خبر أعلوا البناء- معاريف

الساعة 09:25 ص|05 يناير 2010

بقلم: دافيد ليبكين ووكالات الانباء

 (المضمون : وصف لما أنفق في بناء برج دبي ووصف لهذا المبنى نفسه - المصدر).

ان مراسم الافتتاح الباهرة التي من المحقق ان تنصرف هذا المساء انتباه مليارات من الناس في انحاء العالم، ستنسي لبضع ساعات المرة السابقة التي احتلت فيها دبي عناوين الصحف: فبعد ان اعلنت في تشرين الثاني الاخير انها غير قادرة على دفع ديون بلغت عشرات مليارات الدولارات، تخطط الامارة اليوم لاقامة اكبر اظهار لقوتها، وان تفتتح برج دبي – اعلى بناء في العالم يبلغ 818 مترا من القوة ويبدو شبه خيالي للحظات.

        حظي برج دبي الطموح في السنين الاخيرة بغير قليل من الانتباه الاعلامي، عندما حطم مرة بعد اخرى الارقام القياسية العالمية: فقد ابتدأ العمل في كانون الثاني 2004 وعمل في فترة الذروة في البناء 12 الف عامل من عشرات الدول ولا سيما الهند، وكان البناء كثيفا الى درجة ان العمال كانوا يبنون طابقا كل ثلاثة ايام. "لم نكن على ثقة الى أي علو سنصل بالضبط"، قال مهندس البناء الامريكي للبرج، بيل بيكر. "كانت الخطة الاولية ان نتجاوز بنحو من عشر امتار اعلى بناء في العالم وهو "تايبه 101" في تايوان الذي يرتفع الى علو 508 امتار". لكن المبادرين، وشركة "أمعار للممتلكات"، ضغطوا للزيادة عليه اكثر فاكثر الى ان زيد عليه نحو من 300 متر فوق المخطط بكلفة اجمالية بلغت 1.5 مليار دولار.

        استطاع العمال الى كانون الثاني 2007 ان يبنوا مائة طابق، واكملوا بعد 1325 يوما بناء اعلى مبنى في العالم يمكن منه ان نرى على مبعدة 95 كيلومترا. ظل ارتفاع البرج الدقيق سرا حتى الافتتاح. لكن يبدو ان الحديث عن ارتفاع 818 مترا و 160 طابقا اي اكثر من برج فيليس في شيكاغو (برج سيرس في الماضي) بخمسين طابقا، واعلى من برج ايفيل في باريس بمرتين ونصف. واذا كنا في مجال المقارنة فان كمية الزجاج التي تغطي المبنى تكفي لتغطية 17 ملعب كرة قدم ويمكن ان نبني بكمية الاسمنت الذي استعمل في بناء المبنى رصيفا يصل لندن بنابولي.

        بناء في خطر

        خطط هذا المساء للافتتاح الكبير وهو يوم التتويج الرابع لحاكم دبي الشيخ محمد ابن راشد ال مكتوم، وجند 1000 شرطي وقناص لحراسة الاحتفال البراق الذي سيصحبه عرض العاب نارية كبير. افتخرت الصحيفة المحلية باللغة الانجليزية "خليج تايمز" أمس بأن "ملياري شخص في انحاء العالم بحسب التقديرات سيشاهدون مراسم الاحتفال".

        ينهي اظهار العظمة هذا شهرا اسود بالنسبة للامارات الزاهرة، التي ادهشت في نهاية السنة الماضية العالم كله بافلاس ذي حجم ضخم. الامل في الامارات في ان ينجح الرقم القياسي المحلي الذي أحدثوه في أن يعيد شيئا من الفخر المحلي وربما في ان يسير دبي في طريق اقتصادي جديد افضل.

        قادت مئات الشركات الحكومية في السنين الاخيرة زخم البناء في الامارات فكانت هنالك ابراج مكاتب مدهشة، وفندق فخم في جزيرة صناعية، ومنشأة جليد صناعي للتزلج، وأريكة في مبنى مذهل، وشركة ومطار هما الاكبران في المنطقة – والان اعلى مبنى في العالم. كل ذلك يرمي الى جعل الامارة الصغيرة المركز المالي والاعمالي للشرق الاوسط. صبت عشرات مليارات الدولارات على مئات المشروعات جند الجزء الاكبر منها بواسطة سندات دين من مصارف دولية.

