خبر العمالة وجهة نظر..مصطفى الصواف

الساعة 06:31 ص|19 ديسمبر 2009

 

العمالة وجهة نظر..مصطفى الصواف

كشفت صحيفة الجارديان البريطانية عن التعاون الأمني بين جهازي الأمن الوقائي والمخابرات التابع لسلطة رام الله وبين وكالة المخابرات الأمريكية الـ CIA) ) في تعذيب المعتقلين من حركة حماس في سجون سلطة رام الله، هذا الكشف الصحفي في حد ذاته ليس جديدا، فقد تحدثت عنه أوساط في حركة حماس منذ فترة من الزمن، وتحدث عنه الأسرى في السجون الإسرائيلية ممن اعتقلوا بعد الإفراج عنهم من سجون عباس عندما وجدوا ملفات التحقيق حاضرة على طاولة التحقيق الإسرائيلية.

 

التعاون بين هذه الأجهزة الأمنية مع الأجهزة الأمريكية والإسرائيلية، قديم قدم وجود السلطة الفلسطينية، ففي اعتقالات الأجهزة الأمنية لعناصر وقيادات حماس في سجون السلطة في حملة الاعتقالات التي جرت عام 1996 ، فقد أكد المعتقلون أن محققين إسرائيليين كانوا يقومون بالتحقيق مع المعتقلين من أسرى حماس في سجون السلطة في تلك الفترة، والتي لم تتوقف إلا بعد انتفاضة الأقصى بعد أن استهدفت الطائرات الإسرائيلية المقار الأمنية المختلفة، فكان لابد من خروجهم من السجون رغم أنف قادة الأجهزة الأمنية.

 

جديد صحيفة الجارديان هو التأكيد على صدق ما أعلنته حركة حماس، وفي نفس الوقت، فالأمر لا غرابة فيه، خاصة أن الأجهزة الأمنية بكل أشكالها في سلطة رام الله هي تحت رعاية الجنرال الأمريكي كيث دايتون، دايتون هذا جنرال أمريكي يتبع المؤسسة الأمنية الأمريكية، فلا غرابة أن يكون هناك تعاون ليس فقط على مستوى التحقيق والمشاركة فيه ، بل وعلى مستوى التنسيق الأمني في كافة المجالات، فليس بعيدا عنا اللقاءات الأمنية التي كانت تعقد في شرم الشيخ والعقبة والتي جمعت أجهزة مخابرات الرباعية والسلطة الفلسطينية في رام الله و(إسرائيل) وأمريكا.

 

هذا الكشف عن التعاون الأمني بين "الوقائي" و"المخابرات" في التحقيق مع المعتقلين من حركة حماس في سجونهما لن تستفيد منه حماس ، لأنها على علم بذلك،  إن لم يكن من المعتقلين أنفسهم بل من المتطوعين العاملين في هذه الأجهزة، وهذا دليل للمشككين في المعلومات التي سبق أن كشفتها حركة حماس، وهو يكشف بشكل واضح لمن يرى أن هذه الأجهزة وطنية وتعمل لمصلحة الشعب الفلسطيني.

 

التعاون الأمني بين أجهزة السلطة والمخابرات الأمريكية قائم منذ قيام هذه الأجهزة خاصة بعد أن كشفت المستندات والوثائق التي عثر عليها في مقرات الأجهزة الأمنية التي كانت في قطاع غزة، وكيف كان جهازا الأمن الوقائي والمخابرات يعملان كعملاء للأجهزة الأمنية، الأمريكية والأوروبية للتجسس على الدول العربية والإسلامية ونقل المعلومات إلى هذه الأجهزة.

 

المهم أن قادة هذه الأجهزة لا يعتبرون أن هذا التعاون مع هذه الأجهزة ضد الأمن القومي العربي والإسلامي أمر طبيعي، وهو جزء من عملها، وجزء من اتفاقيات التعاون بين الجانبين التي تنتفي فيها المصلحة المتبادلة، لأن هذه الأجهزة الأمنية لا تقدم ما يخدم المصلحة الفلسطينية وأمنها القومي،  بل المستفيد هو أجهزة المخابرات الأمريكية والأوروبية، كما توظف هذه المعلومات لخدمة الاحتلال الإسرائيلي، وبذلك هذا التعاون يكون ضارا بالمصلحة الوطنية العليا ، وهذا ما ظهر جلياً عندما تم تزويد أجهزة الأمن الإسرائيلية بكافة المعلومات التي جمعت عن المقاومة الفلسطينية في غزة، ووظفتها قوات الاحتلال في بناء بنك للمعلومات والأهداف التي قامت بضربها خلال عدوانها الأخير على قطاع غزة والذي ارتقى فيه المئات من الشهداء.

 

فالتعاون والعمالة باتتا وجهة نظر، وهو ما حذر منه الشهيد القائد صلاح خلف ( أبو أياد) في كتابه (فلسطيني بلا هوية)، بل وصل الأمر بقادة الأجهزة الأمنية أن تعتبر كل تنسيق أو تعاون مع الاحتلال عملاً وطنياً، ومثله التعاون مع الأجهزة الأمنية المختلفة الأمريكية أو الأوروبية أو حتى العربية.