خبر كتب الدكتور/ أيوب عثمان :تساؤلات سريعة على هامش الأوضاع في جامعة الأزهر

الساعة 07:45 م|26 ديسمبر 2009

إذا... فماذا... ولماذا... وهل؟!

تساؤلات سريعة على هامش الأوضاع في جامعة الأزهر

بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان

كاتب وأكاديمي فلسطيني - جامعة الأزهر بغزة

 

إذا كان أحد أعضاء مجلس جامعة الأزهر قد تجرأ – وعلى نحو رسمي، مؤخراً – على وصف المجلس بأنه إما "شاهد زور أو محلل"،

وإذا كانت "مجالس الجامعة قد فقدت أهميتها وموضوعيتها"، كقول أحد أعضاء مجلس الجامعة، في إحدى مكاتباته الرسمية إلى رئيس الجامعة ومجلس أمنائها،

وإذا كانت جلسات مجلس الجامعة ومجلسها الأكاديمي "ليست إلا مسلسل تلاعب بمحاضرها بين الحذف والتحريف والإضافة"، كما يقول أحد أعضاء مجلس الجامعة،

وإذا كان أحد أعضاء مجلس الجامعة مصيباً في قوله لرئيس الجامعة ومجلس أمنائها: إن "سكوت رئيس الجامعة المتواصل (على كل ما يذكر) ليس إلا تقاسماً للمصالح وتوزيعاً للأدوار"،

وإذا كان أحد أعضاء مجلس الجامعة قد اتهم – وعلى نحو رسمي – كلاً من رئيس الجامعة ومدير معهد المياه والبيئة، بالسفر إلى الخارج، "لحضور مؤتمر علمي متخصص، دون أن يكون لأي منهما أية مشاركة في المؤتمر إلا الحضور"،

وإذا كان سفر رئيس الجامعة قد أجيز من مجلس الجامعة، دون أن يعرض على المجلس سفر مدير المعهد لحضور المؤتمر ذاته،

وإذا كان معظم أعضاء مجلس الجامعة "مقتنعون بأن اجتماعات كل من مجلس الجامعة والمجلس الأكاديمي يتم عقدها عشوائياً على فترات وأزمنة غير ثابتة مثل التاكسي تحت الطلب، حيث يتم التداعي لحضورها عند الحاجة إليها، بعيداً عن مصلحة الجامعة"، كما يقول أحد أعضاء مجلس الجامعة الذي يصرف شؤون إحدى أهم العمادات فيها،

 

وإذا كان مناضل أكاديمي اشتهر بنضاله النقابي والإداري والقانوني على مستوى الجامعة، وفي سبيلها، قد دشن إلى مجلس الأمناء سلسلة أسماها "شيء مما لا يسكت عنه في جامعة الأزهر بغزة" حيث يورد فيها عللاً ومفاسد وعيوباً لا ينقصها الإثبات والتوثيق،

وإذا كانت السلسلة قد تسلم مجلس الأمناء – في 10/12/2008 – باكورتها التي تضمنت مفسدة خطيرة كبرى،

وإذا كانت حلقات تلك السلسلة قد تتابعت إلى رئيس الجامعة ومجلس أمنائها مركزة في كل واحدة منها على مفسدة واحدة محددة كبيرة وخطيرة، دون أن يحرك ولي الأمر (وما ولي الأمر إلا كل مسؤول يملك صلاحية اتخاذ القرار من المتابعة إلى المراقبة إلى المحاسبة والمساءلة) ساكناً يُذكر، الأمر الذي زاد الشقاء وزاد البلاء وزاد الخراب والتخريب والفساد والإفساد،

وإذا كان مسؤول رفيع قد رأى فوثق – منذ نحو ثلاثين شهراً – في مؤسسته خراباً وتخريباً، أو فساداً وإفساداً،

وإذا كان هذا المسؤول – الذي لم يكن قد مضِى على وقوفه عند حدود مسؤوليات موقعه (الرفيع!) إلا نحو ثلاثة أشهر – قد اقترب من استكمال معاينته للحالة المرضية المزمنة في مؤسسته فتعرف على مواطن الخلل والخراب فيها، ووضع يديه على بؤر الفساد في أوضاعها، وشخص أوجاعها،

وإذا كان هذا المسؤول قد تم اختياره لهذا الموقع (الرفيع!) من بين كثيرين في المؤسسة ذاتها، من أقرانه، لا لشيء إلا لأنه – كما قال (ولاة الأمر!) – هو الأقدر على تبليغ رسالة الإصلاح وسلوك نهجه، ومن ثم النهوض بمهمته،وبلوغ أهدافه وغاياته،

