خبر الاستفتاءات الاسرائيلية- هروب - مماطلة - تهويد وتأبيد للاحتلال...! ..نواف الزرو

الساعة 09:34 ص|17 ديسمبر 2009

الاستفتاءات الاسرائيلية- هروب - مماطلة - تهويد وتأبيد للاحتلال...! ..نواف الزرو

يمكن لنا ان نكثف مصادقة الكنيست الاسرائيلي الاربعاء الماضي على مشروع قانون الاستفتاء حول الجولان ومعها القدس وغيرها من الاراضي المحتلة بعبارة واحدة: انها تشريعات بغطاء حربي، بل انها بمثابة اعلان حرب مفتوحة على العرب...!.

اذ بمصادقة الكنيست وبغالبية كبيرة على القانون الذي يربط اعادة اي مناطق محتلة خاضعة لـ "السيادة" الاسرائيلية باستفتاء شعبي عام"، تكون حكومة نتنياهو اتخذت خطوة جديدة على طريق ليس فقط اغلاق الآفاق السياسية للتسوية مع سوريا والفلسطينيين تماما، وانما تكون قد خطت خطوة حقيقية خطيرة على طريق حرب اخرى في المنطقة، في الوقت الذي تكون فيه قد انتهكت القرارات والمواثيق الدولية التي تعتبر هذه المناطق محتلة، ولا يجوز للاحتلال فرض سيادته عليها...!.

فاذ يرهن هذا القانون الذي ايده نتنياهو وحكومته اليمينية المتشددة اي انسحاب من الاراضي العربية التي احتلتها اسرائيل في حرب حزيران/1967، وخصوصاً القدس والجولان، بموافقة الرأي العام الاسرائيلي عبر استفتاء شعبي، فان النوايا تغدو واضحة، فتلك الحكومة لا تنوي ولا تخطط ابدا لاي مفاوضات حقيقية قد يتمخض عنها تسوية  تلزم تلك الدولة  بالانسحاب.

 وفي اطار التشريعات الاسرائيلية المزيفة المتعلقة بالاراضي المحتلة، كان الكنيست الإسرائيلي اقر بتاريخ 14/12/1981 قانون تطبيق القانون الإسرائيلي على الجولان، وسمي القانون آنذاك بـ"قانون الجولان" الذي رفضته الأمم المتحدة واعتبرته قانوناً غير شرعي وأصدرت القرار رقم 497 بتاريخ 17/12/1981 الذي يدين تطبيق القوانين الإسرائيلية على الجولان المحتل ويعتبر القرار الإسرائيلي لاغيا.

وكانت سبقت اقرار ذلك القانون مجموعة احداث اشرت الى ذلك التصعيد الاسرائيلي منها:

  - ففي  16/1/1980--  750 ألف إسرائيلي طالبوا بتطبيق السيادة الإسرائيلية على الجولان من خلال عريضة تم تسليمها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي الاسبق" مناحيم بيغن"، ومن بين الموقعين 71 من أعضاء الكنيست في المعارضة والائتلاف اليميني الحاكم بزعامة حزب الليكود.

- وفي 2/8/1980 طالب وزير الزراعة الإسرائيلي آنذاك" ارييل شارون" بضم الجولان إلى دولة إسرائيل.

- في 4/2/1980 – عمل خمسة عشر عضوا من أعضاء الكنيست الإسرائيلي من اجل صياغة قانون جديد ينص على تطبيق القانون الإسرائيلي على الجولان.

- وفي  18/8/1980 قام ثلاثون عضوا في الكنيست الإسرائيلي بجولة في الجولان مطالبين بسن قانون ضم الجولان.

- وفي  20/8/1980 اعلن نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية سيمحا ارليخ" إن إسرائيل لا تستطيع إعادة الجولان الى سوريا وان تعيين حدود وسط الجولان سيكون اصطناعيا" .

- وفي  8/5/1981 اقسم مناحيم بيغن أمام 30 الف مستوطن في مستوطنة ارييل في الضفة الغربية انه طالما بقى يمارس مهامه فانه" لن يتنازل عن أي قسم في الجولان" وقال: "أنا ابن زئيف وهاسيا اقسم أنني لن أتنازل عن جزء من الجولان طالما بقيت في منصبي".

