خبر خطر في منطقة حساسة.. هآرتس

الساعة 12:42 م|07 يناير 2010

بقلم: يوسي ميلمان

بلغ الى علم وكالة الاستخبارات الامريكية قبل نحو من سنتين ان مخربة ستخفي نحوا من نصف كيلوغرام من مادة متفجرة في عضوها الجنسي تنوي ركوب طائرة من لندن او باريس الى واشنطن. عطلت الرحلات الجوية في هذين الخطين مدة اسبوع. يستعمل مهربو المخدرات هذه الطريقة. فالرجال يهربون المخدرات في فتحة الشرج او المعدة. أدرك خبراء وشركات أمن طيران قبل عدة سنين ان طرق الاتجار بالمخدرات يمكن ان تستعملها المنظمات الارهابية ايضا.

ومع ذلك كله نجح عمر فاروق عبد المطلب النيجيري في ان يستقل قبل نحو من اسبوعين طائرة شركة "دلتا – نورثويست" من مطار سكيبول في امستردام الى دوترويد. اخفى هو ايضا حول عضوه الجنسي مواد خطرة مخصصة للاشتعال وتفجير الطائرة.

من المعلوم للجهات الامنية في الطيران الدولي، ان المناطق الحساسة في جسم المسافرين هي نقط ضعف التفتيش الامني. ان آلات التصوير بالاشعة، والكاشفات عن المعادن بل التفتيش الجسماني السطحي لا تستطيع كشف المخبأ هناك. الان بعد "معجزة عيد الميلاد" في الرحلة الجوية الى دوترويد (منع خلل تقني في استعمال المواد الكارثة)، يزنون في شركات طيران كثيرة ادخال آلة التصوير بالاشعة الجديدة التي "ستعري" المسافرين. بيد ان آلة كهذه ايضا لم تكن لتنجح في العثور على ما أخفاه الطالب النيجيري الشاب.

الالات الجديدة مخصصة للكشف عن تغير ما فوق الجلد، عن شيء ملصق بالجسم وبارز عنه. لكن ما فعله فاروق كان بسيطا ومحكما معا. لم تكن المواد ملتصقة بجسمه. فقد ادخلت فيما يشبه بطينا مزدوجا في ملابسه الداخلية، وازدادت ثخانة بنحو نصف سنتيمتر بسبب ذلك. ما كانت أي آلة تصوير بالاشعة لتكشف ذلك الا التفتيش المتحسس.

في واقع الامر، محاولة فاروق اخفاء المواد على جسمه تكرار يكاد يكون دقيقا لعمل مخربين آخرين. فقبل عدة اشهر اخفى ارهابي يمني مادة متفجرة في فتحة شرجه وفجر نفسه عندما اقترح من نائب وزير الداخلية السعودي. وفي تشرين الثاني 2001 ركب البريطاني ريتشارد ريد طائرة من باريس الى ميامي. حمل ريد وفاروق بعده بثماني سنين، فوق جسميهما نفس المواد بالضبط: تاتب وبتن. هاتان مادتان سهلتا الاعداد وحساستان حساسية خاصة بتغيرات الطقس والاهتزاز والاحتكاك. في التسعينيات استعملهما منتحرو حماس والجهاد الاسلامي. ليست اي واحدة من المادتين خطرة على حدى لكن خلطهما (ولا حاجة الى التفجير) فتاك. فهما تشتعلان وتنفجران. اخفى ريد المادتين في حذائه وحاول استعمالهما بثقاب اخفاه في جوربه لكنهما لم تشتعلا لانهما كانتا رطبتين. حاول فارق خلطهما بمحقن كان في متاعه.

بعقب القضية تم الكشف عن علاقة فاروق بنشطاء  الجهاد العالمي في اليمن. لقد مكث حقا زمنا ما في اليمن ويبدو انه تأثر هنالك بالخطباء المتدينين المتطرفين. لكن غانا هي دولة رئيسة لا تقل اهمية. وقد اصبحت وكالة الاستخبارات الامريكية تركز جهودها هناك ايضا.

بحسب معلومات بلغت صحيفة "هآرتس"، يبدو ان فاروقا وصل غانا قبل ان خرج في مهمته الفتاكة ببضعة اسابيع. سلمه مستعملوه هناك اللباس الداخلي والمادتين ومالا عينا ايضا. وهو المال الذي استعمله في اكرا عاصمة غانا لشراء تذكرة طيران الى لاغوس ومنها الى امستردام وديترويد. دفع لقاء ذلك 2800 دولار اي ما يقرب من ثلاثة اضعاف تذكرة عادية.

توجد من اكرا رحلة مباشرة لدلتا الى نيويورك، لكن المخرب لم يستعملها. التقدير هو ان مستعمليه جمعوا معلومات وتبين لهم ان الترتيبات الامنية لدلتا في اكرا جيدة وان احتمال ان يضبط كبير. لهذا اختيرت رحلة شركة الطيران "نيجيريا ايغل اير لاينز" الى لاغوس، حيث مكث فاروق في معبر المطار نحوا من ساعتين، وعندها ركب الطائرة الى امستردام. كان يستطيع ايضا ان يرحل مباشرة من لاغوس الى الولايات المتحدة لكنه يبدو ان مستعمليه قرروا هذه المرة ايضا ان خطر ان يضبط كبير جدا.

ان حصر العناية في البحث عن اخفاقات استخبارية مهمة. بل ان الرئيس براك اوباما عاب اخفاق الجماعة الاستخبارية في القضية.

الاسئلة التي تثور الان هي: كيف حصل فاروق على فيزا الى الولايات المتحدة، ولماذا لم يؤخذ بجدية التحذير الذي نقله والده الى سفارة الولايات المتحدة في لاغوس ان ابنه زاد مواقفه تطرفا، ومعلومات بلغت من الاستخبارات البريطانية. لكنه قد فات النظر جانب مهم آخر في القضية هو ان الاخفاق كان في الاساس لجهاز أمن المطار في امستردام ولشركة "دلتا – نورثويست". حتى لو فشلت الاستخبارات كان الامن يستطيع العثور على المخرب.

يبدو ان ضعف الامن هو سبب اختيار مستعملي فاروق شركة دلتا – نورثويست وامستردام. اصبح اكثر شركات الطيران الامريكية تستعمل في اكثر رحلاتها الدولية طريقة التفتيش بحسب نظرية الشاباك – نظرية الوجه العام: اي تعرف مخرب محتمل بحسب تعريفات سابقة (المنشأ، والسن، والجنس وهدف الرحلة وغير ذلك). بل ان بعضا منها يستعمل اسرائيليين او اسرائيليين سابقا. تشتمل الطريقة على استجواب متشدد يحاول تحديد مخرب محتمل بحسب علامات شاهدة ايضا.

كان لفاروق الكثير مثل هذه. فهو شاب مسلم، اشترى تذكرة غالية في  اللحظة الاخيرة ودفع  نقدا، وطار الى الولايات المتحدة مع حقيبة يدوية فقط. لم يرحل رحلة مباشرة الى هدفين بل فضل رحلة مع محطتين وسطيين. ولم يستخرج التأشيرة للولايات المتحدة في دولة المنشأ بل في لندن. كل اولئك كان يجب ان يجعله مشتبها فيه لكن المفتشين مكنوه من استقلال الطائرة.

مما يزيد الامر حرجا، ان الشركة التي تقدم خدمات الامن في امستردام لطائرات دلتا – نورثويست هي شركة ISEC أسسها اسرائيليون وبرغم ان مالكها ليس اسرائيليا اليوم فان مديرها، رام لينغر، اسرائيلي.