حياله».

 

لا شكّ أنّ الرجل ينطلق من قوّة لم تكن متوافرة بهذا الحجم لدولته قبل اعتذار تل أبيب، أول من أمس، من الشعب والدولة التركيين للإهانة التي وُجهت إلى السفير التركي لديها أحمد أوغز تشيليك كول. قوّة انعكست في الشارع التركي الذي يرى، في غالبيّة من النادر أن تتحقق في دول يوجد فيها تعدّد حزبي، وبنسبة 56 في المئة منه، أنّ السياسة الخارجية التركية «تراوح بين جيدة وجيدة جداً»، وفق استطلاع للرأي أجراه مركز «ميتروبول للأبحاث الاستراتيجية والاجتماعية» في أنقرة.

 

إعلامياً، راجت لغة انتصارية على أنباء الصحف التركية عن كيف أنّ «إسرائيل اعتذرت عندما تصرّفت أنقرة بحسم» (صحيفتا «جمهورييت» و»زمان»). أخريات وصفت الاعتذار الإسرائيلي بأنه «توقّف لدقيقة عن العجرفة» («وطن»)، في عودة إلى عبارة رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان في منتدى دافوس مطلع 2009، عندما قاطع الرئيس شمعون بيرس وهاجم جرائم الدولة العبرية بلغته التركية، وهو الذي لا يجيد الإنكليزية إلا لماماً. لكن ذلك لم يمنعه من مقاطعة بيرس بعبارة إنكليزية أصبحت الأشهر في تركيا «دقيقة واحدة» one minute.

 

وكان لافتاً تسليط صحيفة «حرييت» الضوء على كيف أن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، ونائبه داني أيالون، يتعرضان لدعوات شديدة للاستقالة، طالت صفوف الحزب الفاشي للرجلين «إسرائيل بيتنا»، والعمّاليين ممثلين بالنائب دانيال بن شمعون، وصولاً إلى الأمين العام السابق لوزارة الخارجية ألون ليئال، ومجلّي وهبي من حزب المعارضة

«كديما».

في ظل هذه الأجواء، لا أخبار جديدة تُذكَر عن زيارة وزير الحرب إيهود باراك المقررة إلى أنقرة بعد غد الأحد، إلّا ما نقلته «توداي زمان» عن مصادر دبلوماسية في أنقرة قولها إنّ باراك «سيكون ضيف نظيره وجدي غونول لا الرئيس عبد الله غول».

 

سياسياً، وضع وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو معادلة جديدة للدبلوماسية التركية إزاء الدولة العبرية: «فقط إن اعتمدت تل أبيب سياسة سلمية وأوقفت بناء المستوطنات، ستتحسن علاقاتنا».

 

وحين كان في لندن قبل أيام، سئل داوود أوغلو كيف يسمح لنفسه بإقامة علاقات مع تنظيم «إرهابي» كحركة «حماس»، فلم يكن منه إلّا أن أجاب بإنكليزيته التي يجيدها بطلاقة: «نتعاون مع جميع الأطراف لأنّ هدفنا هو عدم اندلاع نزاع مسلح جديد. كما أننا لسنا من الذين يؤمنون بأنّ الشرق الأوسط مقسم بين طرفين معتدل ومتشدّد».

وفي ما يتعدّى التعليقات الصحافية والتسريبات الإعلامية، يمكن الإشارة إلى عدد من النقاط المتعلقة مباشرةً أو غير مباشرة بأزمة السفير؛ ولا تزال أنقرة تحصر خلافها مع تل أبيب في الملف الفلسطيني بدليل الكلام الأخير لداوود أوغلو. ونادراً ما يعلّق المسؤولون الأتراك على ما يكرره حكام تل أبيب، عن أنّ المشكلة مع «تركيا الجديدة» أعمق بكثير من ذلك، لأنها تتصل بالتقارب المريب الذي يجمع منذ مدة بين إيران وتركيا. كلام لا يملك أردوغان ورفاقه الكثير ليردوا عليه، بما أنّ موقفهم واضح إزاء الأزمة النووية الإيرانية. وهو ما كرّره أردوغان في موسكو: «نحن ضدّ تصنيع إيران سلاحاً نووياً. نؤيد حقها في امتلاك الطاقة لأهداف سلمية، لكن لدينا سؤال: بأي حق تتجرأ دولة تمتلك سلاحاً نووياً (إسرائيل) على مطالبة دولة أخرى في المنطقة (إيران) بعدم امتلاك القنبلة؟».

 

على أيّ حال، لا بدّ أنّ الجميع لاحظوا الغياب الأميركي عن أجواء «أزمة السفير»، وما رافقها في ذلك اليوم الدبلوماسي الطويل في 13 كانون الثاني الجاري. من غير المعروف ما إذا كانت واشنطن قد تدخّلت من خلف الكواليس لدى أحد الطرفين، أو لديهما معاً لتليين مواقفهما، إلّا أنّ الأكيد أنّ إدارة الرئيس باراك أوباما باتت تدرك أكثر من سلفها، أنّ تركيا لم تعد تابعاً، ولم يعد يفيد التعاطي معها على طريقة «كوني فكانت»، وذلك ليس منذ الأمس، بل منذ رفضت فتح أجوائها أمام القوّات المحتلة للعراق في 2003. حتى إنّ البعض أشار إلى أن أميركا ـــــ أوباما كانت سعيدة، ضمناً، برؤية إسرائيل تذعن، من المرات النادرة، لدولة أجنبية، وهو ما لم تفعله علناً حيال الولايات المتحدة.

 

وحتى لو كان بعض الأميركيين سعداء بوجود طرف قال لإسرائيل إنها لا يمكن أن تتصرف على هواها دوماً، إلّا أنّه ممّا لا شك فيه أنّ في واشنطن الكثير ممّن يقرأون التقارير التي تتحدث عن دعوات إقامة منطقة لا شرط لتأشيرات الدخول فيها باسم «شامغن» مثلاً (بدلاً من شنغن الأوروبية)، تبدأ من تركيا وتمر بروسيا وسوريا ولبنان وإيران، بكثير من القلق.