خبر كديما (الى الامام) أيها العمل، كديما

الساعة 12:41 م|06 يناير 2010

بقلم: ايتان هابر

مدير مكتب رابين سابقا

أمس بالضبط نفدت علب "المناديل الورقية" في الصيدلية في حينا وإلا لكان ينبغي لنا أن نبتلع دموعنا على مرارة مصير حزب العمل. النصر النصر النصر. أمس بلغ الحزب الثمانين سنة. وفي تأبينات أمس في الراديو قيل عنه انه كان "حزبا كان له دولة".

ولكل الباكين (الذين رغم ذلك نجحوا في ايجاد المناديل) يقال: "صحيح أن وضع حزب العمل "على البلاط"، وزعيمه الحالي ايهود باراك يتلقى الضربات من كل صوب – ولكن في دولة اسرائيل لا يموت أي حزب او زعيم الى أن يدفن تماما. كان هذا أريك شارون الذي قال ذات مرة: "عندنا في السياسة، مرة تكون فوق في الدولاب الضخم ومرة تحت، والشطارة هي ان تبقى على الدولاب". ولعل أحد ما يتذكر كم نائبا كان لليكود قبل اقل من سنتين؟ وهاكم الجواب: اقل من عدد نواب حيروت في العام 1955!

كل هذه المقدمة الطويلة لا ترمي الا الى القول انه من السابق لاوانه جدا تأبين كديما والعمل رغم وضعهما الصعب في هذه اللحظة، وبالتأكيد وضع تسيبي لفني وايهود باراك. الرياضة الوطنية اليوم هي توجيه الضربات لهما الاثنين. واكثر من ذلك: اذا استمر – وهو سيستمر – ميل الناخبين للسفر نحو مركز الخريطة السياسية، مثلما حصل في الحملات الانتخابية الاخيرة الخمس، يمكن لكديما والعمل معا أن يكونا حزبي السلطة. مضحك، صحيح؟ أنا أعرف، شخصيا، أناسا مهمين جدا، تدحرجوا من الضحك عندما قيل لهم ذات مرة بانه سيأتي يوم سيكون فيه اريك شارون رئيسا للوزراء.

سر الانتصار المحتمل في الانتخابات يكمن في قدرة كديما والعمل، تسيبي لفني وايهود باراك على الارتباط معا. اما على حده فمصيرهما محسوم. الليكود اليوم هو ما اسميناه ذات مرة "حزب قاعدة". مباي كان كذلك على مدى سنين. بمعنى، لست ملزما بالتفسيرات لاحد لماذا أنت تصوت لليكود، ومئات الاف المصوتين له غير معنيين باعلامه. فهم سيصوتون لليكود حتى لو اعاد للفلسطينيين حجارة المبكى.

امام مثل هذه الكتلة من المصوتين يمكن الانتصار، اذا اريد الانتصار، فقط اذا ما بنيت قوة تتخذ صورة حزب وسط. التجربة السياسية عندنا تثبت بان هذا يمكن أن ينجح: "داش" (الحزب الديمقراطي للتغيير)، مثلا، في السبعينيات، "شينوي"، في التسعينيات وآخرون (تسومت، المتقاعدون). اجزاء كبيرة جدا من الجمهور يبحثون عن الوسط، عن المركز، بعد أن جربوا ايضا السلام والموقف الصامد من وحدة البلاد على حد سواء.

يخيل أن الغالبية الساحقة اليوم تفهم الحاجة الى التنازل عن السيطرة على شعب آخر والذي يعني التنازل عن المناطق. ما فهمه بيغن ورابين وشارون واولمرت يفهمه الان نتنياهو ايضا. وهو منذ زمن بعيد حرك الليكود نحو الوسط، ولليمين، رفاقه من الصبا، ترك الغمزات فقط.

عن الليكود يمكن القول اليوم، اذا لم يتغير مرة اخرى، انه حزب الوسط – اليمين. في هذا الجانب من الخريطة السياسية يوجد ايضا كديما، الذي من أجل تمييز نفسه عن الليكود ملزم بان يتخلص في أقرب وقت ممكن من ملحقاته اليمينية. عليه أن يكون حزب وسط بكل معنى الكلمة، وان يشدد التحول السياسي الذي اجراه اعضاؤه من اليمين. طالما كانوا يلمحون ويغمزون لليمين فان "الاصل" (الليكود) اكثر جدارة.

هذا بالضبط ما ينبغي أن يفعله حزب العمل من الجانب اليساري للخريطة السياسية: التخلص من وصمة "اليسروي" الكريهة جدا على الكثيرين من سكان اسرائيل. التميز اليساري لبعض من زعماء اليسار اليوم مناسب، ربما، لميرتس، لحزب عدد مصوتيه يقترب من عدد مصوتي حزب بلاتو شارون في حينه.

يمكن توحيد كديما الذي في المعارضة وبين العمل الذي في الائتلاف؟ بين تسيبي ليفني وايهود باراك؟ ومن منهما سيكون الاول (ربما شاؤول موفاز)؟ كيف ستقع مثل هذه المعجزة السياسية؟

هذا يذكرني بجنرال في الجيش الاسرائيلي اقترح ذات مرة، على سبيل المزاح، تجفيف بحيرة طبريا للتسهيل على الجيش الاسرائيلي احتلال الهضبة السورية. كيف؟ كيف؟ سألوه. أنا جئت بالفكرة، قال الجنرال. اما التنفيذ فهو من شأنكم.