خبر سؤال مشبوه: هل يخلف دحلان عباس؟ .. صالح النعامي

الساعة 01:46 م|15 ديسمبر 2009

بقلم: صالح النعامي

تقوم بعض مواقع الإنترنت الفلسطينية الخاصة، التي يدعي بعضها "الاستقلالية" بحملة تلميع واضحة لمحمد دحلان عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح". وقد وصلت هذه الحملة ذروتها مؤخراً في قيام أحد هذه المواقع بفبركة نتائج استطلاع لقرائها يفيد أن 40% من الفلسطينيين يؤيدون أن يخلف دحلان عباس في حال استقال الأخير، بينما يؤيد 21% فقط مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية الذي يقضي حكماً بالسجن مدى الحياة في سجون الاحتلال. ومن صور التلميع الأخرى هو حرص بعض قنوات التلفزة العربية ذات التوجه المعروف على إجراء مقابلات مطولة مع دحلان وتغطية الأنشطة التي يشارك فيها.

ومن غير قصد يسهم منتقدو دحلان في الترويج له من خلال سردهم توقعات بأنه في حكم المؤكد سيكون الأوفر حظاً في وراثة عباس عندما يستقيل الأخير.

وبعيداً عن لغة التشكيك والتخوين، فإنه من ناحية منطقية فإن دحلان هو آخر شخص يمكن أن يخلف عباس، وذلك للأسباب التالية:

أولاً: إن كان عباس سيستقيل بسبب عجز خياراته السياسية عن تحقيق الحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية بعدما تلقى الصفعة تلو الأخرى من الأمريكيين والإسرائيليين، فإن دحلان يتبنى نفس الخيارات، ولا يوجد أدنى مؤشر على نيته تبني خيارات أخرى.

ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن دحلان كمدير لجهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة اضطلع بدور هام بارز في التنسيق الأمني مع الاحتلال ومع وكالة الاستخبارات الأمريكية (السي آي إيه). في نفس الوقت فإن هناك شكوكا أن يكون الإسرائيليون والأمريكيون معنيين به بعدما تبين لهم بؤس رهاناتهم عليه، بعد أن خدعهم لفترة طويلة، ظل خلالها يصور نفسه بأنه "رامبو" أو "سيد غزة" الذي لا يعجزه شيء، ليبدو لهم بعد ذلك أنه لم يضف إلا أعباء إضافية على كاهل السياستين الأمريكية والإسرائيلية.

ثانياً: لا يوجد أدنى احتمال أن تجمع حركة "فتح" على اختيار دحلان، فهو بالنسبة للكثيرين من قادة الحركة المسؤول المباشر عما لحق بالحركة في قطاع غزة في صيف عام 2007، علاوة على النزاعات الشخصية بينه وبين الكثير من القيادات داخل الحركة، ولا مجال هنا لسرد أسماء هذه القيادات وفيض الاتهامات التي وجهتها لدحلان على امتداد فترة طويلة. ولا يحمل انتخاب دحلان كعضو لمركزية الحركة في مؤتمر الحركة الأخير أي مؤشر على شعبيته، فالذين نسبوا لهذا المؤتمر لا يمثلون القطاعات المختلفة داخل الحركة على الإطلاق.

ثالثاً: هناك رفض جماهيري واسع لدحلان ليس فقط بسبب خياراته السياسية، بل أيضاً بسبب الاتهامات التي وجهت ضده في قضايا فساد كبيرة، من خلال استغلال موقعه السابق كمدير أهم جهاز أمني في السلطة الفلسطينية. وعلى الرغم من أنه من الصعب التأكد من حقيقة هذه الشبهات، إلا أن هذا هو الذي علق في أذهان غالبية الفلسطينيين.

رابعاً: على الرغم من تمتع دحلان بكريزماتية شخصية واضحة ساعدته في تجاوز تبعات الحملات التي شنت ضده، وأهلته في وقت مبكر لتبوُّء مواقع هامة، إلا أنه لا يتمتع بالمؤهلات اللازمة للوقوف على دائرة صنع القرار في السلطة. فدحلان يميل للتهور وردات الفعل الانفعالية غير المحسوبة وعدم الوضوح والتناقض.

فبخلاف عباس، فإن دحلان على الرغم من أنه يتبنى نفس الموقف من المقاومة، فإنه ليس مستعداً لتكرار معزوفة عباس المعهودة من المقاومة، ومثل هذا السلوك المتناقض غير مقبول لدى الإسرائيليين والأمريكيين، وهو ما جعل دحلان محتاجاً لتعديل مواقفه الإعلامية بين الحين والآخر، وهو ما أفقده الصدقية لدى الكثير من الأطراف.