خبر مقعد منخفض؟ ديبلوماسية منخفضة .. معاريف

الساعة 10:43 ص|13 يناير 2010

بقلم: مناحيم بن

في الحقيقة تصرف داني ايلون بحماقة ما مع السفير التركي. لماذا يجري الأخذ بجميع انواع الاذلالات المادية المسفة، في حين نستطيع ان نستعمل كلمات شديدة جدا وأشد فاعلية؟ لماذا لا نُجلس السفير التركي باحترام تام وبهشاشة دبلوماسية في مقعد مريح مع علم تركيا يرفرف بفخر في اعلى، وان نقول له انه لا شيء عندنا عليه شخصيا، لكنه يوجد عندنا بيقين ما نقول في سلوك حكومته ورئيس حكومته المعادي للسامية اردوغان؟ كان يمكن ان نقول: "ما تزال تركيا لم تعترف بمسؤوليتها عن الكارثة الارمنية، وتركيا مسؤولة عن ذبح الاكراد وعن اضطهادهم القومي الشديد، وتركيا مسؤولة عن احتلال جزء من قبرص – أفتجرؤ مع هذا السجل على اتهام اسرائيل التي تدافع عن نفسها آلاف الهجمات الارهابية والصواريخ من غزة؟". هكذا كان يجب الحديث الى السفير التركي. وكان الصوت سيسمع في العالم وتتحول تركيا من متهمة الى متهَمة.

صحيح اذا ان جميع خبراء طأطأة الرأس وتلقي البصقات، وفيهم اصحاب مصالح اجنبية، مثل الدكتور الون ليئال، المدير العام السابق لوزارة الخارجية (وهو اليوم صاحب شركة تعمل في العلاقات التجارية المباشرة بتركيا)، يوصوننا بالصمت. لكنه لا يوجد اسوأ من هذا لان معنى ذلك ان اسرائيل مستعدة لقبول التهم المجنونة (من قتل الاولاد الى قصد القاء قنبلة ذرية على غزة لا تشتمل على غلاف غزة).

لهذا تجب اعادة تركيا الى خزانة عيوبها والعالم كله ينظر كي تثار من جديد في جدول العمل العالمي جميع جرائم تركيا في الانسانية. ليشغلوا انفسهم بجرائم تركيا لا بجرائم اسرائيل. فهذه هي تركيا نفسها المسؤولة على حسب رأي اكثر خبراء التاريخ عن كارثة الأرمن. وهي فضلا عن انها لم توافق قط على تحمل المسؤولية عن هذا الشأن الفظيع، فرضت قطيعة وعقوبات على كل من تجرأ على تذكيرها بإثمها الثقيل.

وماذا في شأن قبرص مثلا؟ لقد غزت تركيا قبرص، واحتلت الجزء التركي منها، وهي اقامت فيه دولة رعاية تركية لا تعترف بها أي دولة في العالم. فهل تجرؤ تركيا اذا على معابة "الاحتلال الاسرائيلي"؟ وماذا في شأن جرائم تركيا في الاكراد؟ ليس الحديث عن جرائم حرب وقتل مدنيين وسجن في ظروف تعذيب وما أشبه فقط، بل عن جرائم اضطهاد قومي من اكثرها شدة تشتمل على حظر مجنون لدراسة اللغة الكردية.

لا يقل عن ذلك خطرا كف الامكان غير المحتمل لان تعود تركيا الى مقام "الوسيطة النزيهة" بيننا وبين السوريين، كما يقترح براك وبن اليعيزر بجدية تامة. لكنه من الواضح كيف ستعمل تركيا اذا اصبحت وسيطة: فهي ستقوم بكل شيء تستطيعه لنقل قطعة الجبن المسماة هضبة الجولان لتعيدها الى الفم السوري. من هنا ينبع في الحقيقة القضية كلها. فتركيا تدرك انها أبعدت نفسها عن امكانية الوساطة، ولهذا فهي غاضبة وخائبة الأمل وتحاول تهديد اسرائيل. من المهم جدا اذا أن نبين لها الباب. لها وللسفير التركي اذا وجدت حاجة لذلك.

كذلك يجب ان نقول لاردوغان وللشعب التركي: اذا كنتم تحسدون ايران واحمدي نجاد، واذا كانت تركيا تريد ان تخون تراث اتاتورك العلماني العظيم وان تنضم الى الاسلام المعادي لاسرائيل الاشد ظلامية، فستحول نفسها الى جزء من محور الشر العالمي. وهي ليست بعيدة عنه. وقد يرد الكونغرس الامريكي والاتحاد الاوروبي (وربما الجيش التركي المسؤول بحسب الدستور التركي عن الحفاظ على تراث اتاتورك العلماني) بحسب ذلك. يحسن ان يسمع الشعب التركي ايضا.