خبر نظرية الارتباط: عقيدة أمريكية خاطئة .. إسرائيل اليوم

الساعة 02:45 م|18 ديسمبر 2009

بقلم: دوري غولد

قبل الانتخابات في عام 2008 اعتاد مستشارو براك اوباما التأكيد امام نظرائهم الاسرائيليين بأن الحاجة لانتزاع "الورقة الفلسطينية" من يد احمدي نجاد اي استخدام الصراع الاسرائيلي الفلسطيني لزيادة النفوذ الايراني في ارجاء العالم العربي تعتبر عاملا مهيمنا في تصورهم للعملية السياسية بذلك يكونون قد مهدوا الارض لسياسة الارتباط – سياسة تربط بين العملية السياسية ومواجهة المشكلة الايرانية.

لشدة الاسف ادارة اوباما آمنت بهذا الارتباط في بداية طريقها في عام 2009، الامر الذي يوضح الاصرار شبه الاستحواذي نحو اسرائيل في مطلب ايقاف البناء تماما وراء الخط الاخضر بما في ذلك القدس.

جذور  هذه السياسة تكمن في رؤية واسعة سائدة ومفادها ان العامل الحاسم والمؤثر على صورة الولايات المتحدة في العالم العربي هو موقفها من الصراع العربي – الاسرائيلي.

هذا التصور تجسد في خطاب اوباما في جامعة القاهرة، الذي رمى الى فتح صفحة جديدة بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي. بذلك ربطت الولايات المتحدة الانتقال لسياسة اكثر حزما تجاه اسرائيل – بالمصالح الاستراتيجية الواسعة في الشرق الاوسط. مارتن اندك سفير الولايات المتحدة في اسرائيل سابقا لخص الانعطافة بعد انتخاب اوباما في تشرين الثاني 2008 في الكلمات التالية: "لقد انتهى عهد الشيك المفتوح". في السياق الايراني ينص هدف السياسة الجديدة على تقليص قدرة طهران على اجتذاب شركاء جدد من  العالم العربي الى صفها.

في هذا الشهر نشر سكوت باترسون من الصحفيين الغربيين واسعي الاطلاع على الشؤون الايرانية تحليلا في مجلة "كريستيان ساينس مونتور" وفيه يصل الى استنتاج بأن تاثير ايران على العالم العربي بحالة تراجع في الاشهر الستة الاخيرة. الاسباب من وراء ذلك لا ترتبط باسرائيل بتاتا. تحت عنوان "ايران تفقد نفوذها في العالم العربي" يدعى باترسون ان صورة طهران كانت في تصاعد بعد 2006 اثر ما اعتبر نجاح لحزب الله في مواجهة اسرائيل وعمليات الارهاب الدموية التي نفذتها المليشيات الشيعية في العراق ضد جيش الولايات المتحدة.

الا ان الحكايات التي بدأت تتسرب من ايران بعد الانتخابات الرئاسية الاخيرة وقسوة النظام ضد آلاف المتظاهرين – الحقت ضررا فادحا بشرعية النظام الايراني في نظر قطاعات واسعة من العالم العربي. الصحافة العربية بدءا بصحفية "الحياة" وانتهاء بصحيفة "الاهرام" اسهمت في زيادة اجواء خيبة الامل من الثورة الايرانية.

الخط الحازم لم يسعف شيئا

في هذه الاثناء لا تسارع الدول العربية الى تأييد ايران، باستثناء السودان وسوريا طبعا التي بقيت الحليفة الاقرب لايران في العالم العربي. منذ عام 2007 عندما انتقلت قطر الى الطرف الاخر من المتراس واصبحت  مؤيدة جلية لايران – لم تسر اية دولة عربية في اعقابها.

