خبر فلسطين .2010 عشر حقائق في المشهد .. نواف الزرو

الساعة 11:25 ص|28 ديسمبر 2009

بقلم: نواف الزرو

تتواصل الأسئلة الملحة على الأجندة السياسية والاستراتيجية الفلسطينية اليوم، ونحن على أعتاب العام 2010، أكثر من أي وقت مضى، خاصة بعد التطورات السياسية الدرامية المتعلقة باعتزام الرئيس الفلسطيني الانسحاب من السياسة الرسمية، بعد ان أعلن عن خيبة امله من الإدارة الأميركية الجديدة، التي لم تلب ما وعدته به من تجميد للاستيطان اليهودي على اقل تقدير.  وبعد ان أصبحت «إسرائيل ـ نتنياهو» سافرة بلا قناع، مجمعة على مواصلة ليس فقط أنشطة الاستيطان والتهويد وشطب القضية الفلسطينية، بل والحروب المفتوحة على أنواعها ضد شعبنا في مختلف الأماكن الفلسطينية.. ما يعيد الأمور إلى حقيقتها، حيث هناك على اقل تقدير عشر حقائق كبيرة تتسيد المشهد الفلسطيني اليوم، ومن المرجح ان تستمر على مدى العام 2010، وربما حتى نهاية ولاية حكومة نتنياهو كاملة، بل ربما تكون مساحة الحقائق ـ التحديات الماثلة في المشهد الفلسطيني لا حصر لها، وهي متكاثرة يوما عن يوم، غير اننا نذكر ابرزها وأخطرها..

الحقيقة الأولى: ان فلسطين تواجه منذ بداية عهد حكومة نتنياهو، اجتياحا صهيونيا تجريفيا استيطانيا هو الأخطر منذ النكبة.

الحقيقة الثانية: ليس واردا في استراتيجيات الدولة الصهيونية أي اعتبار أو احترام أو التزام باي تفاهم أو اتفاق مع السلطة الفلسطينية.

الحقيقة الثالثة: ان الاحتلال يواصل إقصاء الفلسطينيين، رئاسة وحكومة وشريكا وشعبا له قضية ووجود وحقوق راسخة.

الحقيقة الرابعة: ان تلك المخططات والخرائط الاحتلالية لا تشتمل عمليا ـ كما يريد الاحتلال ـ الا على هياكل سلطة تقوم بدور الوكيل الأمني للاحتلال والشاويش داخل المعتقلات ـ الغيتوات ـ الفلسطينية.

الحقيقة الخامسة: ان الدولة الفلسطينية الموعودة، دولة خريطة الطريق، لا تزال على الورق وفي الخريطة فقط، مع وقف التنفيذ، وإن أعلنت في أي وقت من الأوقات في المستقبل، فإنها ستكون بمضامين ومواصفات الخريطة، أي دولة فلسطينية مستقلة بسيادة إسرائيلية أو أميركية ـ سيان ـ كاملة!

الحقيقة السادسة: ان هناك في هذه المرحلة تفاهما وتعاونا وتحالفا بين الإدارتين الأميركية والإسرائيلية في ما يتعلق بقصة استئناف المفاوضات (الأكذوبة)، والأجندة السياسية الأمنية الأميركية في فلسطين وعلى امتداد مساحة العرب، هي الأجندة الإسرائيلية ذاتها.

الحقيقة السابعة، الأكبر والأخطر: ان مشروع الاحتلال يجري تطبيقه على الأرض الفلسطينية، على مدار الساعة دون الالتفات إلى الفلسطينيين والعرب أو إلى المجتمع الدولي، والاحتلال يسابق الزمن في بناء وتكريس حقائق الأمر الواقع الاستيطاني التهويدي في القدس وأنحاء الضفة، وغدت خرائط الاستيطان والجيش هي التي ترسم مستقبل الضفة.

