خبر خيبة أمل فلسطينية من رسالة اعتذار كارتر.. واليهود التزموا الحذر من توبته

الساعة 06:33 ص|31 ديسمبر 2009

فلسطين اليوم-القدس العربي

هز الشاب ناصر أبو جبل كتفيه وقال وهو يلوح بالعلم الفلسطيني الذي يحمله: 'كان هذا سيحدث عاجلاً أم آجلاً.. ما كان يجب أن نصدق هؤلاء أصلاً.. انهم يفهمون السلام بطريقة غير التي نعرفها'.

قال أبو جبل كلماته هذه خلال تظاهرة شارك بها يوم الاحد الماضي قبالة السفارة الاسرائيلية في لندن لاحياء الذكرى السنوية الاولى للحرب الاخيرة التي شنتها اسرائيل على غزة، وقد انهمك وصحبه في مناقشة هموم سياسية فلسطينية كان بينها رسالة الاعتذار التي وجهها الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر الى اليهود مؤخراً وعبر فيها عن ندمه ان كان قد تسبب بأي أذى لاسرائيل من خلال أقوال أو أفعال تخصه.

 

واجتهدت وسائل الاعلام في تفسير دوافع كارتر من وراء رسالته تلك، ورجحت بعض منها رغبة الجد كارتر في تسهيل الطريق البرلمانية أمام حفيده جيسي الذي يعتزم الترشح لمقعد نيابي في ولاية جورجيا، وهو أمر غير ممكن بسهولة دون دعم اللوبي الصهيوني المناصر لاسرائيل أو على الاقل ضمان عدم عرقلته للمسيرة السياسية للشاب البالغ من العمر 34 عاما. ونفى كارتر عبر وسائل الاعلام حقيقة هذا الدافع وأكد أنه توجه لطلب الاعتذار من اليهود بنية خالصة من أي دوافع شخصية.

 

وبقدر ما تثير دوافع كارتر الحيرة عند الكثيرين، يغالب الفلسطينيون مشاعر الحنق والغضب ازاء هذا الموقف المتخاذل للسياسي المخضرم الذي أظهر علامات كثيرة للتعاطف معهم خلال السنوات الاخيرة سيما بعد نيله جائزة نوبل للسلام في العام 2002 واطلاقه للتصريحات الانسانية في أعقاب زيارات قام بها الى غزة المحاصرة وتوسطه في صفقة اطلاق الجندي الاسرائيلي الاسير لدى حماس غلعاد شليط. ويحسب لكارتر أيضا أنه كان من أوائل من امتلكوا الشجاعة لمقارنة الممارسات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين بنظام الفصل العنصري الذي ساد في جنوب افريقيا قبل التخلص منه في تسعينيات القرن الماضي.

 

واستطلعت 'القدس العربي' خلال تظاهرة الاحد مواقف عدد من المتظاهرين سيما الفلسطينيين منهم، الذين عبروا جميعا عن مواقف ساخطة وحالة من عدم الرضا والاحساس بطعنة الغدر التي سددها كارتر اليهم في وقت كان بعضهم ينتظر مشاركته في قافلة 'شريان الحياة 3' التي تحاول هذه الايام كسر الحصار المفروض على غزة.

كما عكست آراء بعض الكتاب والصحافيين الفلسطينيين مواقف مطابقة، فمن جهته، تساءل الاكاديمي الفلسطيني أسامة الفرا، مديناً موقف كارتر: 'هل ممارسات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني لم تعد عنصرية؟ أم (كان) يعتذر مسبقاً عن مشاركته في القافلة المتجهة إلى غزة، أم كان الإعتذار عن تنقله في دول المنطقة دون إذن منها'.

 

وعلى الجانب الاسرائيلي، نقل موقع أريج الثقافات مواقف حذرة عكستها الآراء في الصحف الاسرائيلية حول موقف كارتر الاخير. ونقل الموقع عن الحاخام مرفين هير رئيس مركز وسنتال قوله: 'يجب النظر للتوبة بجدية، فالشيطان دائما يكمن في التفاصيل، ويعتمد الأمر على علاقته المستقبلية بإسرائيل'.

كما نقل من الصحف الاسرائيلية وصف مركز شالوم في ميامي توبة كارتر بأنها 'خبطة إعلامية' في الوقت الذي وجه اليه دعوةً لحضور لقاءات وندوات للمركز في الشهور المقبلة.

وذهب أندريه ليفين رئيس جمعية النزاهة ومقرها أمريكا الى ما هو أبعد من ذلك، حيث نقل عنه قوله: 'نأمل أن تتحول كلمات التوبة إلى توبة فعلية نصوح، تساعد في عدم جعل إسرائيل محطا للنقد'.

 

فيما قالت إيرا فورمان وهي المدير التنفيذي للمجلس اليهودي الديمقراطي:

'نحن سعداء بأن تصدر هذه التوبة من كارتر على الرغم من نقده غير العادل لإسرائيل، ويجب تشجيعه وتهنئته، ونثمن أقواله التي قالها بلغة الييدش'!

ومن غير الواضح حتى الآن اذا ما كان كارتر سيعمد بالفعل الى تغيير مواقفه من اسرائيل وانتهاكاتها لحقوق الفلسطينيين، لكن المؤكد أن الاسرائيليين لا يكتفون عادةً بالكلمات الطيبة والاعتذارات الشفهية ولا حتى صلوات الاعتراف التي أعلن كارتر انه سيصليها على الطريقة اليهودية تعبيرا عن عمق اعتذاره.