خبر في مؤتمر للهيئة الإسلامية العليا: تأكيد رفض إجراءات المنع والإبعاد عن القدس والأقصى

الساعة 05:45 م|16 ديسمبر 2009

فلسطين اليوم-القدس المحتلة

أكدت شخصيات وقيادات دينية ووطنية من مدينة القدس المحتلة، اليوم، رفضها لقرارات وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي الخاصة بإبعاد العديد منها من دخول القدس أو المسجد الأقصى المبارك، ومنع الكثير من الشخصيات والقيادات من السفر، فضلاً عن حالات تشريد العديد من العائلات المقدسية بسبب سياساتها العنصرية.

 

جاء ذلك، في المؤتمر الصحافي الذي نظمته الهيئة الإسلامية العليا بحي الشيخ جراح وسط مدينة القدس المحتلة، بعنوان 'لا للتشريد لا للمنع'.

 

 وشارك في المؤتمر، رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى المبارك الدكتور عكرمة صبري، الذي تم منعه من دخول الأقصى لمدة ستة أشهر، والمطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، ورئيس لجنة القدس في التعبئة والتنظيم بحركة فتح حاتم عبد القادر، الذي تم منعه من دخول القدس القديمة والمسجد الأقصى، والشيخ جميل حمامي عضو الهيئة الإسلامية العليا وتم منعه من السفر، والدكتور مهدي عبد الهادي رئيس الأكاديمية الفكرية 'باسيا'، فيما تولى عرافة المؤتمر الأمين العام لهيئة العلماء والدعاة في القدس الدكتور عبد الرحمن عباد.

 

واستهل د. عباد المؤتمر بكلمة قال فيها: 'نحن أمام دولة خارجة على القانون؛ فليس هناك قانون بشري أو سماوي يُسوّغ الاحتلال أو يُجيزه إلا في الدولة العبرية المارقة، التي قامت على أشلاء شعبٍ بأسره حيث دمرت عن سابق عزمٍ وتصميم مدنه وقراه، وارتكبت مجازر فظيعة ضد الناس الآمنين بقصد ترويعهم وترويع الآخرين حتى يغادروا منازلهم وأوطانهم كلها، وقد سجل المحققون في التاريخ، ومنهم من المؤرخين اليهود وغيرهم ما يزيد عن الثمانين مجزرة وفق الأرشيف العسكري الصهيوني، وأكثر من مائتي مجزرة وفق التحقيقات التي قام به الآخرون'.

 

وأضاف: 'إن إسرائيل دولة قامت على سياسة عنصرية تنفي وجود الآخر، فتُبيد الحجر والشجر والأثر، وتقتلع الجذور التي تشير إلى ماضٍ ليست له علاقة باليهود، الذين لم يكن لهم أي وجود حضاري يذكر على هذه الأرض كما يعترف منصفون كثيرون من اليهود أنفسهم'.

 

وأوضح أن إسرائيل، التي نشأت في ظروفٍ مخالفة لسنن الطبيعة وجاءت بناس من الخارج وطردت المواطنين الفلسطينيين من بيوتهم وشردتهم في أصقاع الدنيا، هي نفسها الدولة العبرية التي شنّت حتى الآن تسع حروب طاحنة من أجل التوسع على الأراضي المنهوبة التي تضع يدها عليها بين حين وآخر، وإن إسرائيل ما زالت مستمرة في عدوانها على البشر وصلت إلى اغتيال النصوص والرموز وإلى حرمان الناس من أبسط حقوقهم الإنسانية وهي الصلاة.

 

وفي كلمته، قال الدكتور صبري 'إن هدفنا اليوم هو إيصال صوتنا لكل العالم، ولنؤكد أنه 'لا للمنع لا للتشريد'.

 

ولفت إلى أن إجراءات الاحتلال الخاصة بالإبعاد عن المسجد الأقصى بدأت منذ ثلاث سنوات بحق عدد من العاملين في الأقصى، وبحق عدد من المواطنين المصلين المواظبين على صلواتهم في المسجد الأقصى، إلى أن وصل الإبعاد والمنع إلى القيادات الوطنية والدينية.

 

واستهجن إجراءات الاحتلال، وقال: 'إن هذه الإجراءات غير مسبوقة وغير معلنة ولم نسمع في العالم مثله، فهم يمنعون المصلين من أداء صلواتهم، خاصة في المسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين، ونعتبر قرارات المنع باطلة وغير قانونية وغير شرعية وغير إنسانية'.

