خبر خط حسني مبارك الفولاذي ..د. محمد صالح المسفر

الساعة 10:17 ص|22 ديسمبر 2009

خط حسني مبارك الفولاذي ..د. محمد صالح المسفر

 

ـ القدس العربي 22/12/2009

( 1)

في حرب عام 1967 الإسرائيلية على مصر احتلت القوات الإسرائيلية شبه جزيرة سيناء المصرية وخيم الجيش الإسرائيلي على الشاطئ الغربي لقناة السويس، وكان قادرا على التحكم في الملاحة في القناة، وأقام خطا دفاعيا حصينا سمي بـ 'خط بارليف'، واستطاع الجيش المصري العظيم الذي أعده عبد الناصر ورجاله قبل 'اغتياله'عام 1969 تحطيم هذا الخط الدفاعي الحصين في ساعات خلال عبور القناة لتحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي في حرب عام 1973، وانتهت أسطورة تلك التحصينات.

اليوم أقدمت الإدارة المصرية على إقامة خط 'دفاعي' فولاذي ليفصل بين الحدود الفلسطينية (غزة) ومصر، ويغوص في عمق 30 مترا تحت الأرض، كما قالت بعض وسائل الإعلام الأجنبية إن هذه الصفائح الفولاذية صممت في أمريكا وجربت ولا يمكن للصواريخ شديدة الانفجار اختراقها، وان هناك تعاونا بين حكومة مصر وإسرائيل وأمريكا في هذا المجال.

مصر أنكرت رسميا ونشرت وسائل إعلامها تكذيبا لخبر إقامة ذلك الجدار الفولاذي العازل، لكن الأمريكان والأمم المتحدة وإسرائيل أكدوا ذلك الخبر، فلم يجد النظام السياسي المصري مفرا من الاعتراف بإقامة هذا الجدار، وانه حق من حقوق السيادة ولها أن تحمي نفسها من أي عمل إرهابي بكل الطرق. نحن معشر العرب مع مصر قلبا وقالبا في حماية أمنها الوطني وحدودها لكن يجب أن يحدد العدو، وليس لمصر عدو في هذا العصر غير إسرائيل. أهل غزة ـ الذين تحاصرهم الحكومة المصرية ـ عبر التاريخ هم الحاجز المنيع لحماية مصر من كل الغزاة وهم أول الضحايا دفاعا عن امن مصر، فلماذا تمعن جمهورية مبارك الرابعة في حصارها وعدائها لهذا الشعب (غزة) العربي المسلم الذي هو راس الرمح الذي تستخدمه مصر لمواجهة عدوها اللدود إسرائيل؟ ماذا فعل أهل غزة في مصر حتى يلاقوا هذا العداء لهم من إخوانهم في الدين واللغة والمصير؟ إسرائيل اغتالت علماء مصر بكل الوسائل، وتتجسس على أمنها، ولوثت مزارعها ومياهها ودمرت اقتصادها وسحقت أجساد جنودها الأسرى في حروبها الثلاث، وأخرجتها من إفريقيا خاسرة بعد أن كانت مصر في عز قيادتها السياسية في عصر العمالقة (عبد الناصر ورجال مصر الأوفياء) لها الكلمة العالية والذراع الممتدة عبر القارة، إسرائيل نهبت ثروة مصر البترولية وما برحت تستنزف موارد ها بأبخس الأثمان (الغاز والبترول) بينما أهل غزة يشترون بضاعتهم من أهل مصر بأغلى الأسعار، وغزة تعتبر السوق الرائجة لإنتاج مصر، فلماذا هذا الحصار الظالم لغزة الذي تفرضه حكومة حسني مبارك، ولم تحرك مصر حسني مبارك شفتها بكلمة واحدة ضد إسرائيل؟ الجواب عندي هو خنوع هذا النظام للإرادة السياسية الإسرائيلية ـ الأمريكية، هو إهدار لكرامة مصر وعزتها، وهو خيانة الميثاق الوطني المصري الذي يقول: إن امن مصر يتحقق ضمن الدائرة العربية، وتليها الدائرة الإسلامية، والدائرة الإفريقية، وليس في إطار رضا إسرائيل وتحقيق أمنها.

( 2 )

يا للهول! أيتها السلطة القابعة في رام الله في ما قاله (عزام الأحمد) عضو لجنتك المركزية، لقد قال: إن السلطة في رام الله ترفض رفضا صريحا تصريحات الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر الداعية لرفع الحصار الإسرائيلي والمصري عن قطاع غزة، لان رفع الحصار في مفهوم السلطة عن مليون ونصف المليون فلسطيني يعيشون في غزة يصب لصالح حركة حماس الفلسطينية، لكن مصلحة اهل غزة وحياتهم لا تهم هذه السلطة، وطالب (الأحمد) 'بانتفاضة شعبية' في غزة تقودها حركة فتح العباسية ضد الأهل والشرفاء المقاومين للاحتلال والرافضين لسياسة التيئيس والاستسلام للنفوذ الصهيوني. كنا نتوقع أن تصدر سلطة رام الله العباسية دعوة لانتفاضة شعبية فلسطينية في كل عموم فلسطين ضد إسرائيل التي أصدر 'اعلى مجلس قضائي يهودي ديني' فيها فتوى تدعو إلى قتل كافة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وتقول صحيفة 'يديعوت احرونوت' العبرية: إن الفتوى آنفة الذكر الصادرة عن مجمع الحاخامات الإسرائيلي 'السنهدرين' تنص على أن الله يحرم أن يكون هناك هولوكوست أخرى لليهود باستهداف حياة 'القتلة' الموجودين في سجوننا، وتطالب الفتوى بشن عملية عسكرية واسعة على غزة في عيد 'الحانوكاه' يكون هدفها تدمير غزة واستئصال حركة حماس من على وجه الأرض، على حد تعبيرها.

آخر القول: نذكر مصر العزيزة إن جدار برلين أسقطه الشعب الألماني، وخط ماجينو أسقطه الألمان، وجدار بالريف أسقطه الشعب المصري، وجدار الفصل العنصري الصهيوني سيسقطه الشعب الفلسطيني، وجدار حسني الفولاذي حول غزة سيسقطه الشعب المصري والشعب الفلسطيني، وأما حركة فتح فسيسقطها شرفاء فتح والشعب الفلسطيني. وان الله مع الصابرين.