خبر فتاوى هامة

الساعة 11:47 ص|31 ديسمبر 2009

 

فتاوى هامة

فلسطين اليوم- غزة

يجيب عنها الشيخ فراس الأسطل محاضر بكلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية

 

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أثناء قنوت الإمام في الوتر أو في صلاة الفجر يردد بعض المصلين بعده آمين، والبعض يقول أشهد والبعض يصمت. فما الصواب في ذلك؟ وشكراً. ً

 

من المعلوم أن القنوت هو دعاء وثناء، فماذا يقول المأموم فيهما:

 

أولاً- عند دعاء الإمام بهذه الكلمات ونحوها من الدعاء:( اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت)

 

فهنا يؤمن المأموم على دعاء الإمام، بقوله آمين، وكلمة (آمين) تعني عند أكثر أهل العلم: (اللهم استجب). كما كان الصَّحَابَةُ يُؤَمِّنُونَ خَلْفَ النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك رَوَاهُ أبو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أو صَحِيحٍ.

 

ثانياً - إذا قال الإمام الثناء: وهو قوله: (إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت... إلخ):

 

فهنا اختلف العلماء فيما يقولُ المأمومُ: فذهب مُحَمَّدُ بنُ الحسنِ من الحنفية وبعض الشافعية إلى أنه يؤمن هنا أيضاً. وذهب المتولي من الشافعية إلى أن المأموم يقول: (أشهدُ). وذهب الغزالي إلى أنه يَقُولُ: (صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ)، ولكن ذهب كثير من الشافعية لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِقول المأموم: (صدقت وبررت)، واختاره الشربيني في مغني المحتاج.

 

وذهب الجمهورُ إلى أن المأمومَ يشارك الإمام فيقولُ مثلَ ما يقولُ الإمامُ سراً، أو يسكتُ، وهذا هو الراجح.

 

قَال أَبُو يُوسُفَ من الحنفية:( يُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ الْمُقْتَدِي أَيْضًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ، لأَِنَّهُ دُعَاءٌ كَسَائِرِ الأَْدْعِيَةِ).

 

وقال النووي في المجموع: (والمشاركة أولى؛ لأنه ثناء وذكر لا يليق فيه التأمين).

 

قال الْمَاوَرْدِيُّ:( وَيُؤَمِّنُ الْمَأْمُومُ لِلدُّعَاءِ وَيَجْهَرُ بِهِ ... وفي الثَّنَاءِ يُشَارِكُ الْإِمَامَ سِرًّا أو يَسْتَمِعُ له لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ وَذِكْرٌ لَا يَلِيقُ بِهِ التَّأْمِينُ). والله تعالى أعلم.

 

*السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الشيخ الفاضل، إذا قرأت في الصلاة السرية مثل الظهر والعصر سورة فيها سجدة وأنا خلف الإمام فما الحكم هل أسجد ؟؟

 

لا يجوز لك سجود التلاوة خلف إمامك إذا لم يسجد الإمام اتفاقاً؛ فإن سجدت متعمداً عالماً بالتحريم بطلت صلاتك، لأن متابعة الإمام واجبة، وسجود التلاوة سنة عند أكثر العلماء، ولا يجوز ترك واجب لأجل سنة، فقد قال في مغني المحتاج: (.. ويَسْجُدُ الْمَأْمُومُ لِسَجْدَةِ إمَامِهِ فَقَطْ فَلَوْ سَجَدَ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ، لَكِنْ عِنْدَ عَدَمِ سُجُودِهِ .. عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ( فَإِنْ سَجَدَ إمَامُهُ فَتَخَلَّفَ ) هُوَ ( أَوْ انْعَكَسَ ) بِأَنْ سَجَدَ دُونَ إمَامِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِلْمُخَالَفَةِ هَذَا مَعَ اسْتِمْرَارِهِ مَأْمُومًا ..)

 

وقال ابن قدامة:( ولأنه إمام له فلم يسجد بدون إمامه كما لو كانا في صلاة ..)

 

 

 

* هل يجوز سجود التلاوة أثناء الدورة الشهرية  وجزاكم الله خيراً ؟؟

اختلف العلماء في اشتراط الطهارة وغيرها لسجود التلاوة على قولين:

 

القول الأول: يشترط ما يشترط في الصلاة وذهب إليه الأئمة الأربعة قال في المغني: (وجملة ذلك أنه يشترط للسجود ما يشترط لصلاة النافلة من الطهارتين من الحدث والنجس وستر العورة واستقبال القبلة والنية، ولا نعلم فيه خلافا إلا ما روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه في الحائض تسمع السجدة تومئ برأسها، وبه قال سعيد بن المسيب قال: ويقول : اللهم لك سجدت، وعن الشعبي فيمن سمع السجدة على غير وضوء: يسجد حيث كان وجهه).

