خبر وصفة للمخلل -هآرتس

الساعة 09:48 ص|20 ديسمبر 2009

بقلم: عكيفا الدار

 (المضمون: مارتين ايندك، ايتمار رابينوبتش وعوديد عيران، الدبلوماسيون المخضرمون يبحثون كم عميقة أزمة الثقة بين اسرائيل والولايات المتحدة وما هي اقتراحاتهم للمفاوضات  - المصدر).

        مشوق ان نعرف ماذا كان يمكن لبراك اوباما ان يقول لمستشاريه في شؤون الشرق الاوسط  بعد أن يقرأ التقارير التي تدل على التدهور في العلاقات بين اسرائيل واوروبا. فهل كان سيتلفظ الرئيس الامريكي باستمتاع بشيء مثل "بيبي يستحق"؟ أم أنه قلق من ان يكون هذا مؤشر على أن القوة العظمى تفقد السيطرة على شركائها الخانعين بشكل عام؟

        "هآرتس" طلبت من ثلاثة مراقبين مجربين في العلاقات الاسرائيلية – الامريكية ممن كانوا ضالعين في المسيرة السلمية الاسرائيلية – العربية، ان يحللوا السياسة الامريكية في المنطقة، ويقدروا علاقاتها مع اسرائيل ويرسموا خطوطا محتملة للسياسة. ثلاثتهم شاركوا هذا الاسبوع في المؤتمر السنوي لمعهد بحوث الامن القومي في جامعة تل أبيب، الذي عقد في المدينة هذا الاسبوع.

        د. مارتين ايندك، المستشار الخارجي لاوباما، كان رئيس دائرة الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي وسفير في اسرائيل في عهد ادارة بيل كلينتون؛ المستشرق البروفيسور ايتمار رابينوبتش كان سفير اسرائيل في الولايات المتحدة ورئيس الفريق للمحادثات مع سوريا في النصف الاول من التسعينيات؛ ورئيس المعهد  د. عوديد عيران كان نائب سفير اسرائيل في الولايات المتحدة، سفير اسرائيل في الاردن وفي الاتحاد الاوروبي ورئيس الفريق الاول لدى باراك للمفاوضات مع الفلسطينيين.

يحبني، لا يحبني

على سؤال  لماذا لا يحب الاسرائيليون اوباما يجب مارتين ايندك: "أفترض أن في نظر الاسرائيليين قراره الذهاب الى القاهرة، الى الرياض والى أنقرة والقفز عن القدس هو برهان خالد على أن اوباما "لا يحبنا". فقد اعطاهم احساس المرأة التي هجرها زوجها في صالح امرأة اخرى – الدول العربية. خلافا لكلينتون، اوباما هو رجل بارد لا يبدي المشاعر الا تجاه ابناء عائلته القريبين.

"الجمهور الاسرائيلي يمكنه أن يكون مطمئنا – في لحظة الاختبار لديه من يمكن الاعتماد عليه في البيت الابيض. ومع ذلك، فان الادارة الامريكية يجب أن تفهم بان الطريق الى السلام تمر عبر الجمهور الاسرائيلي. على اوباما ان يدعو نتنياهو الى البيت الابيض، لا ان ينتظر نتنياهو يطلب لقاءا. عليه أن يضع يديه على كتف نتنياهو وان يقول: "هيا نفتح صفحة جديدة، ولكني احتاج الى أن اسمع منك ما الذي تبدي استعدادك لعمله من اجل دولة فلسطينية، كما اعلنت في بار ايلان"".

اما رابينوبتش فيعتقد بان ما ينقص الدولتين هو الحميمية. وعلى حد قوله، فان "موقف اوباما يعتبر عندنا اكثر سلبية مما هو في الواقع، بسبب غياب علاقات حميمة بين حكومة اسرائيل والادارة الامريكية الحالية. في ادارتي كلينتون وبوش كانت هناك خطوط هاتف مفتوحة بين البيت الابيض ومكتب رئيس الوزراء وجرت مشاورات متواترة بين المستويات العليا".

"أتفق على أنه لا يمكن التقليل من أهمية الحميمية بين زعيمي الدولتين، ولكن قليلا من التوازن"، يقول عوديد عيران. "بالقياس الى وضع العلاقات بين اسرائيل وادارة آيزنهاور، او التوترات التي كانت مع الرئيس رونالد ريغن في الثمانينيات، فان التوتر الحالي هو بالكاد شهقة.

