خبر قاطع رءوس الفلسطينيين.. رجل العام في إسرائيل

الساعة 04:28 ص|30 ديسمبر 2009

قاطع رءوس الفلسطينيين.. رجل العام في إسرائيل

 

أحمد البهنسي

اشتهر بقطع رءوس الفلسطينيين وفصلها عن أجسادهم باستخدام سكين ياباني.. الرجل الذي ولد وسكين بين أسنانه.. صاحب أوامر التمثيل بجثث المقاومين.. البارع في سياسات الاغتيالات.

هكذا قدم "عموانئيل روزين" كبير مذيعي القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي مائير دجان رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية (الموساد)، باعتباره شخصية العام في إسرائيل لما اعتبره "إنجازات وطنية".

 

القناة الإسرائيلية اختارت داجان شخصية هذا العام (2009)، لإنجازاته ليس في دعم السلام، وإنما في مدى الجرائم التي ارتبكها في حق الفلسطينيين والعرب، وهي أكبر خدمة لإسرائيل، بحسب القناة.

 

أبرز إنجازات داجان خلال فترة رئاسته للموساد -وفقا للقناة- هي تصفية قائد شعبة العمليات في حزب الله اللبناني عماد مغنية، وتقديم المعلومات الاستخبارية التي سمحت لسلاح الجو الإسرائيلي بقصف المنشأة البحثية في شمال شرق سوريا يوم 6-9-2007.

 

"الإبداع والقسوة في قتل الفلسطينين والعرب" من أفضل ما حققه داجان للحصول على هذا اللقب، على حد زعم القناة الإسرائيلية، وقال عنه الجنرال المتقاعد يوسي بن حنان، الذي كان زميلا له، إنه كان شاهد عيان على إصرار دجان على قتل الفلسطينيين بنفسه بعد استسلامهم، وهو ما جعل بن حنان يكيل المديح لصديقه المقرب.

 

وبلغت القسوة بدجان إصدار أوامره لجنوده بالتمثيل بجثة أي فدائي؛ حيث قاموا بوضع جثث الشهداء في بالوعات المجاري أمام أعين الفلسطينيين، إمعانًا في إذلالهم، وتردد أن كثيرا من الجنود والضباط الذين خدموا معه أصيبوا بحالات نفسية وعصبية صعبة جراء تنفيذهم أوامره الوحشية بحق الفلسطينيين.

 

وقال بعضهم لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية يوم 11-9-2002: إن دجان "شوَّش حياتنا تمامًا، وأصاب نفسيتنا إلى الآن"، بينما لفت الصحفي الإسرائيلي ألوف بن في تحقيق له بصحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية نشر يوم 2-10-2008 إلى أن الرقابة العسكرية حظرت قبل عدة سنوات نشر تحقيق أعده عدد من الصحفيين حول الفظائع التي ارتكبها دجان ضد المدنيين اللبنانيين عندما تولى قيادة الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان في ثمانينيات القرن الماضي.

 

وإن كان الرقيب العسكري الإسرائيلي قد سمح بنشر تحقيقات تؤكد أن هواية دجان هي قطع رأس الفلسطيني وعزله عن جسده، فما يمنع الرقيب نشره بلا شك أفظ من ذلك.

 

قاطع الرأس العربي

 

تلك المؤهلات في الإجرام، شجعت رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إريل شارون على تعيين دجان في سبتمبر 2002 رئيسا للموساد خلفًا لأفرايم هاليفي، والذي أثار غضب شارون بسبب ما اعتبره تهاونا من جانبه في التعامل مع الفلسطينين خلال انتفاضة الأقصى سبتمبر 2000، ليقوم بتعيين صديقه الحميم الذي لديه خبرة فائقة، وفق تعبير شارون، في فصل رأس العربي عن جسده.

 

واللافت في سيرة داجان الذاتية تلك العلاقة الحميمة التي تربطه بشارون، فقد خدم دجان في أواخر الستينيات كقائد للواء المظليين في جيش الاحتلال تحت إِمرة شارون الذي كان قائدًا للمنطقة الجنوبية.

 

وحينما أوكلت -جولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك- لشارون مهمة القضاء على المقاومة الفلسطينية التي كانت في أَوجِها في قطاع غزة، كان دجان من أبرز الرجال الذين استعان بهم شارون لإنجاز هذه المهمة، ووضعا خطة أطلقا عليها اسم "اجتثاث الشياطين"، وقام جنود لواء المظليين بقيادة الجنرال دجان بقتل كل فدائي قبضوا عليه، ونفْي أسرته إلى الأردن أو لبنان، وهدم كل بيت يؤوي فدائيًّا.

