خبر حركة نشطة للتجار والعمال والشاحنات بين الرفحين.. وحكومة حماس تحذر

الساعة 06:55 ص|12 يناير 2010

فلسطين اليوم-غزة

لا يزال الصوت المزعج للرافعات التي تستخدم في جلب البضائع المهربة من مصر الى غزة عبر الانفاق الارضية يسمع في منطقة الحدود، وسط خشية السكان المحاصرين من انحسار هذه العمليات، بعد ان ادى 'الجدار الفولاذي' الذي تقيمه مصر على طول حدودها مع القطاع الى هدم عدد من هذه الانفاق.

وبالإمكان عند الوجود في مناطق التخوم الحدودية بين مدينتي رفح الفلسطينية، ورفح المصرية، مشاهدة حفار ضخم، تتبعه رافعة لا تقل حجما عنه، تستخدمهما السلطات المصرية في تشييد جدار فولاذي مغروس في عمق يقال انه يصل الى 20 مترا تحت الارض، على طول حدودها مع غزة، وكذلك يمكن رؤية عمال فلسطينيين وهم يضاعفون جهودهم بإدخال سلع مهربة عبر الانفاق قبل انهيارها.

ولم يغير 'الجدار الفولاذي' لغاية اللحظة في حجم وشكل المواد المهربة الى قطاع غزة المحاصر، خلافا لما اشيع، وذلك بحسب ما اكده عدد من المهربين.

ولاحظت صحيفة القدس التي تجولت في مناطق الشريط الحدودي الفاصلة بين مدينة رفح اقصى جنوب القطاع والاراضي المصرية، استمرار حركة الشاحنات التي تقل مواد مهربة يجري جلبها من الانفاق الى اسواق قطاع غزة، وعلت فور وصول المنطقة اصوات محركات كهربية، تساهم في جر السلع من الانفاق المقامة على شكل ممرات ارضية ضيقة.

ولوحظ ان معظم عمليات التهريب في هذا الوقت تتركز في ادخال مواد البناء والتشييد مثل الاسمنت والحديد الصلب، واشياء اخرى، اضافة الى اطارات السيارات، وهي اصناف من قائمة طويلة جدا تمنع اسرائيل ادخالها الى غزة منذ فرضها للحصار قبل عامين ونصف العام.

ويقول ابو حسام، وهي كنية لأحد اصحاب الانفاق ان العمل لغاية اللحظة في تهريب السلع لغزة لا يزال على ما هو عليه، وان الجدار الذي تغرسه مصر على طول حدودها مع غزة، لم يؤثر عليهم بعد، لكن ذلك لم يمنع هذا الرجل الذي كان منشغلا في تهريب مواد بناء ودهان، من ابداء تخوف شديد من حدوث انهيارات او اغلاقات قسرية للانفاق في الوقت القادم.

ويقول ان معظم انفاق التهريب انشئت بعمق يتراوح ما بين 10 الى 15 مترا تحت الارض، رابطا ذلك بعمق 'الجدار الفولاذي'، الذي يقول ان استكمال تشييده بمراحله النهائية سيقضي على عدد كبير من الانفاق، بينها سيكون نفق التهريب الذي يملكه.

وفي منطقة 'حي السلام' اكد سالم وهو رجل في الاربعينات ان نفق التهريب الذي يملكه اغلق منذ ايام، عقب اعتراضه من المنتصف بقطعة فولاذية من الجدار.

وهناك من يرى ان الجدار لن يدمر شبكات الانفاق بالكامل، على اعتبار ان مصر التي تعلم جيدا بمكان الانفاق تحاول ان توازن بين ضغوط امريكا واسرائيل، وبين مكانتها كوسيط له علاقات مع حركة حماس المسيطرة على غزة.

وفي هذا الشأن قال تجار انهم لا يعتقدون ان هناك قرارا رسميا مصريا بانهاء عمليات التهريب عبر الانفاق، معتبرين ان مصر لديها خطوات اخرى لمنع دخول البضائع لغزة، حتى قبل وصولها الى مناطق الحدود.

وقال احدهم ممن يستقدم اجهزة الكترونية ان السلطات المصرية اوقفت عدة شاحنات عند 'كوبري السلام'، المقام فوق قناة السلام، وهي في طريقها للدخول للقطاع، لكنه توقع ان تدخل الشحنة خلال ايام.

