خبر أردوغان في مواجهة جديدة مع الإسرائيليين ..ياسر الزعاترة

الساعة 06:33 م|14 يناير 2010

أردوغان في مواجهة جديدة مع الإسرائيليين  ..ياسر الزعاترة

 

ما بين مسلسل "وادي الذئاب" المتهم بمعاداة السامية، ومن بعدها تصريحات أردوغان الناقدة للدولة العبرية وبين الرد الإسرائيلي المتغطرس، تدخل العلاقات التركية الإسرائيلية مرحلة جديدة من التوتر.

 

بعد جدل المسلسل جاءت تصريحات أردوغان على هامش لقائه مع رئيس الوزراء اللبناني، والتي وُصفت تصعيدا من طرفه ضد الإسرائيليين، وهي كذلك في واقع الحال، إذ طالب بـ "ضرورة ممارسة الضغط على "إسرائيل" لأنها تستمر في انتهاكاتها الجوية والبحرية". ووصل به الحال حد الدعوة إلى إصلاح في هيكلية الأمم المتحدة بسبب عدم تطبيق  الدولة العبرية "لأكثر من مئة قرار"صادر عن مجلس الأمن". موضحا أن "القرارات التي لم تطبقها قد تجاوزت مئة قرار، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة القيام بإصلاحات في الأمم المتحدة، لانه لا معنى لتلك القرارات ولا قيمة لها إذا كانت تتخذ ولا مجال لتطبيقها"، معلنا أن تركيا لن تصمت إزاء ذلك.

 

الرد الإسرائيلي لم يتأخر بدوره، فهنا ثمة دولة لا تبتلع الإهانة بسهولة، فكيف حين يكون وزير خارجيتها رجل يسوق نفسه على أنه الأكثر تشددا في الدفاع عن سمعة دولته وكبريائها (أعني المتطرف ليبرمان)، وتمثل الرد في لقاء مهين مع السفير التركي في تل أبيب أجراه نائبه داني أيالون، تلاه اعتذار (مكتوب) رفضه الأتراك رغم مجيئه بعد تهديد منهم بسحب السفير.

 

يأتي ذلك كله بعد مرحلة من الود تلت مرحلة من التوتر إثر الحرب على قطاع غزة، حيث عادت المياه إلى مجاريها بين الطرفين، وتجلى ذلك في زيارة استثنائية لوزير الصناعة بنيامين بن إليعيزر تم التعامل معه خلالها كزعيم دولة وليس مجرد وزير عادي، واستغلت في إبرام صفقات بدا معها أن الأمور عادت أفضل من السابق، وهو ما عكسته الصحافة الإسرائيلية بشكل لافت خلال الأسابيع الأخيرة. ثم جاءت الترتيبات المتعلقة بزيارة وزير الحرب الإسرائيلي باراك المقررة يوم الأحد (17/1)  لتؤكد التطور الإيجابي في العلاقات (الزيارة لم تعد مؤكدة بالطبع).

 

من الصعب الجزم بمآل الأزمة الجديدة، أعني من الناحية السياسية، لأن العلاقات التجارية بين الطرفين لم تتأثر عمليا بالأزمات السابقة، ولا يتوقع أن تتأثر بالأزمة الجديدة، لكن الواضح أن التشدد الإسرائيلي في رفض الوساطة التركية مع سوريا له علاقة بالتوتر الجديد، فضلا عن مجاملة أردوغان للشارع التركي الذي يشعر بعبء الغطرسة الإسرائيلية، الأمر الذي تبدى مرارا وتكرارا في الموقف من الفلسطينيين وحصار وضرب قطاع غزة على وجه التحديد. وقد كان ملحوظا حجم المشاركة التركية في قافلة شريان الحياة 3، لاسيما من طرف نواب الحزب الحاكم، ومتابعة أردوغان شخصيا ووزير خارجيته لحركة القافلة منذ مرورها بتركيا والاحتفال اللافت بها، وحتى دخولها القطاع.

 

في هذا السياق يشير الرد التركي على السلوك الإسرائيلي حيال السفير التركي في تل أبيب، يشير إلى أن أردوغان، وإن مضى في لغة تصعيد عينها على الشارع التركي الذي يعشق (بشتى أطيافه) هذا اللون من السلوك القوي لمسؤولي بلده، يبقى من الصعب عليه تجاهل تعقيدات العلاقة مع دولة هي الأكثر دلالا بين دول العالم، في ذات الوقت الذي تعدّ فيه مفتاح العلاقة، ليس مع واشنطن فحسب، وإنما مع أهم دول أوروبا، تحديدا ألمانيا وفرنسا، ومن ثم بريطانيا، والتي ستكون لها كلمة الفصل في قرار ضم تركيا للاتحاد الأوروبي.

 

من هنا تبدو حسابات أردوغان معقدة إلى حد كبير (بخاصة في ظل التخاذل العربي)، ولن تلبث أن تدفعه إلى تهدئة الموقف، لاسيما بعد الاعتذار الإسرائيلي الذي سيعتبره الأمريكان كافيا، تماما كما فعل في المرة السابقة، لكن عناصر التهدئة في الموقف عادة ما تكون أقل صخبا من عناوين التصعيد. وعموما لا ترى تل أبيب أن من مصلحتها خسارة حليف مهم في المنطقة، في وقت تركز نظرها على مواجهة المشروع النووي الإيراني، مع تسويق بضاعة نتنياهو السياسية التي لا خلاف على أنها صعبة التسويق إلى حد كبير.

 

بالنسبة للمواطن العربي والمسلم يبدو أردوغان بخطابه القوي حيال الدولة العبرية زعيما كاريزماتيا، فيما تمنحه خلفيته الإسلامية مزيدا من الشعبية، حتى لو أكد كل يوم أنه زعيم علماني يحرص على مصالح بلده وحضوره ودوره لا أكثر، في وقت يبيع عرب آخرون مصالح بلدانهم وشعوبهم من أجل مصالحهم كنخب حاكمة تسيطر على السلطة والثروة وتعمل بجد واجتهاد على توريثها للأبناء.