 

واشتهر دجان داخل إسرائيل بأنه أول من بادر وبرع في سياسات الاغتيالات ضد الفلسطينيين، والتي بدأها عام 1970، حيث أقام لهذا الغرض أول وحدة "مستعربين"، وهي مجموعة من الجنود الإسرائيليين الذن يتحدثون العربية ويمكنهم التسلل للمناطق العربية، واغتيال عناصر المقاومة بها.

 

وفي إحدى زياراته للولايات المتحدة عام 2001، اعترف دجان بأن أجهزة الأمن الإسرائيلية لديها أسلوبان لمواجهة حركات المقاومة المسلحة، سواء في فلسطين أو لبنان، أولها رسمي والآخر غير رسمي، ما يعني وجود أساليب وحشية تتنافى مع أي قيم أخلاقية أو إنسانية في التعامل مع العرب.

 

كما اعترف بأنه شارك شخصيا في عمليات الإذلال التي تعرض لها فلسطينيون، في إشارة إلى انتفاضة الأقصى، وحاول تبرير ذلك بالقول إنه استهدف إفهام الفلسطينيين "أنه يجب أن يعوا أنه لا طائلَ مطلقًا من أي عمل عدائي يقومون به ضد الجيش الإسرائيلي، وأنه لن يتضرر الفدائيون وأسرهم فقط بل ومجمل السكان الفلسطينيين"، ويردد الكثيرون أن دجان وضع خطة حصار واغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

 

رجل الاغتيالات

 

وبحسب تقارير صحفية إسرائيلية فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت كان مولعا بشكل كبير بعمليات الاغتيالات التي ينفذها الموساد ضد المقاومين الفلسطينيين، مشيرة إلى أن دجان كان يتوجه إلى مكتب أولمرت صباح كل يوم خميس وهو يحمل قائمة بالعمليات التي يطلب من أولمرت المصادقة على تنفيذها، وهو ما لم يكن أولمرت يتردد في الإقدام عليه.

 

ويمتلك دجان سجلا من الإنجازات الاستخباراتية لاسيما في داخل الموساد، فقد كان مسئولا خلال حكومة إسحاق رابين، عن وحدة تجنيد العملاء في الجهاز، ولعب دوره بمهارة جعلت رابين يعجب بالنجاح الذي حققه، ففي زيارة رابين لمقر الموساد التقى دجان، الذي قدم له قائمة بأسماء عملاء تم تجنيدهم، وصرح حينها بأنه من الصعب على من يعمل في هذا المجال البقاء نظيفًا.

 

وخلال رئاسته للموساد، حقق دجان مجموعة من الإنجازات، بحسب المسئولين الإسرائيليين، من أهمها تعطيل البرنامج النووي الإيراني لمدة عشر سنوات.

 

ولدجان سجل في الخدمة العسكرية، حيث خدم في لجيش الاحتلال لمدة 32 عاما، بدأها في وحدة المظلييين، وأصيب خلال الخدمة مرتين فحاز وسام الشجاعة، وشغل قبل إحالته للتقاعد عام 1997 منصب قائد ركن محاربة الإرهاب التابع لمكتب رئيس الحكومة، وبعدها بدأ مشواره السياسي ليتبوأ عددا من المناصب السياسية والأمنية البارزة.

 

ودجان  من الليكوديين القدامى، وكان الاختيار المفضل لرؤساء الحكومات الإسرائيلية الليكودية في المناصب الأمنية والاستخبارتية الهام، إذ اختاره إسحاق شامير رئيسًا لشعبة العمليات في القيادة خلال حرب الخليج، كذلك استعان بنيامين نتنياهو خلال حكومته الأولى في تسعينيات القرن الماضي بخدمات دجان، وعيَّنه رئيسًا لوحدة محاربة الإرهاب، أما شارون فوضعه في منصب رئيس الطاقم الإستراتيجي المكلف بالتعامل مع الانتفاضة الثانية، ثم رئيسا للموساد، وهو المنصب الذي يشغله حتى الآن.

 

يشار إلى أن دجان ولد في قطار كان في طريقه من سيبيريا إلى بولندا عام 1945، وبهذا تعود أصوله إلى يهود روسيا المعروفين بفاشيتهم، وأنهم الأكثر تطرفا داخل إسرائيل، ومن أبرزهم حاليا وزير الخارجية زعيم حزب إسرائيل بيتنا اليميني المتطرف أفيجدور ليبرمان.

 

وهاجر دجان إلى إسرائيل مع والديه وهو في سن الخامسة عام 1950، وقطن مع عائلته في منطقة "بت يام"، وحين تطوع في الجيش عام 1963 غير اسمه من هوبرمان إلى دجان، وهو أب لثلاثة أبناء، ويسكن شمالي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.