خبر ليلى فقدت عقلها تقريبا..« لا أشعر بأن أبنائي ماتوا فأنا لا أزال أتحدث إليهم »

الساعة 08:19 ص|03 يناير 2010

فلسطين اليوم-غزة

حاولت عائلة العـر أن تهرب مستخدمة عربة يجرها حمار وتترك منزلها في جباليا شمال قطاع غزة وذلك يوم 3 كانون الثاني يناير 2009. ولكن الطائرات الإسرائيلية قصفت العربة بينما كانوا يستعدون للهرب.

نجت ليلي العر، البالغة من العمر (35 عاماً)، وابن زوجها نضال، البالغ من العمر (27 عاماً)،من ذلك الاعتداء. وعلى الفور استشهد محمد (زوج ليلي)، البالغ من العمر (47 عاماً)، وكذلك أبناء ليلى إبراهيم، البالغ من العمر (11 عاماً)، وركان، البالغ من العمر (4) سنوات. بينما بقيت فداء (ابنة ليلي)، البالغة من العمر (17 عاماً) وإيمان زوجة ناهض، البالغة من العمر (25 عاماً)، بقيتا تنزفان حتى الموت بسبب عدم سماح القوات الإسرائيلية للطواقم الطبية بالوصول إلى هناك.

بقي الناجون من ذلك الاعتداء محاصرين في منزل الجيران مع جثث الموتى لمدة خمسة أيام حتى أمرهم الجيش الإسرائيلي بمغادرة المكان.

"لدي أربعة بنات على قيد الحياة. ولدي ولدين آخرين وبنت أخرى ماتوا. لا أشعر بأنهم ماتوا. فانا لا أزال أتحدث إليهم. أخبرهم بكل شي كما في السابق. أنا لازلت أشتري لهم الملابس. هم ليسوا ميتين. هم فقط سافروا وسيعودون." تقول ليلى وذلك قبل أن يأخذ بيدها نضال (ابن زوجها) ويطلب منها برقة أن تخرج من الغرفة ثم يعود نضال ويوضح لنا "إن وضع ليلى غير مستقر بتاتا. فهي تقريباً فقدت عقلها. أعتقد أن سبب ذلك هو أن الجرافات الإسرائيلية هدمت المنزل فوق جثث أبنائها وأمام عينيها. فقد أصبحت في حالة هستيرية في تلك اللحظة. لقد كان لديها شخصية قوية. أعتقد انه لو لم يكن هناك جرافات إسرائيلية في المكان لاستطاعت مواصلة العيش بطريقة أفضل".

مع بداية الحرب البرية على غزة سقطت قذيفة مدفعية على حظيرة تعود لعائلة العر وذلك في تمام الساعة 5:15 من مساء السبت الموافق 3 يناير 2009. هز الانفجار أرجاء البيت. وبينما كانت العائلة تحاول الهرب على عربة يجرها حمار أطلقت قذيفة أخرى سقطت في منتصف العربة. في ابريل 2009 وضح ناهض لمركز الميزان لحقوق الإنسان ما حدث معه "نظرت إلى العربة ووجدت كل شيء مقلوبا رأساً على عقب. العجلات تطير في الهواء والحمار ميت. نظرت إلى زوجتي إيمان ووجدت وجهها مغطى بالدماء وعيونها مفتوحة بشكل كبير. ورأيت أختي فداء ملقاة على الأرض ووجهها وظهرها تغطيهما الدماء. لم أستطع أن أرى أخي إبراهيم وركان ووالدي (محمد).". أما أفراد العائلة الذين هربوا إلى منزل جارنا محمد العطاونة حاولوا الاتصال ليحضروا سيارات إسعاف. كان إبراهيم قد فارق الحياة وكان جسده مقطع وقد تحول إلى أشلاء، فيما أصيبت إيمان وفادية وناهض بجراح. ولم يتم العثور على محمد وركان. وعندما لم تصل سيارات الإسعاف قرر ناهض الذهاب سيراً على الأقدام ليطلب المساعدة وذلك عند حوالي الساعة 6:00 مساء. ووجد في طريقه سيارة إسعاف وتوسل إلي طاقمها لينقذوا أهله ولكنهم لم يستطيعوا الذهاب إلى أهله وأخذوه إلى مستشفى العودة لتلقي العلاج.

محاصرين في جباليا

توفيت فداء متأثرة بجراحها في اليوم نفسه. وكانت إيمان تنزف بغزارة حتى ماتت في اليوم التالي حوالي الساعة 1:30 ظهرا. بقيت عائلة العر والعطاونة مع جثث القتلى لمدة خمسة أيام وذلك لعدم تمكنهم من الهرب. وشرعت الجرافات الإسرائيلية يوم الخميس 8 كانون الثاني يناير 2009 في هدم منازل عائلتي العر والعطاونة أثناء تواجد المواطنين داخل المنزل. اكتشف نضال ذلك بعد أن تمكن من اللحاق بأسرته فيما بعد. "أمرهم الجيش الإسرائيلي بمغادرة المنزل. كانت زوجة أبي تصرخ وتصيح وتقول لهم "لدينا جثث قتلى هنا" ولكن الجيش جرف المنزل والجثث أمام عينيها".

الحياة لن تعود أبدا كما كانت

عام مضى على تلك الواقعة ولا تزال ليلى تخضع للعلاجي النفسي. أوضح ناهض قائلا:" أعتقد أنها أفضل الآن من السابق. عندما ذهبت أول مرة إلى المقبرة أخذت تحفر القبور بأيديها. حتى الآن علينا أن نبقى معها طوال الوقت، علينا أن نبقى معها على مدار الأربع وعشرين ساعة. ويشرف أطباء من مؤسسة أطباء بلا حدود على علاجها الآن ويتابعون وضعها. عندما أخبرتهم بأننا سننتقل إلى شقة في الطابق الرابع نصحنا الأطباء بعدم الانتقال إلى هناك. فهم يعتقدون بان ليلى (زوجة أبيه) قد تلقي بنفسها من النافذة. يزورنا الأطباء مرة كل أسبوع. ليلى تحتاج إلى أدوية لكي تستطيع النوم وعندما تستيقظ من نومها في الليل تحاول البحث عن أولادها. لقد أخبرنا الأطباء بعدم التحدث معها في ذلك الأمر.".

 

إن حياة ناهض الآن تدور حول اعتنائه بزوجة أبيه. لقد كان راعيا للأغنام وهو يحاول أن يتأقلم مع الوضع والحياة الجديدة. "قتل لي 60 رأساً من الماعز وحمارين. نحن عائلة بدوية واعتدنا الذهاب إلى المدينة مرة كل عدة أشهر. وبقتلهم للماعز  فقدنا مصدر دخلنا الوحيد. أشعر باني مخنوق في هذا البيت ولكنه ليس آمنا أن نعود إلى جباليا. لقد تغيرت حياتي كلية. ونحن نحاول العيش والبقاء الآن.".