العلاقات بين بيبي واوباما كان يمكنها أن تكون أفضل لو أن رئيس  الوزراء بكر في خطاب بار ايلان واوفى بتعهدات الحكومات السابقة بشأن المستوطنات والبؤر الاستيطانية. علاقات الثقة بين الادارتين كانت دوما ومنذ البداية عنصرا مركزيا في استعداد اسرائيل لاخذ المخاطر. بدون هذه الحميمية، اسرائيل ستجد صعوبة في اتخاذ قرارات صعبة، مثل  التنازلات الاقليمية بعيدة الاثر".

-      هل ستجد صعوبة ايضا في قرارات صعبة حيال التهديد الايراني؟

ايندك: "رغم خلافات الرأي بينهما ففي كل ما يتعلق بالتحدي المركزي من ناحية رئيس الوزراء – النووي الايراني – يوجد تنسيق كامل بينه وبين اوباما. بقدر ما هو معروف لي، فان رئيس الوزراء ووزير الدفاع راضيان جدا عن الموقف الحازم لاوباما تجاه ايران. من الصعب أن نعرف أي طريقة عمل سيختار في النهاية، ولكن من المهم أن تكون قناة الاتصال بين الدولتين مفتوحة كل الوقت وان تتخذ القرارات معا".

رابينوبتش: "التعاون ايجابي. ولكن العقوبات ضد الايرانيين لم تطبق بكاملها، وهم يواصلون تخصيب اليورانيوم. اوباما منح اولوية للعلاقات مع الدول الاسلامية ولبناء الثقة مع العالم العربي ويولي اهمية أقل للعلاقات مع اسرائيل".

-      عيران كتب في نهاية الثمانينيات ان المفاوضات على المناطق كفيلة بان تكشف حقيقة ان الموقف الامريكي بالنسبة للحدود الدائمة اقرب من الموقف العربي منه الى الخريطة الاسرائيلية.

ايندك: "اسرائيل كانت ولا تزال حليفة الولايات المتحدة. عمق علاقاتها مع الفلسطينيين ربما هو 10 في المائة من عمق العلاقات مع اسرائيل. ولكن لا تغيير في الموقف المبدئي للولايات المتحدة، في الحاجة الى العودة الى حدود 1967 مع تعديلات طفيفة. كل اتفاق وقعت عليه اسرائيل يقوم على اساس حدود 1967. هذا ما اتفق عليه عليه ثلاثة من رؤساء وزرائكم مع سوريا. وافترض أن مواطني اسرائيل لن يصابوا بالصدمة حين يتبين أيضا بان الاتفاق مع الفلسطينيين سيقوم على اساس خطوط حزيران 1967. برأيي، أغلبيتهم سيؤيدون ذلك فأين يظن نتنياهو الدولة الفلسطينية ستقوم – على القمر؟

        "ومثلما في ولايته السابقة يفعل بيبي في نهاية المطاف ما نحن، في الولايات المتحدة، نعتقد أنه الامر السليم، ولكن فقط بعد مخاض طويل ينطوي على مواجهة مع واشنطن وفقدان قسم هام من الحظوة على خطواته. المفاوضات معه على اتفاق الخليل سبب لي مشاكل في القلب. ماذا حصل في مزرعة واي في 1998؟ نتنياهو وقع على الاتفاق، خضع للمستوطنين وفقد الحكم. كل رئيس وزراء اسرائيلي يصل ا لى واشنطن مع اقتراح جدي، مضمون له أن يحظى بالاسناد من الادارة. من الاسهل على واشنطن الحفاظ على العلاقات عندما يكون هناك ما يمكن الحديث فيه، مما يكون عندما ينشغلون بانزال الايدي. لا غرو ان العلاقات متوترة عندما يتقرر في يوم ما تجميد المستوطنات وفي الغداة وزير كبير يصرح بان هذا وهم وبعد يوم تدخل الحكومة مستوطنات منعزلة في خريطة مناطق الاولوية".

رابينوبتش: "للامريكيين مصالح هامة في الدول العربية وغير مرة يوجد تضارب بينها وبين الحلف الخاص مع اسرائيل. مسيرة السلام تستخدم لديهم كأداة مركزية للتوازن. في اللحظة التي اخذت الولايات المتحدة على عاتقها دور الوسيط، اصبحت هي نفسها جزءا من الاخذ والعطاء والمفاوضات اصبحت ثلاثية الاطراق. ولهذا فان التقدم في المسيرة السلمية لا يضمن سير هادىء مع الامريكيين نحو الغروب في الافق".