- وفي 14/12/1981  اقر  الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون ضم الجولان في ثلاثة قراءات متتالية.

الى ذلك -  وفي مسالة الاستفتاءات الباطلة، كان الجنرال باراك قد تعهد بدوره في خطابه السياسي وخطوطه الحمراء وخطوطه العريضة للحكومة الائتلافية التي شكلها في عهده عام 1998، بالعودة إلى"الاستفتاء الشعبي الإسرائيلي " لدى التوصل إلى اي  تسوية سياسية مع الفلسطينيين او مع السوريين، وقد واصل بذلك طريق استاذه رابين

  الذي كان اول من فجر في منتصف كانون الثاني / 1994 قنبلة " الاستفتاء الشعبي " ففاجأ الجميع آنذاك ، إذ أعلن " أنه سيلجأ إلى الاستفتاء الشعبي إذا ما كان الثمن الذي سيطلب منه في الجولان كبيراً".

وكان اسحق رابين يعلن " كلما دق الكوز بالجرة " ولأسباب أمنية أو انتخابية أو تكتيكية تفاوضية بأنه سيعرض أي صفقة حل يتم التوصل إليها مع سوريا حول مصير الجولان لاستفتاء الرأي العام الإسرائيلي .

 ولم يتأخر عنه بيريز، بل تفوق عليه لاحقاً في بيانه الانتخابي عام 1996 وعمم مسألة الاستفتاء الشعبي لتشمل الأراضي الفلسطينية المحتلة ومستقبلها .

  وفقا لقراءة الخريطة السياسية والايديولوجية الاسرائيلية تجاه القدس والجولان والاراضي المحتلة، فان نتائج اي استفتاء اسرائيلي حول مصير هذه المناطق مقروءة سلفا.

 على اية حال، لم يكن هذا القانون ليمر لولا ذلك الاجماع السياسي الاسرائيلي الى حد كبير على التمسك بالسيادة والسيطرة الاسرائيلية على الجولان وغيرها، حتى لو كان الثمن المزيد من الحروب وتأبيد الصراع.

فمن بن غوريون وشاريت، الى مناحيم بيغن، ثم الى غولدا مئير فرابين فبيريز، وصولا الى شامير وشارون، ثم الى نتنياهو وباراك، كلهم يعتبرون الجولان جزءا من "ارض اسرائيل" وثروة استراتيجية لهم، ويعتبرون القدس مدينة الآباء والاجداد وعاصمة اسرائيل الموحدة الى الابد...!

وبهذا التواصل والاجماع ما بين رؤساء الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة يغدو واضحا أن اللجوء الإسرائيلي إلى قصة " الاستفتاء الشعبي " هو تعبير عن حقيقة استراتيجيتهم تجاه الجولان والقدس، وهو لعبة للهروب من الاستحقاق الرسمي الذي يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تدفعه، وهو محاولة في الوقت ذاته للمماطلة والتأجيل والتعطيل، خاصة إذا ما علمنا بأن صقور"إسرائيل " من الليكود واليمين المتطرف وأصحاب نظرية " أرض إسرائيل " كلهم طالبوا سابقاً ويطالبون اليوم كذلك بالعودة إلى"الاستفتاء الشعبي الإسرائيلي" قبل التوقيع على أي اتفاقية على أي مسار كان.

في القرارات والمواثيق الاممية يعتبر مثل هذا الاستفتاء من قبل دولة محتلة على اراض محتلة باطلا من الاساس، وهو يعطى لمن ليس له أي حق في التصويت على مصير هذه الاراضي المحتلة التي تعود هنا للعرب، وليس من حق الحكومة الإسرائيلية  او الرأي العام الإسرائيلي التصويت عليها فيما إذا كانت من حق العرب أم لا، وفيما اذا كان على الاحتلال ان يرحل عنها ام لا...؟!.

ما يثير السؤال الاستراتيجي المزمن دائما على الاجندات الفلسطينية والعربية:

 كيف لهم ان ينسحبوا من اي منطقة محتلة طالما لا تتوافر عناصر الضغط والاجبار ...؟!.