خبر بيبي ملك اسرائيل -هآرتس

الساعة 10:38 ص|24 ديسمبر 2009

بقلم: جدعون ليفي

 (المضمون: برغم ان بيبي نتنياهو في الوضع الحالي يعد اقوى زعيم اسرائيلي لانه لا يملك معارضة حقيقية لما يريد فعله فانه عاجز عن اتخاذ حتى قرار شجاع واحد -  المصدر).

كشف مشهد الحيرة النفسية للوزراء السبعة في قضية جلعاد شليت عن العكس: بنيامين نتنياهو رئيس حكومة يكاد يكون قادرا على كل شيء وكان يستطيع أن يجيز كل قرار. لم يكن عندنا منذ زمن رئيس حكومة قوي الى هذا الحد لو اراد فقط أن لجعل المكنسة تطلق النار. ليعلم الامريكيون الذين يغريهم اعتقاد ان نتنياهو يريد لكنه لا يستطيع، وليعلم الاوروبيون والعرب والاسرائيليون خاصة، الذين يعتقدون ان المشكلة تكمن في قيود السياسة الداخلية انه لا توجد في اسرائيل الان سياسة داخلية لانه لا يوجد من يهدد نتنياهو حقا.

        منذ زمن لم يوجد في القدس رئيس حكومة قوي الى هذا الحد لا يواجه مقاومة حقيقية، ولا معارضة لا من حزبه ولا من خارجه، لا برلمانية ولا خارج البرلمان، وبغير شخصية ذات شأن تهدد مقعده.

        لكن الكلام موجه فوق كل شيء الى نتنياهو نفسه الذي هو فنان التخويف ورب المخاوف الذاتية: تملك قوة كبيرة اكبر مما تتخيل نفسك ومما تعرض على الخارج. هذه بشرى خير لاسرائيل؟ يتعلق الامر فيما يريده نتنياهو حقا.

        لقي الاقوياء من زعماء اسرائيل في الماضي ايضا معارضة شديدة. فقد قام مناحيم بيغن ازاء دافيد بن غوريون، وجعل حزبه حياته مرة؛ وكان يغئال الون ازاء موشيه دايان، وواجه كلاهما ليفي اشكول. وبن غوريون في المقدمة؛ وكان لبيغن واسحق شمير شمعون بيرس، وكان لبيرس اسحق رابين؛ وكان لرابين بيرس وارئيل شارون ايضا. وواجه "ملك اسرائيل" مركز حزبه والمتمردين الذين اضطروه الى ترك الحزب.

        فمن يقف ازاء نتنياهو؟ لا شيء. فراغ مطلق. لا توجد معارضة في اسرائيل، فرئيس الحكومة يفعل ما يشاء. فالليكود في يديه. مع او بغير داني دنون وتسيبي حوتبيلي، وكديما صامت أشل، والعمل يلفظ انفاسه الاخيرة، بل ان المستوطنين تبين انهم نمور من ورق مرة اخرى. عرض بائس لوسائل الاعلام في شأن اوامر تجميد البناء. تلاشى من الفور مع ضمها الى "خريطة الافضليات الوطنية"، وانطواء الى شرط للمعاهد الدينية التحضيرية.

        اذا كان الحال كذلك فمن الذي يهدد رئيس الحكومة بالضبط؟ أسلفان شالوم؟ لقد اضحكتم حتى نتنياهو. أموشيه يعلون؟ أبيني بيغن؟ وما زالوا ينتظرونه في المعهد الجيولوجي. ايهود باراك في مقعده تقريبا ومن المحقق أن لا مكان له يمضي اليه. أفيغدور ليبرمان يهدد العالم كله لكنه لا يهدد رئيس الحكومة. وشاس مكتفية بالموجود. ولا يؤثر شيء خارج الحكومة في وزراء حزب العمل. ان طريق نتنياهو ممهد آمن.

        كذلك محاولته ان يشق كديما وان ينقل الى حزبه عددا من تاركيه، اللاجئين مرة اخرى في اكثرهم هي محاولة لا داعي لها. فلماذا يبذل جهدا في ذلك؟ ان حكمه واحد سواء كان موحدا ام منقسما: انه بلا معنى بالنسبة له . يجب أن نزيد على ذلك عدم المبالاة العام المريض، وعدم وجود حركات احتجاجات ذات شأن وعدم وجود معسكر سلام حقيقي وعدم وجود اشخاص ذوي قدر وتأثير خارج السياسة ايضا.

        بقيت وسائل الاعلام لكنها ليست ايضا اكثر من اقلاق. صحيح انها ليست في اكثرها متحمسة لنتنياهو لكنها اقل عداء له مما كانت في الماضي. تتعاون وسائل الاعلام في الجوهر مع السلطة، أي سلطة. وماذا عن العالم؟ حتى هو اقل اهتماما، يتدخل ويضغط، وفي ضمنه الولايات المتحدة.

        بيبي ملك اسرائيل، وهذا في ظاهر الامر وضع ممتاز بالنسبة اليه. فكما اجاز الى جهد "خطبة الدولتين" و "قرار التجميد"، يستطيع ايضا ان يطلق جلعاد شليت. كان يستطيع أن يتخذ اجراءات شجاعة جريئة، وان يزيل الحصار عن غزة، وان يعقد اتفاق سلام مع سورية، بل ربما ان يضم جزءا من المناطق الى نهجه. اصبحت السماء في ظاهر الامر هي الحد، لكن الحد منخفض كثيرا: انه حد مطامح نتنياهو مقاصده. "امضِ في قوتك هذه" – لكن يحتاج من أجل ذلك ان يعلم الى اين نريد الوصول.

        طريق نتنياهو سهل، فمنذ زمن لم تعرض لزعيم اسرائيلي فرصة ذهبية كهذه للعمل. واعجب اذا عجبتم من ان رئيس الحكومة خاصة الذي قد يكون الاقوى في تاريخ اسرائيل يصعب عليه ان يتخذ حتى قرارا شجاعا واحدا. لم يحدث شيء برغم تسعة اشهر في عمله. حيرات وحيرات وخطب "تاريخية" – ولا يوجد مطر. اسكاف حافٍ او جوز لمن لا يملك اسنانا،  هذا امر يثير الكآبة.