خبر كتب د.أسعد أبو شرخ..في ذكرى حرب الإبادة الصهيونية على غزة عام 2008

الساعة 05:17 م|26 ديسمبر 2009

دكتور / أسعد أبو شرخ

كاتب وأكاديمي فلسطيني

أحاول الآن أن أطل على نفس اللحظة الزمنية ونفس اليوم وأجلس في نفس المكان وأنظر في نفس الطاق، أقرأ نفس الكتاب.

أما اليوم فهو السابع والعشرين من ديسمبر 2008 واللحظة الزمنية بعد الساعة الحادية عشر، والطاق نافذتي التي تطل على إسعاف الهلال الأحمر ومقر الأمن الوقائي في تل الهوى، هذا الحي الوادع الأمين.

كنت قد وصلت إلى حوالي منتصف "كتاب التطهير العرقي لفلسطين" لكاتبه أيلان بابين، مندهشاً من أهوال المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية ضد أهلنا عام 1948، والقتل بدم بارد، وبإجرام لا حدود له من بقر بطون الحوامل إلى قتل الأطفال إلى تسميم آبار المياه إلى نسف البيوت بالديناميت، إلى ذبح الأسرى بدم أكثر برودة وصقيع، فمن مذبحة دير ياسين إلى مذبحة الدوايمة إلى مذبحة الطنطورة إلى مذبحة الصفصاف إلى مذبحة بيت دراس إلى مذبحة برير إلى مذبحة بئر السبع وصفد وحيفا ويافا والمجدل فالأوامر الصادرة، كما يعترف القادة الصهاينة الذي شاركوا في جريمة التطهير العرقي كانت تقوم على طرد جميع السكان عن طريق ارتكاب المذابح والمجازر، ووجدتني أقف ملياً أمام المجازر الموثقة بالشهادة والشهود من المجرمين الصهاينة والضحايا الفلسطينيين ... وجدتني أتصور بل وأعيش هذه المجازر فتبدو أمامي كشريط تتداعى فيه الصورة تلو الأخرى، للثكلى والأيتام والمدفونين تحت الركام والأبرياء الهاربين من النار إلى النار والقتلة الصهاينة يصبون همم الموت والدمار ... وهم يتضاحكون !!

وكان المشهد أكواماً من جماجم الأطفال والنساء والشيوخ إذ أحالوا المدن والقرى الفلسطينية إلى قفر وخراب .. ويباب!!

كنت غارقاً غارقاً أقرأ تفاصيل الحكايا والقصص والروايات سطراً بعد سطر وأتوقف ملياً أمام اعترافات قادة العصابات الصهيونية وهم يتباهون ويتفاخرون بعمليات القتل والذبح بل وهدم المساجد والكنائس والبيوت على رؤوس ساكنيها ... فجأة وبلا مقدمات تقفز نفس المشاهد مرة أخرى من التاريخ على الجغرافية إلى الواقع إلى المكان!!

يهتز المكان بأصوات الانفجارات والصواريخ والقنابل الثقيلة ...

أطل من الطاق ... فأرى مقر الأمن الوقائي وقد تحول إلى أرض خراب بل يباب ... صراخ أطفال المدارس الذين خرجوا لتوهم في طريق العودة تمتزج مع أصوات الانفجارات ! الناس تهرول في الشوارع بعضهم يحتضن بعض الأطفال المصابين وقد غطت وجهوهم وملابسهم الدماء .. فتنطلق صفارات الإسعاف مولولة من كل اتجاه في كل مكان الانفجارات .. الانفجارات والطائرات تزمجر وتهدر في سماء غزة تلقي بحممها وقذائفها في كل المشهد، والموت يطبق على غزة من كل الاتجاهات من المساء والأرض والبحر ... البناية التي أسكنها تهتز بقوة وعنف تطايرت النوافذ وتكسر الزجاج وأصبح كل شيء غير آمن أصبح الموت في كل مكان من المدينة، يتسكع في كل الطرقات والأماكن والشوارع والبنايات والبيوت، وصراخ وعويل وبكاء بين السكان الأبرياء.

مائة وخمسون طائرة حربية صهيونية أف 15 ، 16 ، والأباتشي تغطي سماء قطاع غزة في الموجة الأولى تقذف بالموت في كل مكان ... يأتي الموت جواً من الطائرات وبحراً من البوارج الصهيونية التي تدك غزة بعنف بكل أنواع القنابل الصهيو- أمريكية وترسل الدبابات بالموت يأتي براً من تخوم غزة ... بقنابل صهيو أمريكية وفتاوي لحاخامات يهود تأمر بقتل حتى الأطفال، والأمر الصادر من قيادة مجرمي الحرب الصهاينة جنرالات الموت النازيين "أقتلوا كل فلسطيني بلا رحمة جواً وبحراً وبراً"، والتقت القيادة الإسرائيلية السياسية والعسكرية والدينية على إبادة الشعب الفلسطيني ومواصلة التطهير العرقي واقتلاع شعب فلسطين الذي بدأته العصابات الصهيونية عام 1948 ودخلت غزة في فك الموت الذي أطبق عليها من كل حد وصوب.

تتكرر مجازر عام 1948 بنفس المشاهد ونفس التفاصيل ومن نفس القادة الصهاينة ونفس الحركة الصهيونية، ونفس القيادة الأمريكية ونفس التواطؤ الغربي ونفس الخذلان بل قل الخيانة لبعض الأنظمة العربية ونفس مؤامرة الصمت تركوا غزة تحترق وتموت إنه إعادة تجسيد بل وإعادة نفس الشريط للمذابح والمجازر الصهيونية في دير ياسين وحيفا ويافا وصفد والمجدل وبرير وبيت دراس وخانيونس وغزة ومازالت الجرائم الصهيونية متواصلة ومستمرة من مجزرة دير ياسين عام 1948 إلى مذبحة غزة بل حرب الإبادة على غزة عام 2008.

أكثر من ستين عام من المذابح والمجازر ضد الشعب الفلسطيني لأن متمسك بوطنه! واليوم مذبحة أخرى ضد أبطال كتائب شهداء الأقصى في نابلس، قتل بدم بارد للآباء والأبناء أمام الأطفال والزوجات! والصورة نفسها نفسها !!! هذا هو السلام على الطريقة الإسرائيلية. Pax Israelita لكن الشعب الفلسطيني الأبي سيهزم الموت، وسيهرب الموت من غزة، فالموت على أبواب غزة يموت نعم يموت وتبقى غزة حية صامدة لأنها بوابة النصر القادم بإذن الله .

غزة الضي بعتم الليل           غزة البحر اللي علا

والنشامى تسرج خيل   يا خسارة عاللي ولىٌ!!

أبلغ الكلام :

        غزة رمز العزة ... قلعة لن تنهار وهي الطريق إلى تحرير فلسطين!!