وتشبه منطقة الانفاق الممتدة على طول الحدود بين مدينتي رفح الفلسطينية والمصرية وقت الذروة، ميناء تجاريا صغيرا، حيث تشهد حركة نشطة للتجار والعمال والشاحنات.

ويعتمد السكان المحاصرون في غزة وعددهم 1.5 مليون نسمة على الوقود والمواد الخام المهربة من مصر بشكل كبير كونها ممنوعة من الدخول من المعابر التجارية بسبب الحصار.

وتنتقد حركة حماس المسيطرة على غزة بناء الجدار، وتؤكد انه سيزيد من حالة الحصار الذي يعيشه السكان في غزة، ونظمت بذلك احتجاجات على الحدود، لكن مصر قللت من اهمية عمليات الحفر التي تمتد لـ 14 كيلومترا لبناء الجدار.

واذا ما ادى الجدار الفولاذي الى اغلاق الانفاق، فان قائمة كبيرة من السلع المهربة ستختفي من اسواق غزة، ما يعني ان معاناة الغزيين ستتضاعف.

ويؤكد حاتم عويضة المسؤول في وزارة الاقتصاد التابعة للحكومة غزة التي تديرها حماس في غزة ان ما تسمح اسرائيل بإدخاله للقطاع منذ فرض الحصار تتراوح نسبته ما بين 20 الى 25 بالمئة من حجم السلع والمواد التي كانت تتدفق قبل الحصار، لافتا الى انه يتم الآن استعاضة نسبة من هذا العجز من خلال الانفاق.

وقال عويضة ان هناك مخاوف من فقدان أصناف غذائية وسلع اخرى بسبب الجدار الفولاذي، ويتوقع ان تشهد اسواق القطاع عجزا كبيرا في عدد كبير من السلع على المدى القريب.

وفي هذه الايام التي تشهد استمرار تدفق البضائع المهربة للقطاع، التي كان اخرها الفاكهة المصرية، من حمضيات وثمار الاناناس، يلاحظ ان حركة الانشاءات الصغيرة في غزة، مثل اعمال تشطيب المباني السكنية والشقق، شهدت زيادة ملحوظة، بعد ان طرأ انخفاض كبير في سعر الاسمنت المهرب من الانفاق.

ويشاهد بشكل يومي عبور شاحنات تحمل كميات من الاسمنت، ويقول تجار ان مواد البناء اصبحت تجارة رابحة الآن، وبالمثل كذلك فان حركة ادخال الوقود لم يطرأ عليها اي تغيير، وتزود يوميا شاحنات تقل هذا الصنف محطات الوقود، قادمة من منطقة الانفاق.

ولوحظ مؤخرا ان هناك عمليات تهريب للرخام، المستخدم في الانشاءات خاصة تشطيب المطابخ، حيث يتم تهريبه بطرق خاصة خشية من تلفه، بعد ان يقطع الى الواح صغيرة.

يشار الى ان العمل في قطاع الانشاءات والمباني متوقف منذ فرض اسرائيل حصارها على القطاع، الذي يمنع بموجبه ادخال اي من المواد الخام، الامر الذي ادى الى ارتفاع نسب البطالة والفقر، وتشير احصائيات دولية الى ان نسبة الفقر بلغت نحو 80 بالمئة، في حين فاقت البطالة نسبة الـ65 بالمئة، بسبب آثار الحصار.

وكانت اسعار السلع مع بداية العمل في الجدار الفولاذي شهدت ارتفاعا في اسواق غزة، خاصة الاسمنت والوقود، وبعض المستلزمات الاساسية، من مواد خام، لكن سرعان ما عادت الاسعار الى ما كانت عليه وسجل الاسمنت انخفاضا، وهو ما مكن عددا من العمال الى العودة مجددا لمزاولة اعمال لها علاقة بالانشاءات البسيطة.

لكن اي عمليات تضييق اضافية على الانفاق، من شأنها ان تؤدي الى خنق قطاع غزة بالكامل، مما سيؤثر على مجمل حياة السكان.

وبحسب تجار وعاملين في حقل التهريب فانه جرى تشييد نحو ثلاثة آلاف نفق منذ تشديد الحصار، لكن العدد تقلص الى نحو النصف، بعد ان تعرض المئات منها الى غارات اسرائيلية خلال الحرب الاخيرة.