عيران: "لا اعتقد ان الولايات المتحدة ستطرح صيغة تتناول المواضيع الاساس للنزاع. التجربة مع مصر والاردن وبقدر كبير مع الفلسطينيين، تظهر أنه يمكن التوصل الى اتفاق فقط اذا ما كانت الاطراف ذات الصلة في النزاع معنية بالتوصل الى تسوية تقوم على اساس ما تعتبره سليما. واضح انه اذا اضطر بيبي الى الاختيار بين الخضوع لصيغة اوباما وبين وجود حكومته، سيفضل الحفاظ على الحكم. ولكن لنفترض أن يعلن نتنياهو عن استعداده للحديث على خطوط 1967 وعلى حق العودة – فهل ابو مازن قادر على ان يوقع باسم الشعب الفلسطيني؟

"اقترح على الامريكيين أن يدفعوا الى الامام حلولا جزئية، مثل نقل مزيد من الاراضي الى السيطرة الفلسطينية، بالتوازي مع مسيرة تؤدي الى حل دائم حين تنضج الظروف. الولايات المتحدة يمكنها أن تسلم ابو مازن كتاب ضمانات يضمن الا تكون التسويات الجزئية هي النهاية وان موقفهم هو ان حدود الدولة الفلسطينية ستقوم على خطوط 1967.

"بالتوازي، يجدر بالولايات المتحدة ان تستأنف عمل مجموعات العمل في مواضيع التعاون الاقتصادي، المياه والرقابة على السلاح. اقامة سلطة مياه اكثر حقيقية وواقعية بكثير من سخافة اوباما الذي اعتقد بان السعودية ستسمح لطائرات العال بالتحليق فوق الرياض وفوق المساجد في المدينة القديمة. هذا اهم بكثير من أكل صحن حمص في قطر".

 

في حالة اعلان عن دولة

-      اذا استمر الجمود فهل سيقف اوباما جانبا فيما تعترف الاسرة الدولية بدولة فلسطينية؟

اينديك: "سيكون من الصعب على الولايات المتحدة احباط اعتراف كهذا حيال كل العالم. اذا ما اكمل الفلسطينيون بعد سنة – سنتين خطة رئيس وزرائهم سلام فياض لاقامة مؤسسات دولة وبرهنوا على قدرتهم حماية حدودها ومكافحة الارهاب، فلن يكون ممكنا منع الاعلان عن دولة فلسطينية والاعتراف بها. وعليه، فاني اوصي جدا ان تأخذ اسرائيل الان المبادرة الى ايديها".

رابينوبتش: "على الولايات المتحدة أن تأخذ بالحسبان الظاهرة المقلقة في ان الدول العربية وتركيا تفقد ثقتها بالادارة الامريكية. أنا ارى دول الخليج تطور علاقات مع سوريا وايران. العالم يحب اوباما، ولكن الاتحاد الاوروبي لم يعد يقبل صلاحيته وبدأ يعمل بشك مستقل في الساحة الدولية".

-كيف سيتصرف اوباما في القناة السورية؟

ايندك: "من ناحية الولايات المتحدة، يمكن ومن المجدي التقدم في المسارين بالتوازي لانهما كفيلان بان يساعد الواحد الاخر. الولايات المتحدة حاولت تغيير علاقات اسرائيل – سوريا مستعينة بتركيا، لربط سوريا بمعسكر السلام وابعادها عن ايران. وافترضت ان الامر سيدفع ايران الى التعاطي بجدية اكبر مع العقوبات. كنت أقترح ان تؤيد اسرائيل ايضا التقدم في المسارين بالتوازي.

"بدلا من المرور مرتين في دروب جهنم من التنازلات الاليمة، يمكن عمل ذلك دفعة واحدة. صحيح أن هناك تعاون ما بين الولايات المتحدة وسوريا ولحسن معرفتي قريبا سيعين سفير امريكي في دمشق، ولكن دون التقدم في المفاوضات مع اسرائيل، وفي ضوء استمرار تواجد قيادة حماس في دمشق ودعم سوريا لحزب الله فان نفوذ الولايات المتحدة على دمشق سيكون محدودا".

رابينوبتش: "اذا كانت اسرائيل والفلسطينيون مستعدين لتحريك "خطوة كبرى"، فان السوريين لن يزعجوا. ولكن اذا فضلنا تسوية جزئية مع الفلسطينيين فانه يمكن التقدم بالتوازي في القناة السورية. الاويات المتحدة تنظر الى سوريا من منظور أوسع: نشأت كتلة عربية – تركية تهدد النظام السياسي في المنطقة ومن المهم للامريكيين اخراج سوريا من هذه الكتلة.