خبر نكبة في الاستوديو.. معاريف

الساعة 12:36 م|07 يناير 2010

بقلم: عينات وايزمن

نادرة الحالات التي يعكس فيها استوديو الاخبار التاريخ بهذا القدر من الدقة. المواجهة التلفزيونية بين دان مرغليت والنائب زحالقة كانت مثابة انعكاس لتاريخ النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني في صورة مصغرة. ابعاد زحالقة عن الاستوديو كان نكبة برواية حديثة – اسكان وطرد من الخطاب الاعلامي.

المشاركون في المشهد الفضائحي: النائب د. جمال زحالقة – في دور العربي الذي يحاول التشكيك في الاجمال الاسرائيلي المقتنع بعدالة موقفه – ودان مرغليت  و د. رونين بيرغمن، الصحافيان – في دور الغربيين المتنورين، حماة الديمقراطية.

العربي، إذن، حل ضيفا على استوديو الثنائي المتنور بمناسبة المظاهرة قرب حاجز ايرز، التي دعت الى ازالة الحصار عن غزة وفتح المعابر. ومنذ البداية جلس الصحافيان، مغروران، متعاليان ويتسلان بمقابلة بلذعات قاسية على المستمع النقدي. الخطاب المهين الذي يستخدمانه يعكس اراءا متزلفة للشعب من خدمة الهيمنة، والمنقطعة عن كل التاريخ (مرغليت: "انا نفسي كنت لثلاث سنوات في سديروت ورأيت كم قساما طار على سديروت عندما لم تنفذ اسرائيل هناك أي حملة أو أي شيء")، والتي في نهاية المطاف تخلق قصة عابثة عن قوى الظلام امام قوى النور.

الثنائي الصحفي المتسلي جلبا "العربي" كي يسكتاه ويضرباه. ولكن عندما لم يعد الاخير قادرا على ان يتحكم بروحه في ضوء المعاملة التي يتلقاها فيرد على مرغليت الصاع صاعين، يتم اسكات ارائه جسديا حقا. عند مشاهدة هذا المشهد، من الصعب الا يتذكر المرء الاخراج الجسدي لرئيس التجمع الديمقراطي السابق (او للدقة دفعه الى الفرار) د. عزمي بشارة، ليس فقط من حدود وسائل الاعلام بل ومن حدود الدولة، بعد ان تحدى السياسة الاسرائيلية.

زحالقة اخرج من الاستوديو على يد احد يدعى يعقوب (دوما يوجد "يعقوب" ما يقف في موقف الانطلاق قرب الفلسطيني الذي يحاول اسماع رأيه)، ولكن صوته لا يزال يسمع. مرغليت يكرر اقواله ويترجمها الى لغة العمل – زحالقة يذكر الشيخ مؤنس ومرغليت يترجم اقواله للمشاهدين – "ها هي خرجت الحقيقة"، يقول مرغليت بالعبرية المشوشة، "انت تريد ان تحتل هنا"، وفقط حادي الاذان يمكنهم ان يسمعوا في الافق كلمات زحالقة، "انا اريد ان اعيش معا في ديمقراطية حقيقية، في مساواة".

الاسرائيلي "المتنور" لا يسمح لمثل هذه الاصوات بان تهدد ثقته بعدالة طريقه ولهذا فانه يبعدها عنه، لا يرى ولا يسمع. من يدعو للديمقراطية الحقيقية والمساواة ليس فقط لليهود – يبعد. في استوديو الاخبار لدان مرغليت لا مكان لدعوات كهذه مثلما لا ينبغي ان تذكر هناك معاناة سكان غزة او خرائب الشيخ مؤنس التي تخفى جيدا من قبل استوديو الاخبار الذي يجلس فيه دان مرغليت. فضلا عن الاسكات المطلق لكل أمر يهدد الخطاب الصهيوني (ولا سيما اذا لم يكن يهوديا) – هذه الحالة، مثل حالات عديدة اخرى في وسائل الاعلام الاسرائيلية، ينصرف الاهتمام عن المسائل المهمة نحو الفضيحة ويجعل الحالة حدثا ترفيهيا، عديم السياق، يخلق خوفا واغترابا عن الاخر المهدد.