خبر تغيير استراتيجي في الردع.. هآرتس

الساعة 12:42 م|07 يناير 2010

بقلم: عاموس هرئيل

سجلت "رفائيل" (شركة تطوير الوسائل القتالية) أمس رقما قياسيا عالميا. من الصعب التصديق بأنه يوجد مكان اخر في العالم تصبح فيه منظومة تكنولوجية على هذا التعقيد، مثل "قبة حديدية" لاعتراض المقذوفات الصاروخية، في غضون نحو سنتين ونصف السنة، من فكرة على الورق الى سلاح شبه عملياتي. نتيجة سلسلة التجارب التي اجريت في الايام الاخيرة في ميدان التجارب في النقب فاقت التوقعات المسبقة: "قبة حديدية" سجلت نجاحا في اعتراض عدة صليات من الصواريخ الواحدة تلو الاخرى، بل وعرفت كيف تعثر على أي الصواريخ التي ينبغي لها ان تطاردها (لان حساب المسار دل على خطر سقوط في منطقة اسرائيلية مأهولة). لاول مرة جرى التدرب على كل عناصر المنظومة معا. مرحلة التطوير تقترب الان من نهايتها.

بالنسبة لوزير الدفاع ايهود باراك والمدير العام المنصرف لوزارته بنحاس بوخارس، اللذين دفعا المشروع الى الامام فان هذا بالتأكيد سبب للفخار والرضا؛ في ضوء الانجاز التكنولوجي، السرعة والتفاني الذي تحقق فيها. أساس الحظوة تعود الى رجال "رفائيل" الذين عملوا على مدار الساعة كي يفوا بالجدول الزمني الكثيف الذي تعهدوا به. مدير عام الشركة، يديدا يعاري، قال أمس ان النتائج تعود "اولا وقبل كل شيء الى العاملين في المشروع الذين يقضون الليلة والنهار كي يفوا بالتزامهم تجاه شعب  اسرائيل".

في هذه الحالة النادرة، وعلى أمل ان تطرح المنظومة بالفعل في الزمن الحقيقي ذات المستوى الذي تحقق في التجارب، فان المشاعر مبررة. فمن الصعب التقليل من اهمية هذا التطور. "قبة حديدية" ستوفر جوابا على القذائف الصاروخية وقنابل الهاون، ذات المدى الذي يصل من 4 الى 70 كيلومتر: من قاذفات القنابل البسيطة عبر قسام حماس وكاتيوشا حزب الله وحتى فجر الايراني الذي يبدو انه تسلل ايضا الى قطاع غزة. في المدى الزمني البعيد، يعد هذا تغييرا استراتيجيا. ومع ذلك فان الجواب في الجبهة الداخلية ليس كاملا لثلاثة اسباب: وعد المنظومة لم يختبر بعد في الواقع، اسرائيل لا تزال لم تتزود ببطاريات اضافية اما الطبقة الوسطى لمنظومة الاعتراض ("شربيت كساميم"، منظومة اعتراض الصواريخ في المدى الذي بين "قبة حديدية" و "حيتس") لم تصل الى مرحلة متقدمة جدا. قفزة الدرجة متوقعة في 2012 فقط. بطارية "قبة حديدة" الاولى ستسلم الى سلاح الجو بعد نحو شهر ونصف. وفي الجيش الاسرائيلي يأملون بأن يصفوها كمنظومة عملياتية منذ آيار القريب القادم، بطارية قادرة على حماية مدينة متوسطة في حجمها مثل سديروت. السؤال الكبير سيكون حجم التزود بالبطاريات التالية. فمن أجل حماية غلاف غزة وحدود لبنان مطلوب نحو 20 بطارية كلفة كل واحدة منها كفيلة بان تصل الى 50 مليون شيكل. وهذا مبلغ يستوجب تخصيص مخصصات ذات مغزى، بعضها على الاقل من ميزانية الدفاع. التزود ببطاريات اولية اضافية سيستمر نحو سنة ومنظومة مضادات الطائرات، من المنظومات النوعية لدى الجيش الاسرائيلي يتعين عليها ان تفي بالمعايير العالية التي أملتها هنا "رفائيل".

"رفائيل" نفسها ستستفيد اقتصاديا على نحو كبير من المبيعات للجيش الاسرائيلي ويحتمل في المستقبل لخارج البلاد ايضا. الولايات المتحدة مثلا كفيلة بأن تهتم بالشراء لغرض حماية قواعدها العسكرية في الشرق الاوسط من هجمات منظمات الارهاب.

هل "قبة حديدية" ستقود اسرائيل الى رهان حرب متجددة في القطاع؟ ينبغي الامل في ألا يشجع التزود بها على خطوات مغامرة في المستقبل. وهي بالذات يمكنها ان تساعد على استقرار الوضع وتحسين الردع حيال حماس. المنظمة الاسلامية لن تكون في كل الاحوال شريك للسلام، ولكن اذا ما عرفت بأن قدرتها على الحاق ضرر باسرائيل تقل، سيقل الاغراء لديها في ان تخاطر بالاستفزازات. وبالمقابل، من المعقول ان يسعى الفلسطينيون الى وضع المنظومة تحت الاختبار في الزمن الحقيقي ولو بسبب الامل في انجاز رمزي، في اقتحام الستار التكنولوجي  الاسرائيلي.

فكرة مضادة في الختام: الجميع يتباهون الان بالانجاز ولكنه كان يفترض ان يتحقق قبل ذلك. الجيش الاسرائيلي لم يرغب في  البداية في ان يستثمر المال في منظومة الاعتراض ولم يهتم بها على نحو خاص على مدى فترة طويلة. وزير الدفاع السابق، عامير بيرتس (وهنا كلمة في صالحه) فرض "قبة حديدية" على الجيش. ايهود باراك واصل ذلك ولكن، لو شخصت التطورات في هذه الاتجاهات، والتي بدت للناظرين منذ قبيل الانسحاب من لبنان في آيار 2000، لكان في يد اسرائيل منظومات اعتراض جاهزة منذ بضع سنوات. وليس فقط موت مواطنين في الجبهة الداخلية كان سيوفر بذلك، يحتمل انه كان ممكنا الامتناع حتى عن "رصاص مصبوب" وتقليص الضرر الذي وقع في حرب لبنان الثانية.