خبر بفضل الضغط الأمريكي.. معاريف

الساعة 10:48 ص|12 يناير 2010

بقلم: بن - درور يميني

استعمال الضغط أمر مشروع. فكل لقاء لرئيس دولة في العالم، اذا استثنينا مكرونزيا، هو لقاء فيه مستوى ما من الضغط، حتى لو سمينا ذلك تبادل آراء. يعتقد اكثر العالم مثلا ان اسرائيل يجب ان تكف بناء المستوطنات. يجب ان نذكر بأن هذا هو الموقف التقليدي لكل ادارة امريكية.

وهكذا لا يوجد اي سبب للانفعال بسبب "الضغط الامريكي" على اسرائيل. فهو جزء من اللعبة. صحيح ان الولايات المتحدة صديقة وحليفة. لكنها صداقة معلقة بأمر. توجد للقيم المشتركة اهمية لكن توجد مصالح ايضا. وبهذا لا يدل تهديد جورج ميتشيل بتعليق الضمانات على اي شيء جديد واشك ايضا في ان يكون الحديث عن تهديد.

القضية هي انه كلما وجدت "جماعة دولية" ترأسها الولايات المتحدة فانها تعلم جيدا ما هي خطوط التسوية. ليس مهما كيف يدار العجل، ففي  نهاية الامر سيتوصلون الى صيغة كلينتون في نهاية سنة 2000: الانسحاب الى خطوط 67 مع تعديلات حدودية تمكن من ابقاء الكتل الاستيطانية، وتقسيم القدس على اساس سكاني – الاحياء اليهودية لليهود، والاحياء العربية للجانب الفلسطيني؛ وتبادل أراض. لا توجد وصفة اخرى.

بيد انه لا  يوجد اي احتمال لتحقق هذه التسوية. وذلك لان العالم قد نسي ان التانغو تحتاج الى شريكين. لا الجانب الاسرائيلي فقط بل الجانب الفلسطيني ايضا. منذ استيقاظ المسيرة السلمية بمبادرة اوسلو جرى على الجانبين تغيير مفرط. فمن رفض دولة فلسطينية والانسحاب، تبنت اسرائيل موقفا يعترف بدولة فلسطينية تلاصق الخط الاخضر تقريبا. وجرى على الفلسطينيين مسار معاكس. من اعتراف بدولة اسرائيل، كدولة يهودية ايضا، انتقل الفلسطينيون الى الرفض الشامل مع اقامة عقبات جديدة في وجه التسوية.

في 1995 مثلا، تمت صياغة اتفاق بيلين – ابو مازن. يشتمل الاتفاق على المبدأين الآتيين وهما: ان تبقى القدس عاصمة موحدة وان تنشأ في منطقة أبو ديس العاصمة الفلسطينية؛ وان تظل الكتل الاستيطانية تحت السيادة الاسرائيلية؛ وان يكون حل مشكلة اللاجئن في أساسه داخل الدولة الفلسطينية والدول العربية، مع اقامة جهاز تعويض دولي؛ وان تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح. وهذا ما تم ايضا في اتفاق جنيف الذي يرفض العودة الجماعية ويعترف باسرائيل على انها دولة يهودية.

لا حاجة للموافقة على كل مادة في تلك الاتفاقات لنعلم ان شيئا ما قد تغير. لقد عاد ابو مازن الى ايام منظمة التحرير الفلسطينية السيئة. فلم يعد يوافق على دولة يهودية. وهو يطلب تجميدا تاما للبناء في المناطق التي كان يفترض ان تظل داخل  اسرائيل، وهو يقيم في الاساس أكبر العقبات ألا وهي العودة الجماعية. اي ان العقدين الاخيرين سببا مرونة اسرائيلية وتشددا فلسطينيا. صحيح انه قد كان هنالك ايضا توسع لمشروع الاستيطان. بيد ان اكثر التوسع كان في الكتل الاستيطانية. وهكذا فان هذا التوسع او اكثره على الاقل، لا يفترض ان يؤثر في اتفاقات قديمة انتجها الفرع الحمائمي من الجمهور الاسرائيلي.

لنفرض ان الجماعة الدولية عمياء. اسرائيل بالقياس اليها مذنبة بأنه لا يوجد اتفاق. يجب على اسرائيل فقط ان تحتمل ضغوطا وان تعرض تنازلات اخرى. وهذا هو التوجه الامريكي في واقع الامر على نحو عجيب شيئا ما. لنعد ولنقل انه لا بأس باستعمال ضغوط على اسرائيل. لكن اين توجد الولايات المتحدة بالضبط عندما يكون الحديث عن مواقف ابي مازن الرافضة؟ أين الطلب السابق الى أبي مازن ان ينزل عن طلب العودة الجماعية؟ لانه لا توجد حكومة اسرائيلية سليمة العقل حتى لو كانت برئاسة يوسي بيلين، تستجيب طلبا كهذا. أفتكون الادارة الامريكية عمياء عن رفض أبي مازن ايضا؟

حان وقت ان تدرك الجماعة الدولية عامة، والادارة الامريكية خاصة انه يحتاج الى عرض شروط سابقة على الطرفين. اذا أتى الفلسطينيون بمطالب أكل عليها الدهر  وشرب هل العودة الفلسطينية الى داخل اسرائيل فلا داعي لبدء التفاوض. يجب على التسوية، كل تسوية ان تمكن من دولتين للشعبين لا دولتين لشعب واحد.