الحقيقة الثامنة: وهي المتعلقة بالعملية السياسية، حيث انغلاق الآفاق بات واضحا، وليس هناك من أفق حقيقي لأي مفاوضات حقيقية ليس فقط في العام الجديد، وانما على مدى سنوات حكم نتنياهو التي من المتوقع، وفق المعطيات الإسرائيلية الراهنة، ان تستمر على مدى الولاية الأولى لأربع سنوات، وربما تمتد لولاية أخرى، لنصبح في انتظار ثماني سنوات ليكودية بكاملها. وفي العملية السياسية، التي خاب أمل الرئيس الفلسطيني منها بعد ان كان تمسك بها على مدى عقود من الزمن، فان المطلوب من الفلسطينيين إسرائيليا وأميركيا، هو مواصلة المفاوضات من اجل المفاوضات فقط، بينما تكسب دولة الاحتلال الوقت وحقائق الأمر الواقع على الأرض.

الحقيقة التاسعة: ان الحرب الإعلامية، القانونية، القضائية، الأخلاقية ضد إسرائيل، غدت تشكل وفق مؤشرات عديدة الجبهة الرئيسية للفلسطينيين في الأفق، وخلال العام المقبل وابعد، فكل الساحة الفلسطينية ترى ان هذه الجبهة هي الاهم مستقبلا.

الحقيقة العاشرة: تلك المتعلقة بالحالة الفلسطينية، فلعنة الانقسام والتفكك الفلسطيني هي الأشد خطورة، وهي التي تهدد المشروع الوطني الفلسطيني بكامله، فضلا عن ان الانقسام يشكل «مصلحة إسرائيلية عليا»، وتعمل إسرائيل على استمراره وتستخدم كل السبل لإحباط أي محاولة فلسطينية لإنهائه. ليلقي هذا الانقسام الكارثي بظلاله القاتمة على أوضاع القطاع، وليساعد الاحتلال في تشديد وتعميق وتكريس سياسات الحصار والإغلاق والتجويع بهدف التركيع.

واليوم وبعد عام على محرقة غزة، وما بين الرصاص المصبوب والجدار الفولاذي المرعب، يواصل الاحتلال حصاراته وأطواقه، ويغلق بوابات القطاع البرية والبحرية والجوية، ليتحول مليون ونصف فلسطيني هناك إلى نزلاء أضخم معسكر اعتقال على وجه الكرة الأرضية. كان عمرو موسى وصف الانقسام بأنه «لعنة أصابت الفلسطينيين وأصابتنا جميعاً في مقتل»، محذراً من أنه «إذا لم يتم وقف هذا الاقتتال فوراً، فسوف يقضي على القضية الفلسطينية برمتها»، مضيفا: «إذا كان الفلسطينيون لا يعلمون أنهم يرتكبون جريمة كبرى في حق فلسطين وشعبها، فيجب علينا أن نعيد النظر في مفاهيم كثيرة من جديد».

الباحث الإسرائيلي المعروف ميرون بنفنستي، كثف في هآرتز تداعيات الحال الفلسطينية قائلا: «ان إسرائيل نجحت في تحطيم المجتمع الفلسطيني إلى أجزاء، والفلسطينيون يساعدون في تكريس هذه الظاهرة، وعليه فهم ليسوا بحاجة إلى نيلسون مانديلا، وانما إلى جوسبا غريبالدي يظهر من بين صفوفهم ويوحدهم».

فهل هناك أصعب وأقسى من هكذا انحدار فلسطيني؟!

لذلك، نعتقد بقناعة راسخة أن العام 2010 سيكون بالنسبة لفلسطين أقسى واشد وطأة على مختلف المستويات، اذا لم يتدارك الفلسطينيون على اختلاف فصائلهم وقياداتهم الأوضاع الكارثية، واذا لم يلملموا جراحهم ويعيدوا صياغة اولوياتهم الوطنية.

ف«الوحدة الوطنية الفلسطينية» و«القيادة الجماعية من أقصى حماس مرورا بفتح الوسط وصولا إلى أقصى اليسار»، هي المخرج وهي البديل الملح والعاجل لهذه المشهد الفلسطيني النكبوي.