 

وأشار إلى الاجتماع الذي عقدته الهيئة الإسلامية في الأسبوع الماضي بحضور وجهاء وشخصيات القدس، التي أكدت أن هذه القرارات غير ملزمة وإنها باطلة لأنها صدرت من جهة احتلالية غير مخولة بإصدار مثل هذه القرارات.

 

وأضاف أن على العالم أن يدرك خطورة موضوع التشريد، وخاصة في أحياء: الشيخ جراح، والبستان، والعباسية، وغيرها.

 

وأشار إلى ما تم نشره أمس بأن قضاة المحاكم في إسرائيل يطالبون بلدية القدس العبرية والداخلية الإسرائيلية بتنفيذ قرارات هدم لما يزيد عن مائة بيت من هذه المدينة المقدسة، وإن هذا يعني أن قرارات التشريد والهدم العنصرية تستهدف اقتلاع أهل بيت المقدس من مدينتهم المباركة، لكننا نؤكد لهم وللجميع أن المواطنين في بيت المقدس هم منزرعون متجذرون في مدينتهم.

 

وحيّا صبري المرابطين في حي الشيخ جراح وسلوان وبيت حنينا وفي الطور وفي كل حي من أحياء هذه المدينة الذين تمسكوا ببيوتهم ومحلاتهم ولم يستكينوا أو يخضعوا للترهيب أو للترغيب. وقال: 'إن المرابطين فيها لهم الثواب العظيم في ثباتهم وعدم تنازلهم عن حقوقهم المشروعة.

من جهته، تحدث المطران عطا الله حنا، باسم الكنائس المسيحية في القدس، وقال: 'جئنا ننقل رسالة تحية ومودة وتضامن من الكنائس المسيحية في القدس، من بطاركتها ومطارنتها ومن المسيحيين الفلسطينيين في هذه الديار الذين ينتمون إلى هذا الشعب جنبا إلى جنب مع إخوانهم ويرفعوا صوتهم عاليا منددين لإجراءات الاحتلال الغاشمة ألي تستهدف المقدسات، وتعتبر استهداف الإنسان أخطر من أي استهداف، وهو الذي يُراد له أن يرحل عن المدينة لكي يمعن الاحتلال في تهويدها وأسرلتها'.

 

وأضاف أن سلطات الاحتلال، بإجراءاتها، تشمل جميع المقدسيين ولا تستثني أحداً منهم، وقال: 'في الوقت الذي نقدم التهاني للشيخ عكرمة صبري وللعديد من الحجاج المقدسيين، إلا أن الشيخ صبري اصطدم لدى عودته بقرار الاحتلال الذي يمنعه من دخول المسجد الأقصى المبارك، وهو رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى منذ عدة عقود، وشخصية مقدسية هامة'.

 

وأضاف: 'هذه الإجراءات، إضافة إلى أنها غير قانونية وشرعية، فإنها فاقدة لأي قيم إنسانية أو أخلاقية، فكيف يمنع المسلم من مسجده؟'.

 

وأضاف: 'هم يعتقدون واهمين أنه، ومن خلال هذا الإجراء، يمنعوننا من الصلاة أو التعلق والارتباط بقدسنا وبمقدساتنا'. وقال: 'باسم المسيحيين نؤكد للشيخ عكرمة صبري ولكل الممنوعين من دخول الأقصى أو القدس أو السفر تضامننا الكامل معهم والوقوف إلى جانبهم'.

 

وأضاف:'إن هذه الإجراءات غير قانونية وغير حضارية، ونعتبرها رسائل تهديد ووعيد وتخويف بأن كل من يتحدث عن القدس ويتصدى لسياسات الاحتلال العنصرية في القدس فإنه سيمنع من دخول القدس أو الأقصى والأماكن الدينية المقدسة أو يمنع من السفر، يريدوننا أن نكون بحالة صمت أمام كل إجراءاتهم وسياساتهم العنصرية الحاقدة'.

 

من جهته، قال عبد القادر، 'إن المحاكمة لم تكن لنا بمنعنا من الصلاة أو دخول القدس، بل كانت محاكمة لدولة الاحتلال التي وصلت إلى حد الجنون والهستيريا غير المسبوقة في التاريخ، من خلال استهدافها كل مكونات التواجد العربي في مدينة القدس'.

