خبر خبراء يصدرون شهادة وفاة لتربة غزة نتيجة السموم الإسرائيلية

الساعة 02:55 م|27 ديسمبر 2009

فلسطين اليوم: غزة

أصدر خبراء ومختصون في مجال البيئة شهادة وفاة لتربة وبيئة غزة كما حذروا من الآثار الكارثية للحرب الإسرائيلية على التربة والبيئة الفلسطينية، مؤكدين أن القنابل والأسلحة التي استخدمتها الدولة العبرية في عدوانها على غزة أدت إلى حرق التربة وإفقادها خصوبتها ورفعت من نسبة الإشعاع والمواد الكيماوية الثقيلة فيها.

وشدد هؤلاء خلال روشة عمل نظمها مركز العمل التنموي "معا"،- مجلة افاق للبيئة والتنمية- أمس، بعنوان "تدهور بنية وخصوبة الأراضي الزراعية في قطاع غزة بفعل الحرب الإسرائيلية "بحضور عدد من خبراء البيئة والأكاديميين والطلاب، على ضرروة تقييم كافة المناطق الزراعية التي تعرضت للقصف قبل زراعتها من جديد لأنها تحمل مواداً ملوثة كيميائية.

وأكدوا على أن الحصار الإسرائيلي المشدد لقطاع غزة أدى إلى إيقاف محطات معالجة المياه العادمة, مما أثر على البيئة البحرية والأسماك بشكل كبير, حيث تضخ المجاري في البحر دون معالجة، موضحين أن المياه العادمة تحمل أمراضاً وفيروسات ومواداً كيماوية خطيرة جداً تلوث مياه البحر وتشكل بيئة لنمو الطحالب وتشكل ما يسمى بـ"الإثراء الغذائي" الذي يؤدي إلى نقص الأكسجين وبالتالي موت الأسماك.

وشنت الدولة العبرية في السابع والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول الماضي, حرباً على قطاع غزة استمرت حتى السابع عشر من يناير/ كانون الثاني عام 2009 وأدت إلى استشهاد أكثر من 1500 مواطن وإصابة 5000 آخرين وتدمير معظم المصانع المنشأة على الحدود الشرقية لغزة وأكثر من 200 ألف منزل.

من جانبه، قال الدكتور عبد الفتاح عبد ربه, أستاذ العلوم البيئية المساعد في قسم الأحياء بالجامعة الإسلامية: "إن الدولة العبرية خلال حربها على غزة دمرت وأحرقت البيئة الزراعية باستخدام أسلحة محرمة دولياً، وذلك وفق خطة مبرمجة".

وأضاف عبد ربه: "مساحة الأراضي الزراعية في قطاع غزة تبلغ 170 ألف دونم منها 158 ألف دونم مزروعة، و12 ألف دونم دفيئات زراعية، تم تدمير 17% من هذه الأراضي خلال الحرب و5% منها لم تعد يصلح للزراعة".

وذكر عبد ربه أن الأسلحة التي استخدمت في حرب الشتاء الماضي دمرت نسيج التربة والتربة العلوية للأرض التي تحتاج لسنوات طويلة لتتشكل، مشيراً إلى أن الأسلحة الإسرائيلية لوثت التربة الزراعية بالمواد الإشعاعية والفسفورية.

وأكد على أن الحرب أثرت بشكل خطير على البيئة وجعلت الأراضي الزراعية معرضة للتصحر، وفقدان خصوبتها بصورة أسرع، مبيناً أن إعادة تأهيل التربية بحاجة إلى تكلفة عالية جداً.

وشدد على أن العدوان الإسرائيلي أثر بشكل خطيرة على التنوع الحيوي في غزة  خاصة بعد أن مات 35750 حيواناً، ومليون نصف المليون كتكوت، موضحاً أن الخسائر الزراعية المباشرة وغير المباشرة للحرب بلغت نصف مليار دولار.

وقال عبد ربه: "إن (إسرائيل) دمرت محطات معالجة مياه الصرف الصحي أدى ذلك إلى انسياب المياه العادمة إلى الأراضي الزراعية وتلويثها".