 

القول الثاني: لا يشترط لسجود التلاوة ما يشترط في الصلاة؛ لأنه ليس صلاة، وذهب إليه الظاهرية واختاره ابن تيمية، ومال إليه الصنعاني في سبل السلام.

 

قَالَ ابن تيمية: ( وَاَلَّذِي تَبَيَّنَ لِي أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ وَاجِبٌ مُطْلَقًا فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا...وَلَا يُشْرَعُ فِيهِ تَحْرِيمٌ وَلَا تَحْلِيلٌ هَذَا هُوَ السُّنَّةُ الْمَعْرُوفَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا عَامَّةُ السَّلَفِ. وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ هُوَ صَلَاةً فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ، بَلْ يَجُوزُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، وَاخْتَارَهَا الْبُخَارِيُّ لَكِنَّ السُّجُودَ بِشُرُوطِ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ).

 

وقال ابن حزم:( وَالسُّجُودُ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لَيْسَ رَكْعَةً, وَلاَ رَكْعَتَيْنِ فَلَيْسَ صَلاَةً, وَإِذْ لَيْسَ هُوَ صَلاَةً فَهُوَ جَائِزٌ بِلاَ وُضُوءٍ, وَلِلْجُنُبِ وَلِلْحَائِضِ وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ كَسَائِرِ الذِّكْرِ, وَلاَ فَرْقَ, إذْ لاَ يَلْزَمُ الْوُضُوءُ إلاَّ لِلصَّلاَةِ فَقَطْ).

 

وقال الصنعاني: ( ... قلت والأصل إنه لا يشترط الطهارة إلا بدليل وأدلة وجوب الطهارة وردت للصلاة والسجدة لا تسمى صلاة فالدليل على من شرط ذلك). ولعل هذا هو القول الراجح فيجوز سجود التلاوة أثناء الدورة الشهرية، والله أعلم.

 

 

 

 *إذا كان شخص يقرأ القرآن بالتيمم وجاء ما يقطع عنه قراءته، فهل إذا عاد يجب أن يعيد التيمم؟

 

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحَدَثُ يَرْتَفِعُ بِالتَّيَمُّمِ إِلَى وَقْتِ وُجُودِ الْمَاءِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" جُعِلَتْ لِي الأَْرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا"، وَالطَّهُورُ اسْمٌ لِلْمُطَهِّرِ، وَالْحَدِيثُ يَدُل عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ يَزُول بِالتَّيَمُّمِ إِلَى حِينِ وُجُودِ الْمَاءِ، فيتيمم قبل الوقت وبعده ما شاء ويصلي المتيمم ما شاء من الْفَرائضِ وَالنَّوافل ويقرأ ما شاء من القرآن؛ إلى أن ينتقض تيممه بناقض من نواقض الوضوء، أو يجد الماء أو يزول العذر المبيح للتيمم؛ لأَِنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ مُطْلَقٌ عَنِ الْمَاءِ، وَهُوَ رَافِعٌ لِلْحَدَثِ كالوضوء تماماً.

 

وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْحَدَثَ لاَ يَرْتَفِعُ بِالتَّيَمُّمِ، ولكن َيُبَاحُ لِلْمُتَيَمِّمِ الصَّلاَةُ ونحوها لِلضَّرُورَةِ، ولا يتيمم إلا بعد دخول الوقت، إِلاَّ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ أَجَازُوا بِالتَّيَمُّمِ الْوَاحِدِ صَلاَةَ مَا عَلَيْهِ مِنْ فَوَائِتَ فِي الْوَقْتِ إِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ ولو كانت كثيرة خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، فذهبوا إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْمُتَيَمِّمِ أَنْ يُصَلِّيَ أَكْثَر مِنْ فَرْضٍ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ. وَيَتَنَفَّل عند الجمهور مَا شَاءَ قَبْل الْمَكْتُوبَةِ وَبَعْدَهَا ويؤدي صَلاَةُ الْجِنَازَةِ مَعَ الْفَرْضِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ كذلك، وَيَجُوزُ عندهم بِالتَّيَمُّمِ أَيْضًا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ إِنْ كَانَ جُنُبًا وَمَسُّ الْمُصْحَفِ، وَدُخُول الْمَسْجِدِ لِلْجُنُبِ والمكث فيه.