 

وأضاف: 'إن الأمر لا يقتصر على طرد السكان والهدم أو الاستيطان أو الضرائب بل إلى منع الفلسطينيين ورموزهم وقياداتهم الدينية والسياسية من السفر أو الصلاة في الأقصى أو دخول القدس، وهذه الإجراءات تؤكد أن هذا موقف ضعف وليس قوة، وإذا كان من أحد مرعوب أو خائف فهو الاحتلال نفسه، وحينما يقدمون بعد 42 عاماً على قرارات منعٍ مثل التي صدرت، فهذا يؤكد أن وجود الاحتلال قائم على القوة وليس على أي سيادة واقعية على القدس، وهم يشعرون بالضعف وعدم تحقيق كل ما يتمنوه'.

 

وأضاف: 'صحيح أن الاحتلال نجح في الحرب الجغرافية، وإلى حد ما في الحرب الديموغرافية، إلا أنه لم يستطع تغيير إرادة الفلسطينيين المقدسيين بأن القدس عاصمتهم ومدينتهم، لذلك يلجأ الاحتلال إلى أخذ هذه الإجراءات الغبية المجنونة'.

 

وأكد 'أن هذه الإجراءات والقرارات لن تخيفنا وهي تافهة ولا وزن لها، ولذلك خرقنا القرار وسنخرقه مرة أخرى، وإذا تم الخيار بين قرار الهي يأمرنا بالصلاة في المسجد الأقصى وبين قرار عسكري تافه فإننا حتما سنختار القرار الإلهي وهذا ما قلته للقاضي'.

 

وأردف: 'هذه القرارات لن تردعنا ولن تخيفنا وسكبنا عليها ماءاً بارداً، وعاجلا أم آجلا سيكتشف الاحتلال أن هذه الإجراءات لن تحقق لهم أي شيء'.

 

وطالب عبد القادر الأمة العربية والإسلامية بأن تتحمل مسؤولياتها في القدس، وقال: 'إسرائيل تحاول أن تستغل هذا الصمت الرهيب المُعيب'، مُشدداً على أن وجود الاحتلال طارئ ولن يمضي زمن طويل حتى يتخلى عن هذه الأرض وتعود القدس للفلسطينيين عاصمة لدولتهم المستقلة'.

 

بدوره، حيّا الشيخ حمامي كلاً من: حاتم عبد القادر والمهندس مصطفى أبو زهرة لخرقهما وتحديهما قرارات الاحتلال، وقال إن 'هذا منهج يجب أن يسير عليه الجميع'.

 

ووجه حمامي رسائل إلى جهات متعددة، ابتدأها بالاحتلال وقال: 'إن الاحتلال يملك آذاناً صماء وأعين عمياء، وعقل متخلف، ويملك آلة البطش والقتل والسرقة لكنه خائف في جحره، فهو يمنعنا ويمنع الرموز من الصلاة بالأقصى أو دخول القدس أو السفر، ويعتدي بظلمة الليل على العائلات المقدسية ويطردها منها على مرأى ومسمع العالم'، وتساءل: 'كيف يسكت العالم على هذا؟'؟

 

وأضاف: 'نحن واهمون إذا صدقنا أن هناك رأي عام عالمي أو ضمير عالمي، من ينظر إلى صور النساء في حي الشيخ جراح وهن يبتن في الشوارع ويسكت ويصمت العالم'.

 

وأكد أن الاحتلال إلى زوال، وخاطب المجتمع المقدسي وخاطب القيادات الفلسطينية، وقال: 'الوضع في القدس لا يُحتمل، وينبغي أن تكون القدس مفتاح لكل ما يمكن أن نختلف عليه'.

 

وطالب العلماء وأصحاب الفكر والرأي والأدب، بقيادة حملة في العالمين العربي والإسلامي لأخذ مواقف وتحريك الشعوب العربية والإسلامية لأخذ موقف واضح وصريح حول ما يجري في القدس، وقال: 'المسجد الأقصى مُهدّد.. والقدس في خطر تستصرخ فهل من مجيب؟'.

 

وبدوره، أكد د.عبد الهادي 'أن الهدف الأساس من كل هذه الإجراءات هو المسجد الأقصى، وأن كل سياسات الاحتلال وممارساته وتصريحات قادته تؤكد أنها تريد أن تطبق حرفياً نفس السيناريو الذي طبقته في الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل'.

 

وقال إن القضية هي المكان أي المسجد الأقصى، مشدداً على أن المسجد الأقصى جزء من العقيدة ومن الإيمان.

 

وأضاف أنه أمام حالة الانقسام الفلسطيني والضعف العربي وغير ذلك، ليس أمام الفلسطينيين في القدس سوى الصبر والثبات والرباط.