وأضاف: "البيئة البحرية دمرت أيضاً نتيجة الحصار الذي نتج عنه توقف محطات معالجة المياه العادمة المركزية وبالتالي ضخ مياه المجاري في البحر دون معالجة (..) يومياً يضح من 70-80 ألف لتر مكعب من المياه".

وحذر عبد ربه من إلقاء ركام البيوت المدمرة في البحر، مشيراً أن ذلك يلوث المياه ويؤثر على الأسماك وصحة المواطنين الذين قد يتناولونها.

وأكد على ضرورة تقييم كافة المناطق الزراعية التي تعرضت للقصف الإسرائيلي قبل زراعتها من جديد لأنها ربما تكون تحمل مواداً كيماوية ملوثة، مطالباً بالاهتمام بمشكلة الصرف الحي والتخفيف من مشاكلها وتأثيرها على البيئة البحرية.

من جهته، عرض المهندس نزار الوحيدي, مدير النظم والمعلومات في وزارة الزراعة, بالأرقام والصور تبعات الحرب على غزة، موضحاً أن إجمالي الخسائر  الزراعية (586720032) دولاراً، منها (173701000) دولاراً أضرار مباشرة و(413019032) دولار أضرار غير المباشرة.

وبين الوحيدي أن الحرب الإسرائيلية دمرت الأمن البيئي والغذائي والاجتماعي والسلمي للإنسان الفلسطيني في غزة، مشيراً إلى أنها تهدد خزانات المياه الجوفية جراء تسرب العناصر الثقيلة إليها, ولفت إلى أن نسبة الألمونيوم في التربة ارتفعت من 200 إلى 300 ضعف والمولبيدينوم ارتفع من 25 إلى 200 ضعف، ومادة كوبالت ارتفعت أكثر من 200 ضعف، والفسفور ارتفعت نسبته في التربة 150 مرة، مشدداً على أن هذه المواد لها آثار خطيرة على صحة الإنسان والنبات.

وأوضح أن العدوان الإسرائيلي تسبب بأضرار وخسائر لـ 8478 مزارعاً، و33 ألف عامل زراعي، ودمرت 4011 ألف شجرة، مطالباً بضرورة صيانة وإصلاح التربة، واستخدام محسنات التربة خاصة الكومبوست، وتقليل استخدام الأسمدة الكيمائية، وزراعة محاصيل تتحمل الملوحة، وتطبيق نظام المكافحة المتكاملة.

من جانبه، أكد المهندس عوني نعيم, نائب رئيس سلطة جودة البيئة، استخدام الدولة العبرية اليورانيوم المنضب خلال حربها الأخيرة على غزة، قائلاً: "الفحوصات أظهرت وجود نسبة عالية من المواد المشعة في المناطق والساحات المكشوفة جراء استخدام القنابل".

وذكر نعيم أن (إسرائيل) ألقت على غزة 3 مليون كيلو جرام من المتفجرات أي بمعدل واحد طن على كل كيلو متر مربع، محذراً من إعادة تصنيع ركام المنازل دون التأكد من خلوه من المواد الإشعاعية التي من شأنها أن تترك آثاراً خطيرة على الأجيال القادمة.

وأشار إلى أن سلطة جودة البيئة تجد صعوبة في مواصلة عملها نتيجة عدم توفر الإمكانيات، ورفض العالم الدولي والعربي التعامل مع حكومة غزة، مطالباً بإيجاد لجان علمية لفحص ومتابعة آثار الحرب، وإعادة بناء المراكز العلمية التي تم تدميرها.

من ناحيته، عاشور اللحم, رئيس مجلس إدارة جمعية المزارعين، أدلى بشهادته مؤكداً إلقاء الطائرات الإسرائيلية قنابل الفسفور الأبيض على الأراضي الزراعية بالقطاع، مشيراً إلى أنها تسببت بأمراض للأشجار, وحذر اللحام من خطورة دفن ركام المنازل المدمرة في باطن الأرض من قبل وكالة الغوث.