خبر زحالقة: الوفاء لدماء الشهداء../ مصطفى إبراهيم*

الساعة 12:01 م|09 يناير 2010

زحالقة: الوفاء لدماء الشهداء مصطفى إبراهيم*

 

* كاتب فلسطيني - غزة 

 

الدكتور جمال زحالقة كان يدرك أن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ميني مزوز سيرد الدعوى التي تقدمت بها منظمات إسرائيلية يمينية منها، "الحركة من أجل جودة السلطة في إسرائيل"، وقبل أن تتقدم تلك الحركة بالدعوى وفي تعقيبه لموقع عــ48ـرب على الموضوع قال: " لن يجرؤوا على ذلك، لن يجرؤوا على التحقيق في هذه القضية لأنهم يعرفون جيداً أن لدينا إثباتات دامغة عن قتل الأطفال في غزة، وعن مسؤولية القيادة الإسرائيلية، وبالأخص وزير الأمن الإسرائيلي، إيهود باراك".

 

وأضاف: " أتمنى أن يقوموا بالتحقيق في هذا الموضوع لأن هذا سيشكل فرصة لطرح قضية قتل الأطفال والمدنيين في غزة، سنتحدث عن حيثيات قتلهم واحداً، واحداً، طفلاً طفلاً، وبالاسم وبالمكان والزمان، مهما فعلوا فإننا ماضون في فضح الجريمة وملاحقة المجرمين، هم لن يحققوا لأنهم يخافون الحقيقة".

 

الدعوى التي تقدمت بها عدة منظمات إسرائيلية طالبت فيها بتقديم الدكتور جمال زحالقة للتحقيق والمحاكمة بتهمة التحريض وتعريض حياة وزير الأمن الإسرائيلي إيهود باراك للخطر في أعقاب تصريحاته الأسبوع الماضي أثناء استضافته على البرنامج التلفزيوني مساء جديد مع الصحافي الإسرائيلي دان مرغليت والذي اتهم خلاله زحالقة باراك خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بأنه "يقتل الأطفال في غزة ويستمع للموسيقى الكلاسيكية".

 

مزوز رد الدعوى لكنه وصف تصريحات زحالقة بأنها "سافرة وغير لائقة ومثيرة للغضب"، وأضاف: "إن هذا الموضوع يجب أن يعالج على مستوى النقاش في الرأي العام وفي المحكمة التأديبية في الكنيست". وهو أغلق الباب أمام المحاكمة، لكنه ترك الباب مفتوحا للنقاش في الرأي العام والمحاكمة الانضباطية في الكنيست والتحريض على زحالقة من خلال وصفه تصريحات زحالقة بالسافرة وغير اللائقة والمثيرة للغضب، وهو وصف سياسي وغير قانوني وهو يمارس نفس الدور التحريضي الذي يمارسه أركان الدولة العبرية والحكومة وصحافيي البلاط الذين تجندوا للتحريض على قتل الفلسطينيين قبل العدوان وإثناءه وها هم يمارسون التحريض ضد ممثلي العرب الفلسطينيين المنتخبين في الكنيست الإسرائيلي.

 

النائب جمال زحالقة كان يتمنى أن يحاكموه لأنه يدرك أن محاكمته ستكون محاكمة لإسرائيل وفضح لجرائمها في غزة وهو يدرك أن العاصفة التي أثيرت حول اللقاء التلفزيوني وتصريحاته هي شيء مهم لطرح موضوع جرائم الحرب، وملاحقة مجرمي الحرب وعلى رأسهم باراك، وفاءً لدماء الشهداء.

 

دولة الاحتلال لا تريد من يفتح جرائم الحرب من الداخل لأن ذلك سيشكل فضيحة كبيرة لها ولجرائمها في غزة والتي تعمل كل ما في وسعها لطمسها وإخفائها لا طرحها مجدداً.

 

الفلسطينيون في فلسطين التاريخية "عرب 48" تركوا لمصيرهم وحدهم.. تركوا يجابهون، ويتصدون للقوانين العنصرية الصهيونية التي تعمل على تجريدهم من عروبتهم وقوميتهم، وتركوا يدافعون عن مصيرهم في مواجهة التهويد وطمس قوميتهم العربية الفلسطينية، وهم من تصدى لما يسمى قانون النكبة لمنع إحياء ذكراها والاتهام الموجه لهم من قبل دولة الاحتلال بأنهم يقوضون الطابع اليهودي للدولة، وهم من يتصدى ليهودية الدولة والولاء لها، والطابع العنصري لدولة الاحتلال.

 

إن سلسلة الإجراءات والقوانين التي استهدفت ولا تزال الوجود العربي الفلسطيني، تصب في الهروب من استحقاق حقوق المواطنة والحريات والحقوق المدنية التي يناضل عرب 48 من أجل الحصول عليها كحقوق أساسية وشرعية، وإن ما جرى مع النائب جمال زحالقة هو امتداد لحملة الإقصاء وعدم قبول الآخر وعدم الاعتراف بحقوق عرب 48.

 

إن ما يغيظ دولة الاحتلال هو تعاظم الوعي الوطني والقومي وبقضيتهم الوطنية وعروبتهم، والدفاع عن قضاياهم والنضال من اجل الحصول عليها، والتصدي للمشاريع العنصرية لدولة الاحتلال، وذلك التضامن القومي والوطني من قبل عرب 48 مع أشقائهم الفلسطينيين في قطاع غزة والدفاع عن حقهم في العيش بحرية وكرامة، والمظاهرات الجماهيرية والاعتصامات وحملات التضامن التي خرجوا بها أثناء العدوان الهمجي على القطاع لنصرة أهل غزة، ومشاركتهم في الدفاع عن القدس وعملية التهويد التي تتعرض لها المدينة.

 

في الذكرى السنوية الأولى للعدوان ومع استمرار التحريض ضد الفلسطينيين، التحية الكل التحية للنائب العربي الفلسطيني جمال زحالقة ولكل أولئك الفلسطينيين من الجزء الغالي من فلسطين عرب 48، والذين لم يتوقفوا دقيقة واحدة عن الاحتجاج والتظاهر والتضامن أثناء العدوان، وما التحريض الإعلامي ضد زحالقة ما هو إلا لفضحه للجرائم الإسرائيلية التي ارتكبتها دولة الاحتلال وكما قال: "ملاحقة مجرمي الحرب وعلى رأسهم باراك، وفي ذلك وفاء لدماء الشهداء ومساهمة في العمل لمعاقبة المجرمين ومنع تكرار الجريمة".