خبر دراسة أردنية تدعو لمقاربة فجوة المصالح المشتركة مع « حماس »

الساعة 04:07 م|20 ديسمبر 2009

فلسطين اليوم : عمَّان

دعت دراسة أردنية حكومة البلاد إلى القيام بحوار استراتيجي واقعي عقلاني مع حركة "حماس"، يساهم في إضاءة "المناطق الرمادية"، وفي ترسيم العلاقات الأردنية- الفلسطينية في شقيها الداخلي والخارجي.

الدراسة جاءت بعنوان "السياسة الأردنية وتحدي "حماس": استكشاف المناطق الرمادية ومقاربة فجوة المصالح المشتركة"، للباحث والكاتب الأردني د. محمد أبو رمان (عن مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية)، وقد قدّم لها رئيس الوزراء الأسبق ، د. معروف البخيت وعلّق عليها طاهر المصري (رئيس مجلس الأعيان حالياً).

وتأتي التوصية ببناء حوار استراتيجي مع "حماس" بعد أن تتبعت الدراسة المراحل التاريخية التي مرّت بها علاقة الأردن بالحركة، وحللت العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة عليها، وصولاً إلى اللحظة الراهنة.

وقد توصّلت الدراسة إلى أنّ هنالك "غموضاً من الجانب الأردني في تعريف مصالحه المتضاربة والمشتركة مع "حماس"، ووضعها على طاولة الحوار الصريح العقلاني مع الحركة، في حين هنالك مناطق رمادية في خطاب الحركة وممارستها تجاه الأردن".

كما خلصت الدراسة إلى أنّ هنالك "مناطق واسعة غامضة ورمادية في العلاقة بين الأردن و"حماس"، لم تخضع لحوار عقلاني معمّق ، ولم يجرِّ التفاهم حولها".

وتضيف الدراسة "المؤسسات الرسمية الأردنية ، من جهتها ، لم تقدّم تعريفاً محدّداً ، ذا طابع استراتيجي ، لما تريده من حركة "حماس" ، ولمآخذها عليها ، بقدر ما اتسمت مواقف الأردن بالتذبذب والقلق تجاه الحركة ، وبسياسات النفس القصير (يوماً بيوم) ، وذلك خلق شرخاً عميقاً بالثقة ، ووضع هذه السياسات والمواقف في عهدة المتغيرات الإقليمية والداخلية من جهة ، ولمن هم في موقع صناعة القرار الرسمي الأردني"؟

وتشير الدراسة إلى دور العوامل الخارجية والمتغيرات الإقليمية في جر الأردن إلى "مواقف سلبية نقدية تجاه "حماس"، لكن مع سدّ الباب تماماً أمام محاولات بناء حوار عقلاني واقعي بين الطرفين ، قد يكفل هو حماية المصالح الأردنية وتحقيق جزء من مصالح الحركة مع الأردن".

على الطرف الآخر ، تصف الدراسة مواقف حركة "حماس" (تجاه قضايا حساسة في ملف العلاقة مع الأردن) بطابع رمادي غير واضح.

ولعلّ إحدى القضايا الجدلية، التي تشير إليها الدراسة وتحللها بصورة معمّقة ، تتمثل بمدى تأثير "حماس" ونفوذها في جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، إذ وفقاً لدعاوى الدولة وحتى الجناح الإصلاحي في جماعة الإخوان، لم تلتزم "حماس" باتفاقها مع الحكومة الأردنية ، فقد وسّعت من تجنيد أعضاء الإخوان في صفوفها، وخرقت الاتفاقيات الأدبية، وبنت مؤسسات إعلامية وتجارية وثقافية تابعة لها، وأرادت تحويل جماعة الإخوان في الأردن إلى جزء من نفوذها في المجتمع الأردني - الفلسطيني، من دون أن تكترث بالتجارب الخطرة الشبيهة السابقة ، التي مرّت بها المنظمّات الفلسطينية".

في تقديمه للكتاب وما خلص إليه من نتائج وتوصيات يشير د. معروف البخيت إلى أنّ القيمة الحقيقية للكتاب أنه "يسد فراغاً في البحوث السياسة الجادة لدينا في الأردن، إذ لا بد من الاعتراف بأننا نعاني بشكل عام من ضعف في إجراء دراسات سياسية إستراتيجية على سوية بحثية عالية".