 

وبناء عليه فإن الذي يقرأ القرآنَ بالتيممِ وقطع قراءتَهُ، ثم رجع إليه لا يحتاجُ إلى تيمم جديدٍ عند جميع الفقهاءِ ما دام فعل في ذلك في وقت الصلاة التي تيممَّ لأجلها، كما لا يحتاجُ إلى تيممٍ جديدٍ عند الحنفيةِ ولو بقى يوماً كاملاً على تيممه دون أن ينتقض بناقض. والله تعالى أعلم

 

* هل يجوز حشو الأسنان المسوسة بأي شيء أو تركيب غطاء لها بمعدن من المعادن كالذهب والفضة والبلاتين؟ وما حكم المضمضة فى الوضوء والاغتسال مع عدم وصول الماء تحت سن ذهب أو فضة أو بلاتين من الفم؟

 

     أما الشق الأول من السؤال، وهو حكم استعمال الذهب والفضة والبلاتين ونحو ذلك في حشو الأسنان والأضراس أو غطائها فجائز للضرورة والحاجة، وإن كان الأفضل ترك الذهب إن كان هناك بديل عنه، فقد روى أبو داودَ، والترمذيُّ: "أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّص لعَرْفَجَةَ ابن أسعدَ لَمَّا قُطع أنفُهُ يومَ الكُلاب، واتَّخَذَ أنفاً من وَرِقٍ، فأَنْتَن عليه، فأمَرَه النبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يَتَّخِذَ أنفاً من ذَهبٍ". قال الخطابي: (فيه استباحة استعمال اليسير من الذهب للرجال عند الضرورة كربط الأسنان وما جرى مجراه مما لا يجري غيره فيه مجراه).

 

     وأما حكم المضمضة في الوضوء والاغتسال مع عدم وصول الماء تحت سن ذهب أو فضة أو بلاتين من الفم فلا نملك إلا القول بجواز المضمضة مع ذلك وصحتها، وكذا صحة الوضوء في هذه الحالة، للضرورة والحاجة؛ لأن القول بعدم جوازِ حشوِ السنِّ فيه من الحرج والألم ما لا يخفى، والقول بإزالة الحشو لإيصال الماء تحته لا يمكن أن يقول به أحد، وقد قال تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، هذا فضلاً عن أن أكثر العلماء على أن المضمضة في الوضوء والغسل سنة فلو تركت فالغسل صحيح والوضوء صحيح  وَهُوَ مذهب الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالأَْوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ، وغيرهم وحتى على قول الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهَا وَاجِبةٌ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْل، وقَوْل الْحَنَفِيَّةِ: إَنَّها وَاجِبَةٌ فِي الْغُسْل دون الْوُضُوءِ، فلا بد من القول بإجزاء الوضوء والغسل مع الحشو، ذلك أن إزالة ما يمكن إزالته من الأسنان كبقايا الطعام قد اختلف فيه هل يجب في الغسل أو لا يجب، أما إذا أصبح الحشو ثابتاً كأنه جزءٌ من السن ولا يمكن إزالته إلا بصعوبة بالغة، فهذا ينبغي ألا يكون فيه خلاف. جاء في الفتاوى الهندية : (وَلَوْ كان سنه مُجَوَّفًا فَبَقِيَ فيه أو بين أَسْنَانِهِ طَعَامٌ أو دَرَنٌ رَطْبٌ في انفه ثُمَّ غَسَلَهُ على الْأَصَحِّ .. وَالْعَجِينُ في الظُّفْرِ يَمْنَعُ تَمَامَ الِاغْتِسَالِ وَالْوَسَخُ وَالدَّرَنُ لَا يَمْنَعُ وَالْقَرَوِيُّ وَالْمَدَنِيُّ سَوَاءٌ وَالتُّرَابُ وَالطِّينُ في الظُّفْرِ لَا يَمْنَعُ وَالصَّرَّامُ وَالصَّبَّاغُ ما في ظُفْرِهِمَا يَمْنَعُ تَمَامَ الِاغْتِسَالِ وَقِيلَ كُلُّ ذلك يُجْزِيهِمْ لِلْحَرَجِ وَالضَّرُورَةِ وَمَوَاضِعُ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنَاةٌ عن قَوَاعِدِ الشَّرْعِ )