وإذا كان هذا المسؤول - الذي عرف كل تفاصيل جامعته تماماً كما عرف راحة يده – قد وعى تماماً حراجة الظرف الذي تمر فيه الجامعة ودقة أوضاعها التي أدت إلى اختياره، ومن ثم تكثيف الضغط عليه، بغية الحصول على موافقته، للاطلاع بمهمة تحقيق الإصلاح، من بين كثيرين غيره،

وإذا كان هذا المسؤول مهنياً بتفوق، ودقيقاً باحتراف، وأميناً بامتياز مع نفسه وسواه،

وإذا كان هذا المسؤول هو من النوع الذي يعرف كيف يحمل المسؤولية، ويعي عظم أمانتها، ويقدر اختيار (ولاة الأمر!) إياه من بين الكثيرين من زملائه، لمهمة مباشرتها والاطلاع بها والقيام عليها، بالرغم من ثقل حملها وضخامة حجمها،

وإذا كان هذا المسؤول قد أشار بكل وقار ورقة، وبكل كياسة ودقة، إلى مواضع الخلل، آملاً من (ولاة الأمر!) تأييده وتحفيزه على الشروع في إصلاحها،

وإذا كان هذا المسؤول قد أدرك - بالتدريج - أن أحداً (من ولاة الأمر!) لم يكترث ولا يكترث ولا يريد أن يكترث، لم يسمع ولا يسمع ولا يريد أن يسمع، لا يُصلح ولا يحاول أن يُصلح،

وإذا كان هذا المسؤول – وعلى مدار ثلاثة أشهر ونصف هي كل عمره في موقعه (الرفيع!) ذاك – قد وثق ما شاهدته عيناه من فواجع، وما حطت عليه يداه من مواجع كان قد أشار- بالمودة والهدوء والمحبة - إلى بعضها، ثم أبان عنها ولم يبخل بالتعليق عليها، ثم بما لديه من شواهد صارخة وفاضحة أيد حقيقة وجودها وكشف عن مخاطرها، مؤكداً على أن المزيد والمزيد ما يزال لديه منها،

وإذا كان هذا المسؤول قد اضطر – بعد أن لم يستجب لإشاراته الدقيقة ثم لصيحاته الرقيقة – إلى أن يحسم أمره فاختار الموجب في المعادلة، متجهاً بكل الثقة والقوة والقدرة ليس نحو الهروب بل نحو المواجهة فكانت استقالته الاحتجاجية المؤيدة بأسبابها وشواهدها ومستنداتها ووثائقها، مشعلاً بذلك نوراً أحمر من شأنه أن يفتح الأعين على ما تحت عينيه وما بين يديه من فواجع ومفاسد ومواجع، آملاً أن يكون ما جرى خاتمة للآلام في مؤسسته،

وإذا كان هذا المسؤول قد قدم استقالته المسببة احتجاجاً على أمور ذكرها مثالاً لا حصراً، رافضاً الوقوف متفرجاً أو شاهد زور، فرفع صوته العالي عالياً، وبانسجام متناهٍ ما كان لقلمه إلا أن يغوص موغلاً في مداد حقيقة مؤسسته لتسيل منه استقالته المسببة.

وإذا كانت تلك الاستقالة الاحتجاجية المسببة قد مضى عليها حتى اليوم أكثر من ثلاثين شهراً دون أن يسمع أحد عن رد فعل (ولاة الأمر!) – الذين قدموا أنفسهم على أنهم إصلاحيون من الطراز الأول بامتياز –  شيئاً غير أن تلك الاستقالة قد قبلت، بكل السرعة والارتياح واليسر والبشر والحبور، على الرغم من أنها ليست احتجاجية فحسب، وإنما مسببة أيضاً وموثقة!!!

وإذا كانت استقالة هذا المسؤول – وهي احتجاجية مسببة – قد قبلها (ولاة الأمر!) هكذا، وفي غضون ثمانية وأربعين ساعة من تقديمها، دون مراجعة، ودون استفسار، ودون تحقيق، ودون مساءلة،

فماذا يعني كل هذا؟!

 

ولماذا لا أجدني في كل لحظة إلا مضطراً – وعلى نحو يحتويه حرص الواعي وعزم الواثق وإصرار القوي العنيد الذي لا يتوقف ولا ينثني ولا يلين – إلى مواصلة العمل ضد الفساد ومقاومته، ومتابعة ما كنت قد شرعت فيه؟!

 

اما آخر الكلام، فهل من مسؤول رسمي منتمٍ، وقوي، وعادل، وحصيف، يتعقب أوضاع الجامعة فيتساءل – عملياً – بوعي المسؤول وحرصه وانتمائه للوطن ومؤسساته ليضع على الداء يده، ويصف بمداد قلمه دواءه، ويتبع قوله بفعله، ما يحفر الآمال فينا، فنقول متفائلين ومستبشرين: أبشري يا جامعة الأزهر؟!!!