السعودية بقيت راسخة في الوقت الذي تخوض فيه حربا غير مباشرة ضد الشيعة في اليمن والمدعومين من ايران ولا تسمح لهم بتسجيل انتصارات عسكرية لصالحهم في الساحة الخلفية لشبه الجزيرة العربية. في الامارات المتحدة العربية كانت ابو ظبي دائما اكثر مناهضة لايران من دبي التي سمحت للايرانيين باستخدام منظومتها البنكية للتهرب من العقوبات الغربية.

يبدو ان الازمة المالية في دبي ستعزز قوة ابو ظبي داخل الامارات المتحدة، لانها ستكون على الاغلب خشبة الخلاص المركزية لدبي. ستكون لهذه المسألة على ما يبدو ايضا اثار سياسية بالنسبة لدبي التي  ستضطر لتقليص علاقاتها الاقتصادية مع ايران.

زد على ذلك ان استراتيجية اتباع خط حازم لمواجهة اسرائيل الهادفة لزيادة التعاطف مع الولايات المتحدة في العالم العربي لم تحسن مكانتها. القادة العرب خصوصا السعوديون اصيبوا بخيبة الامل من رفض الامريكيين اتباع خط اكثر تشددا في مواجهة ايران.

الملك السعودي عبدالله رفض طلب اوباما اعطاء ثمن ما لتجميد المستوطنات. في الوقت الذي يتعرضون فيه لهجمة من طهران والتي تسميهم "خونة الاسلام" بسبب الاتصالات مع اسرائيل، يحتاج السعوديون الى ضمانات في مواجهة ايران وليس الى طائرات العال تحلق في اجوائهم.

الامر صحيح ليس فقط على مستوى القادة. اصلاحيون عرب من الكويت ومصر أملوا بان يقود اوباما فترة تغيير – الا انهم يكتشفون انه قد تخلى عن الحماس الذي ميز فترة بوش بصدد نشر الديمقراطية في العالم العربي. هذه الاتجاهات دفعت البروفيسور فؤاد عجمي المثقف العربي الامريكي المعروف والخبير في شؤون الشرق الاوسط بالقول بأن "العرب قد توقفوا عن التصفيق لاوباما".

اشارات من السعودية

من المحتمل ان لا يقول امير سعودي هذه الكلمات علانية، الا انه سيسمح للصحفيين التابعين له بالتعبير عن هذا الموقف. على سبيل المثال في الحادي والعشرين من كانون الاول 2008 كتب طارق الهميد المحرر الرئيس لصحيفة "الشرق الاوسط" التي تمتلكها السعودية: "محاولات ايران للحصول على السلاح النووي تشكل تهديدا جديا للمنطقة كلها وليس اسرائيل".

بكلمات بسيطة هناك شك كبير في ان يكون وزير الدفاع السعودي مصرا على طرح تجميد البناء في ايتمار كشرط مسبق للحصول على مساعدة امريكية لحماية رأس تنورة، نقطة انطلاق النفط السعودي من هجمة حرس الثورة الايرانية. فكرة الربط  لا  تبدو واقعية بكل بساطة عندما نتحقق من سلم الاولويات الحقيقي لدول المنطقة.

من الممكن تمييز التطور في سياسة ادارة اوباما في قضية الربط. كل ادارة جديدة تدخل الى منصبها مع افتراضات اساسية تضطر في ما بعد لملاءمة نفسها مع الواقع الشرق اوسطي الصعب الذي يتجاوز في اغلب الاحيان المخططات الاولية المسبقة.

في السنة الماضية كتب دينيس روس كتابا هاجم فيه فكرة دبلوماسية الربط بين الامور، وفي  الاشهر الاخيرة استدعي للبيت الابيض من اجل تحسين ادائه في شؤون الشرق الاوسط. ولكن الى ان  نرى التغير الحقيقي، سيكون على حكومة اسرائيل مواجهة الاعتقاد الذي ما زال سائدا في واشنطن حتى في الوقت الذي تطلق دول المنطقة التلميحات لادارة اوباما بأن سياستها يجب ان تتغير.