خبر عام على المجزرة..د.حيدر عيد

الساعة 05:09 م|26 ديسمبر 2009

بقلم: د. حيدر عيد

نتذكر هذه الأيام الحرب الضروس التي شنتها إسرائيل قبل عام على قطاع غزة لمدة 22يوماً مخلفة وراءها ليس فقط 1500شهيد معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن وآلاف البيوت والمؤسسات المدمرة دماراً لايمكن أن يحصل إلا من عقل مريض لا يختلف كثيراً عن عقلية هتلر وولعه الشديد بإحداث زلزال أينما ذهب ، بل أيضاً جروح لا يمكن أن تدمل بسهولة لفترة طويلة من الزمن تماماً كما لم تدمل جروح أوشفتس وجورنيكا وشاربفل.الفارق أن (المجتمع الدولي) لم يسامح مرتكبي تلك المجازر مطلقاً. والآن نحن أمام مؤامرة صمت دولية غير مسبوقة ، مؤامرة تتميز بعدم القدرة على الفعل في مواجهة خروقات هائلة وثقت من قبل مقرري الأمم المتحدة جون روغارد ورتشارد فولك ومن قبل أهم مؤسسات حقوق الإنسان أمنستي وحتى بتسيلم .وجاء تقرير القاضي الجنوب أفريقي رتشارد جولدستون ليضع بصمة واضحة في تسجيل جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية من خلال استخدام أسلحة تستخدم لأول مرة ضد سكان مدنيين ،قنابل فسفور ، قنابل الدايم بالإضافة للأسلحة (الكلاسيكية) F16،أباتشي ،زنانات ، ميركافا.

 رابع أكبر جيش في العالم مسلح بأكثر من 450 رأس نووي في مواجهة 1.5مليون مدني ، 70% منها أصغر من 15سنة ، محصورين في بقعة وصفها أحد مقرري الأمم المتحدة بأنها شبيهة بأوشفتس ، وتم تحويلها الى أكبر معسكر اعتقال على سطح الكرة الأرضية بتواطؤ ، وكثيراً مشاركة مباشرة ، لدول تفتخر بأنها (حضارية) ، (ليبرالية) ، تسير على خطى شعارات الثورة الفرنسية من ( حرية وإخاء ومساواة) . تم تحويل القطاع الى حظيرة حيوانات ( على حد قول الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر ) والفارق هذه المرة أن الحيوانات في الأقفاص يتم امدادها بالطعام والماء وأحياناً بالكهرباء ، ولكن اهل غزة محرومون في سجنهم الكبير المحاط بالأسلاك الشائكة ، الجدران الأسمنتية والفولاذية ، فوق وتحت الأرض ، والبوابات السبعة . غزة ,قبل وبعد المجزرة التي شارك فيها الغريب و بتواطؤ القريب ، غير محبوبة ، معزولة ، محاصرة ،يريد الكثير أن يراها تغرق في البحر المتوسط ، أطفالها يقتلهم  سوء التغذية ، دموعهم لا تحرك قلب سيد البيت الأبيض ، ولا أمراء مدن الملح ، نساء غزة أصبحن هدف للقناص الإسرائيلي ، مرضى غزة محكوم عليهم بالإعدام البطيء. يقول المؤرخ إلان بابيه إن ما يحصل في غزة ، قبل و بعد المجزرة ، لهو حرب إبادة بطيئة!

ولكن...

 

غزة الضي بعتم الليل

غزة البحر إلي علاّ

للنشامى تسرج خيل

يا خسارة على إلي ولى.

 

في خضم المجزرة المستمرة تأبي غزة أن تنحني لتقبل قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي وحلفائه .غزة ألهمت الملايين من الأبطال من عمال جنوب أفريقيا, ايرلندا , اسكتلندا, وبريطانيا, وأكاديميي وطلاب العديد من الدول . غزة اصبحت العنوان لقوة الشعب ، قوة المواطن العادي حينما تعجز المؤسسات الدولية عن الفعل ، تظهر من خلال مقاطعة كل ما هو إسرائيلي ، أكاديمياً واقتصادياً وحتى سياسياً كما فعلت كل من فنزويلا وبوليفيا. غزة ألهمت أكثر من 1400 بطــل قرروا أن يصلوا الى القطاع لتكريم شهداء المجزرة والسير يداً بيد تحت راية العلم الفلسطيني  ورفع شعار ( لا للحصار) . غزة تلاحق مجرمي الحرب الاسرائيليين باراك ، ليفني ، أولمرت وباقي الجنرالات .غزة حولت لندن ، مدينة بلفور ، الى مدينة لا تقبل بوجود المجرمين في فنادقها .

 

يمر عام على غزة 2009 ووسائل القمع تتطور تكنولوجياً فقط من أجل غزة . ولكن غزة لا تنكسر لأنها وعت جيداً أنها أصبحت الرمز الذي يتطلع اليه كل فلسطيني كان في المنافي أو على حواجز الضفة أو في مناطق 48 . غزة تعلم علم اليقين أنها لا يمكن أن تنحني على الرغم من الطغيان من الأمام ومن الخلف, وتعلم أيضاً أنها أصبحت قضية أممية يتجمع حولها كل مؤمن بمبادئ الحرية والعدالة . ليس من سبيل المصادفة أن تصدر غزة نداءاً لمحبي الحرية بالعالم بأن يخرج 1.5 مليون يوم 31/12 تخليداً لذكرى ( من ولّى) ولإحداث شرخ حقيقي في جدار الحصار القروسطي.