خبر الوسيط الالماني، ما اسمه.. معاريف

الساعة 09:39 ص|29 ديسمبر 2009

بقلم: عوفر شيلح

كلمة "رقابة" كفت منذ زمن بعيد عن اثارة الخوف. الرقابة العسكرية، مؤسسة واجبة في دولة توجد كل الوقت في وضع من المواجهة، اصبحت مؤسسة الحديث معها منطقي. في العقد الاخير نشرت غير قليل من الكتب والمقاطع الصحفية والتلفزيونية التي عنيت بالمواضيع الامنية؛ المفاوضات أمرها مع الرقيبة الرئيسة سيما فكنن – جيل ورجالها لم تنتهي دوما بالاتفاق ولكن بقيت في حدود المعقولية التي تتيحها مهام مناصبهم.

وعندها جاءت حرب لبنان الثانية. غير قليل من الغضب العام على الحرب الفاشلة تركز في الاعلام. فأحد ما كان ينبغي أن يكون مذنبا في اخفاق الجيش الاسرائيلي من القائد السياسي وحتى المراسل. فكنن – جيل رفضت الانضمام الى دائرة توجيه هذا الاتهام. في شهادتها امام لجنة فينوغراد وفي التصريحات العامة القليلة التي صدرت عنها  حرصت على القول ان الاغلبية الساحقة من اهداف الاخفاء حوفظ عليها، وأن معدل الانباء التي كان فيها خرق للرقابة كان هزيلا. وبالمقابل حظيت الرقيبة بالاتهامات لها وكأنها ليس فقط فشلت في اخفاء امور حيوية بل انها أيضا تحمي وسائل الاعلام الخارقة.

الجميع استخلص على ما يبدو الاستنتاجات. في السنتين والنصف الاخيرتين نزلت على اسرائيل ستار كثيف من الرقابة اكثر من أي وقت مضى. وقد بدأ هذا في قضية المفاعل المقصوف في سوريا: ما كان في البداية قرارا لازما، في منع نشر كان من شأنه أن يمس بالسوريين في الوقت الذي سعت فيه اسرائيل الى منع تصعيد الوضع، بقيت منذئذ على حاله – وبشكل اكثر اتساعا من منع نشر تفاصيل عملياتية. وعلى أمور سبق أن نشرت في العالم أيضا يوجد اليوم ستار من الاخفاء، بدعوى أن النشر في وسائل الاعلام الاسرائيلية يمنحها قوة ومصداقية تتجاوز ما هو في صالحنا. حسن معرفة ان هناك من لا يزال يعطينا علامات تقدير عالية على ذلك في هذه المجالات.

المثال الاخير هو قضية شليت. حتى يوم امس كان ممنوعا نشر اسم الوسيط الالماني، الامر الذي سبق أن نشر ليس فقط في العالم، بل وعندنا ايضا في مناسبات سابقة. وكان محظورا نشر موقف رئيس المخابرات، رغم ان الجميع يعرفون ما يقوله رئيس الاركان ورئيس الموساد ورغم ان ما قاله يوفال ديسكن في غرف المداولات كانت مواقف بشأن الصفقة بشكل عام وبشأن معطياتها (ابعاد المحررين) كل شخص معقول كان يمكنه أن يخمنها بنفسه. عدم نشر موقف ديسكن لم يساعد في شيء، باستثناء رغبة السياسيين في اخفاء قراراتهم خلف غطاء من الاعتماد على رجال المهنة الامر الذي ليس له أي صلة بالرقابة. ولكن تبين أنكم لا تريدون أن تعرفوا. الرقابة تحظى بالثناء، والتمرد الخفيف نسبيا في وسائل الاعلام يعتبر استياء غير مبرر لاناس اخذ منهم السبق الصحفي.

في هذه الايام تعنى الرقابة بفيلم نير تويب " مملكة السر". وهو يعنى بقضية اعتقال ومحاكمة عميد احتياط. اسحق يعقوب (يدسا)، رجل كثير الحقوق والافعال، اجريت مقابلة معه حول سر امني عتيق يتعلق بالمحظور الاسرائيلي الاكبر – النووي بالطبع – وعولج بفظاظة من المسؤول عن الامن في جهاز الامن. ليس في فيلم تويب مكتشفات صاخبة؛ القليل الذي يمكن تفسيره ككشف كهذا مستعد لان يقصقصه، رغم أنه هو ايضا سبق أن نشر في مصادر أجنبية. يوجد فيه أساسا وصف لقوة وانفلات مملكة السر. والرقابة، برئاسة امرأة متنورة وفهيمة مثل فكنن – جيل، تشارك مرة اخرى في شيء ليس من مهمتها، هذه المرة حماية مكانة الرجال والمؤسسات.

هذه عملية اشكالية، ليس فقط لانها تمنع نقاشا حيويا في امور حان الوقت لطرحها على الطاولة، بل لانها تعكس عودة الى الوراء في الوعي الاسرائيلي. ومثل الادمان على احساس الضحية والمسكنة الذي اصبح موضة اعلامية، هكذا ايضا الموافقة على القوة المتجددة للرقابة تعكس كم يسير الناس الى الوراء.