        لكن الازمة المالية العالمية اضرت بدبي ايضا – وهي امارة بغير آبار نفط يعتمد اقتصادها في الاساس على تقديم خدمات ميناء وسياحة. وقفت مبيعات شركات في المشروعات. ووجد آلاف من العمال الاجانب من الهند وسيرلانكا والاردن انفسهم بلا عمل واضطروا الى العودة الى اوطانهم. واضطر كثيرون الى ترك سياراتهم وجزء من ممتلكاتهم في مطار دبي مع عدم وجود مشترين. كذلك قلصت المصارف الدولية نشاطها، ووجدت شركة الاستثمارات الحكومية نفسها بلا قدرة على قضاء ديون من الفور تبلغ مليارات الدولارات، من جملة ديون تقدر بنحو من مائة مليار دولار.

176 دولارا للمتر المربع

سواء اكانت ازمة ام لا، والى ان تنقذ الجارة الثرية ابو ظبي دبي من الانهيار يفترض ان تلبي "المدينة العمودية" جميع حاجات الـ 12 الفا من السكان الذين سيسكنونها او يعملون فيها – من 49 طابقا للمكاتب الى شقق فخمة ومطاعم ومركز رياضة بدنية من اربعة طوابق ومركز مشتريات ضخم بطبيعة الامر.

بني في البناء 1044 شقة منها 160 قاعة فندق ثمرة تخطيط مصمم الازياء جورجيو ارماني. بحسب التقارير بيع اكثر الشقق في البناء عندما بلغ سعر المتر المربع في الايام الحسنة 176 دولارا. يفترض ان يدخل السكان الاوائل المبنى في الشهر المقبل.

احد التفصيلات المهمة في هذا البرج العالي جدا هو المصاعد: ففي "برج دبي" يفخرون ببسط اقصى بـ 57 مصعدا و8 ابراج متحركة في انحاء المبنى. من اجل التمكين من حركة سريعة جارية للسكان والزوار حصل كل فرع على مصاعد تخصه. لكن ضرة التاج هي مصعد الخدمة المركزية الذي ركب في قلب المبنى: الحديث بحسب ما يقول المبادرون عن مصعد يحقق أعلى تسلق في العالم يبلغ 504 امتار بسرعة 25 كيلومتر في الساعة، مقارنة بـ 448 مترا تقطعها المصاعد في برج "تايبه 101".

واذا لم تكن عظمة البناء نفسه كافية فقد اقيم حول البرج متنزه اخضر فوق 110 دونمات مع نوافير ومساقط مائية وبرك مضاءة  واشجار خضراء دائمة ونباتات استوائية غرست برغم المناخ الصحراوي. يستعمل المتنزه بابا للدخول وحاميا للمبنى العظيم، ويفخرون في دبي بأن مشهد الصحراء الصناعي هذا سينمو بمساعدة نحو من 60 الف كوب ماء تستخرج كل سنة بجهاز تجميع مكيفات الهواء في المبنى.

يحظى المشروع في الايام الاخيرة بمدح في العالم وأصبح يعرف على انه مشروع ناجح للامارات، بعد الجزر الصناعية في صورة نخل او الكرة الارضية. عرفت وكالات انباء الامارات المبنى على انه انجاز سيدخل كتب التاريخ الانساني. "ضع اسمك على غلاف مع شعار برج دبي ولن يصعب على أي شبكة بريد في العالم الوصول اليه"، قالت جين كلاركس، من منظمة مهندسي العمارة في شيكاغو. لكن السياح أقل تأثرا. "قد يكون مبنى الامبير ستيت في نيويورك اقل ارتفاعا"، قالت أمس احدى زائرات المبنى الاسطوري في منهاتن، "لكنه اسطورة على الاقل. لا اعتقد ان المنافس من دبي سينجح في ان يصبح كذلك ايضا".