خبر غزة: عامٌ على العدوان وتبقى عائلة عبدربه متذكرةً فصوله المرعبة

الساعة 06:28 ص|28 ديسمبر 2009

فلسطين اليوم : غزة

لـم تكتف قوات الاحتلال الإسرائيلي بتحويل عائلة محمد عبد ربه إلى دروع بشرية ورهائن طيلة فترة الحرب بل اعتقلت جميع الذكور من أفراد العائلة في نهاية الحرب واقتادتهم إلى جهات مجهولة، وانتهى بهم الأمر في سجن أنصار بالنقب.

ولا يزال الفتى أحمد الذي قضى 27 يوماً في السجن يتذكر 15 يوماً قضاها كدرع بشرية استخدمه جنود الاحتلال.

ولا تزال ذاكرة أحمد ابن السادسة عشرة تختزن عشرات الذكريات الأليمة التي اضطر وأجبر على مشاهدتها والتعامل معها بعد أن أجبرته قوات الاحتلال على ذلك.

وأكثر ما يزعج أحمد في منامه وحياته جثث الشهداء الـمتحللة من أطفال ونساء، إضافة إلى الجثث الـمسحوقة بجنازير الدبابات، لكن أشدها إيلاما نهش الكلاب البوليسية لجثة أحد أقاربه.

يقول أحمد إنه في إحدى الـمرات أثناء اقتياده من قبل مجموعة من الجنود الإسرائيليين باتجاه أحد الـمنازل لتفتيشها شاهد عدداً من الكلاب تنهش إحدى الجثث الـملقاة على الأرض وكانت لأحد أقاربه، وعندما طلب من الجنود أن يرفعوا الكلاب عن الجثة رد عليه الضابط بأنه سيلقى نفس مصير الجثث إذا تكلـم مرة أخرى.

ولـم تفوت قوات الاحتلال التي احتجزت جميع أفراد العائلة من الإناث وصغار السن في غرفة واحدة تحت حراسة أمنية مشددة، يوماً إلا واستخدمت فيه جميع البالغين دروعاً بشرية في كل تحركاتها.

ويشير أحمد إلى أن قوات الاحتلال لـم تتجرأ على الدخول إلى منزل أو منشأة في العزبة إلا وكانت الدروع البشرية تسبقها.

وأوضح أن الجنود كانوا يجردونهم من ملابسهم دون الـملابس الداخلية قبل الدخول أو الخروج من الهدف رغم برودة الطقس آنذاك ناهيك عن الإهانات والسباب وأحياناً الضرب.

وأكد أن قوات الاحتلال في أحيان كثيرة كانت تقصف وتهدم البيوت على رؤوس من فيها عندما كانت تشك أن في داخلها أحداً.

وأضاف أحمد إن قوات الاحتلال استخدمت سياسة الهدم والـمسح الـمنظم في العزبة حتى يسهل عليها التحرك رغم أن العزبة كانت خالية تماماً من الـمقاومين خلال الأيام الأولى من الحرب البرية.

وقال إن الجنود كان يتراقصون ويضحكون بصوت عال عندما يقتلون الـمدنيين أو يقصفون الـمنازل، مؤكدا أنهم كانوا يتفننون في تدمير الـمنازل ويتسابق الضباط في قصف الـمنازل من خلال مدافع الدبابات.

ويؤكد شقيقه الأكبر ماجد الذي يفهم اللغة العبرية أن الجنود كانوا يتنافسون على إصابة الأهداف ويتحدون بعضهم في كيفية تدمير الـمنازل وإصابة الأهداف.

وقال ماجد الذي اقتادته قوات الاحتلال إلى السجن في اليوم الأخير للحرب وقضى فيه ثمانية أشهر قبل أن تفرج عنه "كان لديهم حوافز ومكافآت مرصودة مقابل القتل والدمار"، مشيراً إلى أنه عرف ذلك من خلال حديث بين الجنود والضباط.

ووصف الأيام الخمسة عشر التي قضاها كدرع بشرية بأنها الأسوأ في تاريخه خاصة وأنه شاهد أحباءه إما ميتين أو مسحوقين بالدبابات إضافة إلى اضطراره دخول منازل أقاربه وتفتيشها.

وقال ماجد "الأمر ليس بسيطاً على الإطلاق"، مؤكداً أنه لـم يصدق أنه ما زال وعائلته على قيد الحياة بعد أن قتلت قوات الاحتلال كل شخص تواجد داخل العزبة.

وأشار إلى أن قوات الاحتلال كادت تصفيهم لولا أنها احتاجتهم كدروع لحماية جنودها.

وتحدث أحمد عن بدايات الحرب وقصة عدم مغادرتهم الـمنزل الذي يقع في منتصف العزبة كباقي العوائل، موضحاً أنه وقبل الاجتياح البري بيومين اختارت غالبية عائلات العزبة إخلاء منازلها والـمغادرة باتجاه وسط بلدة جباليا لاعتقادهم الجازم بوحشية العدوان لكن عائلته وعوائل أخرى اختارت البقاء.

ويتابع ماجد في أواخر العشرينيات من عمره إن عائلته تفاجأت ليلاً بدخول قوات خاصة الـمنزل ومحاصرته بالعديد من الدبابات والآليات العسكرية، حيث طلب الجنود من أفراد العائلة التجمع داخل غرفة واحدة ثم أخذوا بتفتيش الـمنزل مع عدم السماح لأفراد العائلة وعائلة أخرى لجأت إليها قبل دخول قوات الاحتلال بساعات بالـمغادرة كباقي العائلات.

وقال إن قوات الاحتلال لـم تكتف بمحاصرة الـمنزل بل قامت بتجريف أجزاء واسعة منه خاصة الأسوار.

وبيّن ماجد أن أفراد العائلة تعرضوا للجوع والعطش طيلة فترة احتجازهم خلال أكثر من خمسة عشر يوماً، إضافة إلى إصابتهم بحالات إعياء شديدة بسبب نقص التدفئة وانقطاع التيار الكهربائي.