خبر رفضان مختلفان..هآرتس

الساعة 11:03 ص|25 ديسمبر 2009

بقلم: زئيف شتيرنهل

منذ بدأت مظاهر الانتفاضة اليهودية المنظمة في الضفة الغربية، التي تلبس الان ملابس لم يسبق لها مثيل، بذلت جهود كبيرة من أجل احداث تماثل متكلف بين الدعوة الى التمرد الاستيطاني المنهجي ورفض الخدمة في المناطق، كما جرى التعبير عنه في بدء العقد.

كي ندرك مبلغ تشويه هذه المقارنة من اساسها يحسن أن نذكر عددا من الحقائق. في بدء 2002 بادرت مجموعة من خمسين ضابطا ورقيبا من وحدات مقاتلة الى وثيقة عبر فيها لاسباب اخلاقية عن رفض المشاركة في أعمال القمع التي تقتضيها الخدمة العسكرية في المناطق. وسريعا ضم اليها اكثر من ستمائة مقاتل توقيعاتهم. عندما حكم على نحو من اربعين من الرافضين للخدمة بفترات سجن في السجن العسكري، نشر بضع مئات من افراد الهيئات التدريسية في الجامعات والمعاهد رسالة تأييد لرافضي الخدمة الذين كان كثير منهم طلاب جامعات. يعد كاتب هذه السطور في الموقعين وهو الذي مكث احد اكثر طلابه موهبة في السجن.

في واقع ذلك الوقت كان هذا عملا صحيحا مناسبا. منذ ذلك الحين تعلم الجيش الاسرائيلي ان يعايش محاربين لن يحجموا عن القاء انفسهم في اتون المعركة لكنهم لن يكنوا مستعدين ليصبحوا لولبا في آلة الاحتلال: فالمشكلات تحل بهدوء بغير تصريحات وفي مستوى الوحدة العسكرية. في مقابلة ذلك اقيمت شرطة استعمارية – لواء كفير. مهمتها ان تعفي الوحدات المقاتلة من تنفيذ مهمات الاحتلال اليومية.

لا توجد اية صلة بين انتفاضة اخلاقية تلتزم التمسك بمعايير كونية، وذات طابع شخصي تماما مصحوب بالاستعداد لدفع كامل ثمنها، وبين التمرد العنيف المنظم السياسي في جوهره، الذي يجري اليوم في المستوطنات. وعلى القدر نفسه من السخف ان نحدث تماثلا بين المعاهد الدينية التحضيرية والجامعات، او بين الحاخامات واساتذة الجامعات. فهذه المعاهد الدينية ليست مؤسسات تعددية تشجع الشك، وتتضارب فيها مواقف واراء من جميع الوان الطيف، مؤسسات فيها رجال ونساء، وعلمانيون ومتدينون، ويهود وعرب، ويساريون ويمينيون.

المعهد الديني هو اطار حياة، لا مؤسسة يأتون للدراسة فيها فقط. هذه مؤسسة ذات صبغة واحدة يقودها حاكم واحد تشتمل على جميع مجالات حياة الطالب. هنا يتعلمون الطاعة، وعدم التمرد على المواضعات او سلطة فكرية ما. لكن من المنطقي أن نفترض أن توجد داخل المعاهد الدينية التحضيرية مواقف مختلفة، وان يوجد بينها وبين رؤوسها خلافات في الراي. لكن الصفوف هناك مغلقة مستقيمة اذا اريد التعبير المعلن عن قرارات حاسمة سياسية. فمن الحقائق ان رئيس المعهد الديني هار براخا، الحاخام اليعيزر ميلميد قد حظي بتأييد صارخ بلا تردد. ان نيات المعاهد الدينية التحضيرية ولا سيما المتطرفة منها كما يبدو للناظر من الخارج هي ان تمنح الجيش اول والمجتمع كله بعد ذلك قيم الشريعة والمبادىء القومية المتطرفة التي ترفض مجرد مفهوم المساواة بين البشر والشعوب والثقافات. ان هدفا واحدا يقوم ازاء نواظر رؤساء المستوطنات وحاخامات المعاهد الدينية التحضيرية، والحاخام العسكري الرئيس، ووزير العدل يعقوب نئمان ورئيس اللجنة الدستورية والقانونية والقضائية دافيد روتم هو اخضاع الفكر، واستقلال الفرد والحق في الاختيار الحر لسلطان الشريعة ولمبادىء تفوق شعب اسرائيل، الحاكم الطبيعي الوحيد في الارض كلها. هكذا يقترض ان تصوغ المعايير التي تسود هار براخا وجه المجتمع الاسرائيلي كله.

ان الهدف المباشر هو حماية المستوطنات بتلويح دائم بتهديد الحرب الاهلية. في هذا النضال تلعب المعاهد الدينية التحضيرية دور القوة الساحقة، ولهذا فانها في بؤبؤ عين الاستيطان ورأس حربته. هذه وحدات مجندة ومطيعة وعتيدة. هنا تربى قيادة المستقبل التي يطمح الاستيطان بواسطتها الى أن يكتسب بالتدريج تأثيرا اكبر في الجيش وان يضمن ان يكون جزء كبير من القيادة العليا في يده في غضون ما لا يزيد على عقد او 15 سنة. معنى ذلك أن اليمين القوماني والاكليركي سيحظى بتأثير يزداد في السياسة الاسرائيلية.

أجل، الهدف كله سياسي، ومن أجل احرازه سيوقع رؤوس المعاهد الدينية مع الجيش على كل وثيقة تفاهم نريدها بشرط أن تستطيع الاستمرار على العمل، حينما يملكون قوة كافية لاشلال قدرة الدولة على العمل في كل ما يتصل باتفاقات سلام في المستقبل أخذت تقترب.