خبر فشل مفاوضات وتنسيق أمني ودولة مؤقتة .. ياسر الزعاترة

الساعة 12:52 م|19 ديسمبر 2009

فشل مفاوضات وتنسيق أمني ودولة مؤقتة

 

ياسر الزعاترة ـ الدستور الأردنية 19/12/2009

هل ثمة صلة بين القضايا الثلاث التي يتضمنها عنوان المقال؟ نعم هناك الكثير من الصلة ، فقد أخبرنا كبير المفاوضين قبل أسابيع أن 18 عاما من المفاوضات لم تفض إلى شيء ، في وقت صحح له الرئيس في كلمته أمام المجلس المركزي يوم الثلاثاء الماضي قائلا إنه لا داعي لأن نجلد أنفسنا لأن المفاوضات كانت محدودة بفترات لا تذكر (هل يمكن لخبير أن يجمع لنا كم ساعة تفاوضية أمضاها القوم منذ مدريد 91 ولغاية الآن ، ويضيف إليها أكثر من 200 ساعة مع حكومة أولمرت وحدها؟،).

أيا يكن الأمر ، فالنتيجة أن صفقة نهائية لم توقع ، وذلك رغم مسلسل التنازلات ، نعم مسلسل التنازلات الذي سخر منه السيد الرئيس قائلا إن شيئا لم يتغير منذ إعلان الدولة عام 88 ولغاية الآن ، مع العلم أن ذلك الإعلان لم يتحدث عن حل متفق عليه لقضية اللاجئين الذي يعني ببساطة شطب ذلك الحق ، كما لم يتحدث عن تبادل الأراضي الذي يعني بقاء الكتل الاستيطانية الكبيرة في مكانها ، ولو ملك القوم الجرأة لقالوا لنا ما هي حقيقة "التفاهمات الشفهية" التي توصلوا إليها مع أولمرت.

لا بأس ، فالمفاوضات فشلت ، ولا عودة إليها قبل الوقف الكامل للاستيطان كما يعلنون ، وما دام نتنياهو يرفض ذلك ، فليقولوا لنا ما هم فاعلون (في ظل تأكيدهم على رفض العنف طبعا)؟،

هنا تأتي قصة التنسيق الأمني ، فإذا كان نتنياهو لم يلتزم بأي من الاستحقاقات المترتبة عليه في خريطة الطريق ، فلماذا يصر الطرف الفلسطيني على التعاون والتنسيق الأمني وكأن كل شيء على ما يرام؟،

يديعوت أحرونوت كشفت قبل أيام نقلا عن مصادر أمنية إسرائيلية أن التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة وبين سلطات الاحتلال يتم بنفس الوتيرة بمعزل عن الأوضاع السياسية ، وتحدث التقرير عن الدوريات المشتركة وعن الجهد الكبير للأمن الفلسطيني في ملاحقة خلايا المقاومة (يأتي بعد ذلك من يسألك بكل صفاقة: لماذا لا تقاوم حماس في الضفة الغربية؟،).

هل نطلب المستحيل إذا قلنا إن على هؤلاء وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الذي يحوّل إليهم بعض الصلاحيات الأمنية في المدن الفلسطينية من دون أن يتوقف عن دخولها واعتقال من يمكن أن يفكر في المقاومة من أبنائها ، مع أن عامين مضيا لم تكن هناك أية عمليات مسلحة من داخل الضفة؟،

لن يحدث ذلك بالطبع ، والسبب يتعلق بالجزء الثالث من العنوان ، وهو الدولة المؤقتة ، فالرئيس يقول إن حماس قد وافقت على الدولة المؤقتة ، وهي معزوفة يرددها منذ ثلاث سنوات دون كلل أو ملل ، ليس لأنها حقيقية (القصة عبارة عن مغامرة من أحمد يوسف مع سياسيين أوروبيين انتهت قبل أن تبدأ ورفضتها حماس رفضا قاطعا) ، بل لأنها تنافس القيادة إياها في المربع الذي تحب التحرك فيه ، وهو مربع السلطة والدولة المؤقتة التي لا وجود لمسار سواها على الأرض ، أقله إذا لم نفاجأ بمسار سري على شاكلة أوسلو ينتهي باتفاق بائس.

يفشلون في المفاوضات ، لكنهم سيعودون إليها ، إن لم يكن اليوم فغدا ، والسبب أنهم لا يؤمنون بسواها ، ويقولون ذلك بكل وضوح وصراحة (في مؤتمر فتح قالوا إن المقاومة باقية ، لكن أحدا لا يرد على رئيس الحركة عندما يقول كل يوم إنه يرفض العنف). وهم لا يوقفون التنسيق الأمني لأن عليهم إثبات جدارتهم به حتى يجري تسليمهم الصلاحيات الأمنية في سائر المدن لكي تكتمل أركان الدولة المؤقتة ، ولكي يجري السماح بتدفق الأموال والاستثمارات ، إلى جانب تحركات القادة ببطاقات الفي آي بي.

هذه هي الدولة المؤقتة التي تقوم على الأرض ، أما المفاوضات النهائية فتؤجل إلى عشرة أو عشرين عاما ، كما ذهب شارون ، وهو ذات السلام الاقتصادي الذي اقترحه نتنياهو والدولة المؤقتة بحسب بيريس وباراك وشاؤول موفاز. أما الزهد في المناصب والحرد السياسي فيمكن حله بطرق شتى ، وقد تكفل ما يسمى المجلس المركزي بذلك عندما قرر بقاء الرئيس في منصبه حتى إجراء الانتخابات،،

لقد تحولت القضية والمقاومة والثوابت والمقدسات إلى عناوين للتهريج كلما عقد اجتماع هنا أوهناك ، وأقسم أن المرء يكاد يصاب بالغثيان كلما سمع شيئا من ذلك ، ومع ذلك لن تعدم من يدافعون عن ذلك كله كما لو كان الحق المبين ، فأي عقل وأي ضمير يملكون؟،