خبر في يديه -معاريف

الساعة 09:12 ص|21 ديسمبر 2009

بقلم: بن كاسبيت

(المضمون: نتنياهو يريد جدا ان يجلب شليت الى الديار وجدا غير قادر على أن يدفع الثمن. بالضبط مثلما في المعضة السياسية الكبرى. يريد جدا صنع السلام وهو جدا غير قادر على دفع الثمن - المصدر).

        الخطة الكبيرة كان يفترض أن تكون على النحو التالي: حسم لتنفيذ صفقة شليت، تحلية القرص بعطاء بناء كبير في شرقي القدس ونقل سبعة فارين من كديما الى الليكود تحت غطاء الجلبة. صحيح حتى ليلة أمس، فان المهمات الثلاث هذه تتأرجح. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتردد، بفرائص مرتعدة. هل يسير نحو الصفقة في صيغتها الحالية ام لا. العطاء في شرقي القدس جاهز. بلاغ سري نقل الى الامريكيين الذين اعربوا عن معارضتهم. السباعية في كديما تنتظم، لا يزال ينقص عضو سابع، الجميع ينتظرون امكانية ان تكون صفقة شليت، حسب الاستعراض المسبق، نوع من رصاصة الاطلاق نحو الفرار. ونتنياهو، في داخل كل هذا، يرتعد خوفا.

        أمس، في أول مرة منذ قيام الحكومة، كان ممكنا لنا أن نسمع رجال نتنياهو يتحدثون منددين بوزير الدفاع ايهود باراك. بعضهم حتى لم يعفِ نفسه عن اصدار الاوصاف. وبالتوازي تحدث رجال باراك، وكذا باراك نفسه ضد نتنياهو. جذر الخلاف هو بالطبع صفقة شليت. الوسيط الالماني يوجد في الطرف، يوشك على أن يترك كل شيء ويعود الى دياره. وحسب رواية ما فانه سيتلقى منصبا رسميا في المانيا ولن يتمكن من مواصلة مهمته. وحسب رواية ثانية لا يدور الحديث بالاجمال عن ان اجازة عيد الميلاد.  نتنياهو يرفض قبول هذا القضاء. لماذا يقع هذا بالذات عليه؟ هاكم مثلا ايهود اولمرت، في وضعية مشابهة قرر أن لا. ولكن احدا لم يتهمه بانه دفن جلعاد شليت الى الابد. ميزة اولمرت انه كانت ولايته قد انتهت اما لبيبي فلم تنتهي. لديه مزيد من الوقت. احيانا، في الساعات الصغيرة من الترددات التي تقسم الظهر، يبدأ بالرغبة في ان تنتهي.

        دفاعا عن نفسه يقول انه ستكون فرصة اخرى. سيكون ممكنا مواصلة المفاوضات بعد مهلة قصيرة. ان لا حاجة للقطع الان. ان لا يمكن خلق وضع إما ان نكون او لا نكون. لا يمكن هكذا ادارة مفاوضات. هذا الجدال، في البداية مؤدب، اصبح أقل أدبا وفي ختامه كاد يصبح عنيفا. الطرفان يتهمان الواحد الاخر باستعراضات يرافقها الطبل والزمر وكذا تسريبات لشبكات التلفزيون الاجنبية وكل ذلك من أجل العرقلة، الافشال او الادانة. ليس لطيفا هناك في الاروقة التي بين باراك ونتنياهو. ظل ثقيل ملقي على قصة الغرام الكبرى في السياسة الاسرائيلية. الطرفان يصحوان.

        الرقابة العسكرية في اسرائيل تحظر علينا أن نطرح عليكم انتم القراء المزيد من الخلافات. في هذه المرحلة من الامور بات هذا مسا مباشرا بالديمقراطية، بحق الجمهور في المعرفة، بالحاجة الى اجراء بحث جماهيري مرتب، قبل أن يكون فات الاوان. كل ما يمكن هو الاكتفاء بالتلميح، بالمنشورات الاجنبية، بكل انواع الصحافة العربية التي لم يسمع احد عنها من قبل وبـ "فوكس نيوز". ذروة السخافة هي أن جزءا من التسريبات الى "فوكس" تخرج من القدس أو من تل ابيب لتجاوز الرقابة العسكرية. غير أن من فرضها يعرفون ايضا كيف يتجاوزونها عند الحاجة. خسارة انهم يفعلون ذلك على ظهر الجمهور الذي بعث بهم.

        بنيامين نتنياهو قلق، الاستطلاعات الموضوعة على طاولته سيئة. مكانته الشخصية في هبوط مستمر. الجمهور، الذي صوت يمينا، يحصل على سياسة يسارا. قبل كل شيء تجميد غير مسبوق والان صفقة قتلة. بالمقاعد، حاليا، لا يوجد لهذا تعبير ذو مغزى. الليكود يهبط، ولكن احدا لا يرتفع. الجمهور يتردد. بنسبة التأييد الشخصي لنتنياهو يمكن رؤية هذا بوضوح. وعليه فانه يتردد. يتصبب عرقا. يعرف انه يجب أن يتخذ هنا قرارا زعاميا ولكن يصعب عليه أن يتخذه. قبل بضعة اشهر كما نشر اتخذ قرارا استراتيجيا للسير نحو صفقة شليت. اذا كان اتخذ، فلماذا إذن لا يذهب؟ فليقطع، وهذا هو. واذا كان يعتقد ان هذه الصفقة سيئة لاسرائيل فلماذا لا يقطع بالاتجاه المعاكس؟ فليقل الحقيقة، في مستوى العيون، للجمهور الذي بعثه وكذا لعائلة شليت  وليغير قواعد اللعب؟ ليس لدى نتنياهو الشجاعة والزعامة اللازمتين لتنفيذ افعال كهذه. نقطة الوسط الارخميدية، التي اجتهد جدا للعثور عليها تتملص منه. وهو يعرف ان المستوطنين الذين صوتوا له بجموعهم يعارضون صفقة شليت. سيكون من الصعب عليه المس بهم مرة اخرى. من جهة ثانية، لا يوجد سبيل آخر لاعادة الجندي الى الديار. وبيبي، بالاجمال رجل ضعيف ينهار بشكل عام امام الضغط، يتمزق في الوسط. يتحدث عاليا، ويفعل متدنيا. الان، يعطي الانطباع بان الضغط يزداد عليه بتواليات هندسية كل ساعة. باراك يضغط عليه كي يطرح معضلة شليت على المجلس الوزاري. آخرون يضغطون عليه للتأجيل، لمواصلة المفاوضات وجرجرة هذا الى الامام. مثلما يحب هو.

        وفي هذه الاثناء يرى تآمر باراك عليه ويشد على اسنانه. فهو يريد جدا ان يجلب شليت الى الديار وجدا غير قادر على أن يدفع الثمن. بالضبط مثلما في المعضلة السياسية الكبرى. يريد جدا صنع السلام وهو جدا غير قادر على دفع الثمن. هكذا هي الحياة هنا وحشية لا مثيل لها. تجبي ثمنا باهظا على كل شيء، لا توجد وجبات مجانية وعلى بنيامين نتنياهو أن يتخذ الان القرارات الكبرى، والضخمة، التي خاف منها كل حياته. لا مجال لان نحسده او لان يحسدنا أحد.