ويضيف أن "هذا البحث توصل لتوصيات بخيارات لسياسات أردنية في مجال العلاقة مع حركة "حماس" قد تكون مفيدة لمتخذي القرار، فقد حدد الباحث العوامل والاعتبارات المؤثرة في علاقة الأردن و"حماس" وحللها بأسلوب سلس وبلغة راقية وواضحة وصولاً إلى بحث الخيارات السياسية".

وتصل الدراسة إلى تحديد جملة من العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة على العلاقة مع "حماس"، في مقدمتها الرهانات السياسية لكل من الحكومة والحركة ، والشخصيات التي تقع في مركز القرار في عمان، وطبيعة المرحلة السياسية وحيثياتها ، تطور العملية السلمية ، الضغوط الأميركية ، العلاقة بين الحكومة الأردنية والسلطة الفلسطينية.

فيما حظيت جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها الضلع الثالث الرئيس في العلاقة بجزء رئيس من الدراسة ، وتحديداً جدل العلاقة بينها وبين حركة "حماس" ، وهو الجدل الذي فجّر مؤخراً أزمة داخل الجماعة وفيما بين التيار الإصلاحي وقادة "حماس"، بخاصة بعد قرار الأخيرة "فك الارتباط التنظيمي مع جماعة الإخوان المسلمين في الأردن" ، ما يعني عملياً "نهاية تنظيم بلاد الشام الذي قام عام 1978 ، ويشمل الأردن والضفة وغزة".

وتتناول الدراسة رؤية النخبة السياسية الأردنية للعلاقة مع حركة "حماس"، وهي الرؤية التي تنعكس على اتجاهات النخب الرسمية ومطبخ القرار ، من خلال ثلاثة اتجاهات رئيسة:

الأول: وهو المتحفظ على الانفتاح على حركة "حماس"، لأسباب متعددة ، في مقدمتها عدم الثقة بالحركة ومشروعها الأيديولوجي الإسلامي ، وكذلك العلاقة الإستراتيجية بين الأردن والسلطة الوطنية وحركة فتح.

الثاني: فهو الأقرب إلى المعارضة السياسية القومية واليسارية ويطالب بالانفتاح الكامل على حركة حماس وتبديل التحالفات الأردنية مع "حماس" وإيران وسورية بدلاً من المربع الاستراتيجي الحالي ، ويطالب بإلغاء معاهدة وادي عربة.

بينما تتحدث الدراسة عن اتجاه ثالث ، يطالب بالانفتاح على حركة "حماس"، والحوار الاستراتيجي معها ، ولا يجد أن هنالك تناقضاً بين هذه السياسة وبين المربع الاستراتيجي الحالي والعلاقة مع حركة فتح ، بقدر ما أنّ هذا الانفتاح يخدم المصالح الأردنية - الفلسطينية ، ويوسع المناورة الدبلوماسية الأردنية واستعادة الأوراق الإقليمية ، ويوفر مفتاحاً للخطة (ب) في حال فشلت التسوية أو وصلت إلى طريق مسدود.

في المقابل ، لا توجد مناظرة معلنة لدى حركة "حماس" حول العلاقة مع الأردن ، وهنالك قراءتان لذلك ، الأولى تستند إلى خطاب مشعل ، الذي ألقاه في عزاء والده بعمان ، ويؤكد فيه على ثوابت الحركة تجاه الأردن، بالحرص على أمنه وسلامة أراضية، ورفض التوطين ، والوطن البديل، ورفض التدخل في شؤون الأردن، حتى عبر الحركة الإسلامية.

بينما يشكك مسؤولون أردنيون بمصداقية هذه الرؤية ، ويشيرون إلى محاولة الحركة بسط نفوذها داخل الأردن ، وبصورة خاصة داخل جماعة الإخوان ، وهو ما تؤكده رواية التيار الإصلاحي في الجماعة ، وبعض تصريحات لمسؤولي "حماس" تشي بالتعامل مع الأردن باعتباره ساحة نفوذ رئيسة للحركة، نظراً لأنه يحتوي على أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين، ويتداخل مع المشهد الفلسطيني بصورة كبيرة.

يصرّح الباحث محمد أبو رمان أن الكتاب اعتمد على بعض الوثائق ومقابلة مع خالد مشعل وبعض قادة "حماس" والإخوان ومسؤولين أردنيين سابقين وحاليين على صلة وثيقة بالملف، وقد حاول تحميل جزء كبير من هذه الرؤى والآراء من خلال الحوارايات التي احتواها الكتاب بصورة واسعة.