خبر مخربون ام معدمون .. هآرتس

الساعة 09:22 ص|28 ديسمبر 2009

بقلم: عكيفا الدار

بعد عدة سنوات، غير كثيرة، كما ينبغي الامل، سينشر وزير التعليم في فلسطين رسالة الى التلاميذ قبيل تدشين المنهاج التعليمي الجديد الذي بادرت اليه وزارته. وسيمجد المنهاج عمل مقاتلي الحرية لفلسطين ممن اعدمتهم قوات الاحتلال الاسرائيلية. وسيتضمن المنهاج مسابقة لكتابة انشاء عن عمل رائد سكرجي، عنان صبح وغسان ابو شرخ، ثلاثة سكان نابلس الذين اطلق جنود الجيش الاسرائيلي النار عليهم في 26 كانون الاول 2009 للاشتباه بأنهم اغتالوا مستوطن يهودي على ارض فلسطين. "آمل ان المنهاج الذي يتحدث عنه تفاني الشهداء من اجل انبعاث فلسطين، سيشكل رافعة لتعزيز صلة ومعرفة التلاميذ بكفاح م.ت.ف لاقامة الدولة"، سيقول الوزير الفلسطيني. "أؤمن ان قصص الشهداء، ايمانهم وتفانيهم ستشكل قدوة قيامية لشبيبتنا".

صحيح، هذه السطور، مع تعديلات مناسبة، مأخوذة من تهنئة وزير  التعليم جدعون ساعر الذي بادر الى نشاط تعليمي جديد حول دزينة المعدومين، الذين اعدموا او انتحروا في عهد الانتداب البريطاني. مصدر في وزارة التعليم ادعى بأن ساعر ربط الوحدات المهنية كي يدفع الى الامام المواضيع القيمية القريبة الى قلبه. واحتج على مسمع من مراسل "هآرتس" اور كشتي، على ان الوزير يدخل ايديولوجيته الى المادة التعليمية. واضاف مؤرخ كبير بأنه كون المعدمين ضحايا لا يبرر جعلهم موضوعا تعليميا.

اذن ما الذي سنرويه لطفلة من شارع شلومو بن يوسيف، تسأل عن عمل طليعي المعدمين، الذي شارك في هجوم على باص مسافرين عربي وأعدمه البريطانيون في حزيران 1938؟ ماذا سنقول لطفل من سديروت من جادة الايتسل، يسأل اسئلة عن التنظيم السري الذي طرح "شارة ثمن" على المحتل الاجنبي؟ "ننتقل الى موضوع آخر"، ام ربما نتحدث عن التنظيم الذي رد على اعدام الاحتلال البريطاني لرجاله بقتل اكثر من 70 رجلا، امرأة وطفل عربي في عمليات ارهابية في الاسواق في المدن المختلطة.

مفهوم من تلقاء ذاته ان ساعر لا يطلب من المعلمين والمعلمات تشجيع التلاميذ والتلميذات على زرع عبوات في باصات العرب. "المعدمون" هم – خيرا كان ام شرا – جزء من الفكرة الصهيونية. الامم تخلد بل وتجمل قصص حياة وموت اولئك الذين سقطوا في الطريق الى تحقيق الحرية. نحن  وصلنا الى الحرية. اما الفلسطينيون فيوجدون في افضل الاحوال، في منتصف الطريق. وبالذات الوزير ساعر ورفاقه في اليمين، الذين يطورون تراث الارهاب والتضحية، يجب ان يفهموا بأن للفلسطينيين ايضا واجب اخلاقي وتربوي تجاه "شهدائهم". وليس نحن فقط مسموح لنا ان نذكر في الكتب التعليمية "الابطال" الذين "ضحوا بأنفسهم" في الكفاح ضد الاحتلال. من يمجد اقتحام سجن عكا لاجل تحرير "سجناء أمنيين" يهود، لا يمكنه ان يعارض تحرير "مخربين" فلسطينيين مع "دم على الأيدي" – بهدف تحرير جلعاد شليت.

غير ان فكرة الموت وتعظيم المذابح للفلسطينيين (او لليهود، مثل التيلينا) هي النقيض التام لـ "القدوة القيمية" التي كتب الوزير عنها في الرسالة للمعلمين. القيم الصحيحة – المصالحة، المساواة وعدم العنف – عليه ان يبحث عنها في مواقع اخرى؛ عليه ان يشجع مدراء المدارس على ان يدعوا الى الصفوف نشطاء حركة "مكافحون في سبيل السلام" شبان اسرائيليين وفلسطينيين لم يروا بعضهم البعض الا عبر فوهات البنادق، وقرروا ان يضعوا سلاحهم وان يكافحوا كتفا الى كتف من اجل السلام.

اطفال اسرائيل يمكنهم ان يتعرفوا على عمل مقاتل الايتسل شلومو بن يوسيف، الذي كتب عشية اعدامه قائلا "انا سأذهب الى الموت وأنا لا اندم على الاطلاق لاني اذهب الى الموت من اجل بلادنا!" ولكن اطفال اسرائيل ملزمون بأن يعرفوا اسحاق فرنكنتال، الذي أسس "دائرة الاهالي – منتدى العائلات الثكلى". منذ 15 سنة، منذ ان اعدم ابنه الجندي اريك، على ايدي حماس، لم يكف عن الحديث ضد اعمال العنف لدى الشعبين وفي صالح التحرر من عبء الاحتلال. هكذا، ربما، اطفال 2020 من شارع المعدمين لن يتعين عليهم ان يتعلموا عن اعمال التضحية لجنود 2010.