خبر غائم.. هآرتس

الساعة 12:44 م|07 يناير 2010

بقلم: أري شافيت

اتخذ المستثمرون في البورصة قرارا استراتيجيا هو ان الامر سيكون على ما يرام. كذلك مشترو الشقق في الابراج الفخمة. عندما ترتفع البورصة بنسبة 33 في المائة في نصف سنة، وعندما يبلغ سعر المتر المربع الواحد في جادة روتشيلد في تل ابيب 20 الف دولار، وعندما يزدحم الجمهور في مطاعم تل ابيب في ليل رأس  السنة، يكون واضحا ما هو المزاج العام. فالمزاج متفائل لا كما كان في بدء 2009. سيكون الامر على ما يرام.

تنبع الغبطة من الشعور بالتخفف. فبخلاف  التنبؤات السوداء، لم تحدث كارثة اقتصادية عالمية. لا يبدو الان للناظر لا نهاية عالم اقتصادية ولا نهاية عالم سياسية. كذلك تزيد التهدئة الامنية زيادتها. فقد قتل في الـ 11 شهرا الاخيرة مواطن اسرائيلي واحد داخل الخط الاخضر نتاج عمل ارهابي. الحدود الشمالية هادئة، والحدود الجنوبية هادئة، ولا توجد حرب في الافق. والاقتصاد ينمو حتى تحت حكومة بنيامين نتنياهو غير المهندمة.

لكننا عندما نرفع رؤوسنا من ضجيج الحفل ونمسك منظارا نرى ركاما من السحاب. باكستان بعيدة لكن باكستان قريبة الصلة. وباكستان مرتجفة. وافغانستان بعيدة لكن لافغانستان تأثيرات محلية حقيقية. وافغانستان في ازمات. والعراق يقترب من لحظة الحسم لخروج القوات الامريكية.  ومصر تقترب من نهاية عصر مبارك. في اليمن القاعدة وفي لبنان حزب الله. وتركيا تلعب بالنار.

لكن المشكلة اكثر تركيزا. ففي السنين الثلاث الاخيرة مع عدم رؤية احد ضعف الامن القومي الاسرائيلي من ثلاثة جوانب مختلفة.

•جانب ايران: في 2007 كان لايران القليل فقط من آلاف الطرد المركزية العاملة. وفي 2008 زاد عددها لكن جدواها كانت محدودة. وفي بدء 2010 اصبح عند ايران 8 آلاف آلة طرد مركزي، منها 4 آلاف تعمل على نحو جيد. لا يعني الامر نهاية العالم الان، لكنه يعني ان اسرائيل لم تنجح في منع ايران من دخول مجال الامد الذري. تستطيع ايران وهي تملك في مخازنها 1800 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب ان تركب قنبلة ذرية في خلال سنة.

•جانب الصواريخ: في 2006 كان عند حزب الله نحو من 15 الف صاروخ كان مدى اكثرها بضع عشرات من الكيلومترات. واصبح عنده في 2010 نحو من 40 الف صاروخ مدى جزء منها يبلغ مئات الكيلومترات. لن تكون المواجهة المقبلة مع نصر الله مواجهة بين جنوب لبنان وشمال اسرائيل، بل بين عمق لبنان وعمق  اسرائيل. ان اطالة المدى، وزيادة قوة النار وتحسين دقة صواريخ حزب الله غير الوضع الاستراتيجي تغييرا جوهريا. وعندما نزيد على المعادلة صواريخ حماس، وصواريخ سورية وصواريخ ايران الجديدة، نحصل على صورة وضع مقلقة. فلم تكن الجبهة الاسرائيلية الداخلية منذ 1948 مهددة كما هي مهددة الان.

•جانب الشرعية: في 2006 وفي اواخر 2008 ايضا كشفت الجماعة الدولية عن صبر مفرط على اجراءات اسرائيل التي استعملت فيها القوة. في 2009 حدث انقلاب. ففي رد متأخر على عملية "الرصاص المصبوب" ضاق العالم ذرعا باسرائيل. واصبح الان لا يكشف عن شيء من الصبر على اي استعمال اسرائيلي للقوة. نتاج ذلك لم يعد واضحا حتى في الاماكن التي تملك فيها اسرائيل تفوقا عسكريا ما مبلغ استطاعتها التعبير عن قوتها. ان الهجوم على حق اسرائيل في الدفاع عن النفس اضر اضرارا حقيقيا بالردع والامن والاستقرار.

معنى الامور واضح: فمن جهة يجب على اسرائيل ان تستعد بجد لامكان ان يفرض عليها جولة قتال اخرى. ومن جهة ثانية يجب عليها ان تقوم بكل ما تقدر عليه لمنع اشتعال الوضع. من هذه الجهة فان محاولة تجديد التفاوض مع محمود عباس مباركة. لكنها غير كافية لان تجربة الماضي تدل على ان من المشكوك فيه كثيرا ان يمكن التوصل مع عباس الى نتيجة واضحة. في مقابلة ذلك محاولة تحريك المسار السوري من جديد حيوية. ان انهاء النزاع بين القدس ودمشق هو العمل السياسي الوحيد الذي يستطيع ان يرد ردا حقيقيا على الاتجاهات الاقليمية السلبية التي تحاصر اسرائيل. ان سلام اسرائيليا – سوريا فقط يستطيع احداث تحول استراتيجي ايجابي فوري في الشرق الاوسط.

هل هو ممكن؟ ليس واضحا. فلبشار الاسد حياة مزدوجة. فهو يتجه في النهار الى الغرب ويلعب في الليل العابا محظورة مع الشرق. وهو يشير بعين بالسلام وبالعين الاخرى يغمز الارهاب. لا توجد وكالة استخبارية تستطيع التنبؤ بما سيختاره اخر الامر عندما يضطر الى الاختيار. لكن عندما يبدو الافق كما يبدو فمن الواجب المحاولة.