خبر أبو الغيط "لمصالحة الفلسطينية متوقفة.. ونتوقع أفكارا أميركية جديدة

الساعة 06:41 ص|15 ديسمبر 2009

فلسطين اليوم – قسم المتابعة

أعرب أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية المصري عن اعتقاده بأن الأسابيع والأيام القادمة ستفرض على الإدارة الأميركية أن تتجه إلى طرح أفكار جديدة تكون بمثابة إدخال تعديلات على مواقفها السابقة على صعيد إطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وقال في تصريحات لصحيفة الشرق الاوسط اللندنية "إن جهود المصالحة بين الفلسطينيين متوقفة بعض الشيء «ربما هناك حاجة لانتظار بعض الوقت ليصل الفلسطينيون إلى خلاصة مفادها أن استمرار الوضع كما هو يلحق بهم خسائر لا تقدر، وبالتالي أن يستعيدوا بعض العقل والتوازن في المواقف».

وأكد، من جهة أخرى، أن «مصر لديها مطلق الحرية في أن تفعل داخل أراضيها ما يؤمن سلامتها، ولا يمكن أن يزعم ولا يحق لعربي مهما كان، وباسم أي قضية مهما كانت أن يقول لمصر افعلي هذا أو لا تفعلي ذاك على أراضيك، خصوصا أن مصر مستعدة للمساعدة وبذل الجهد للدفاع عن الحقوق الفلسطينية».

 

* هل انتهت المبادرة الأميركية؟

ـ أعتقد أن الانطلاقة الأميركية ما زالت قائمة وموجودة، لكن الولايات المتحدة، وفي مواجهة الصعاب التي وضعتها إسرائيل في وجهها، قد تكون مضطرة إلى توجيه جهودها باتجاه آخر، وإعادة صياغة موقفها وإطلاق تحرك جديد. وأنا لا أعتقد أن واشنطن ستصمم الآن على الدعوة إلى بدء مفاوضات السلام بمجرد أن إسرائيل أعلنت وقفا جزئيا للاستيطان الذي هو في حقيقة الأمر، ليس وقفا على الإطلاق. وفي رأيي أن الأسابيع والأيام القادمة ستفرض على الإدارة الأميركية أن تتجه إلى طرح أفكار جديدة تكون بمثابة إدخال تعديلات على مواقفها السابقة.

 

* ما هي هذه الأفكار الجديدة؟

ـ أتصور أن الاتصالات المصرية ـ الأميركية، والفرنسية ـ الأميركية، والاتصالات الأخرى مع واشنطن ستقود الأخيرة إلى الكشف عن رؤية مختلفة.

 

* الرؤية الأميركية السابقة التي جاءت مع الرئيس أوباما انتهت، أليس كذلك؟

ـ أعتقد أن الطرح الأميركي السابق قد توقف، وسوف يكون على واشنطن أن تقدم رؤية مختلفة عن الرؤية التي طرحتها سابقا.

 

* هل يمكن القول إن بنيامين نتنياهو قد «كسر شوكة» الرئيس أوباما بتصلبه ورفضه التعاون في موضوع الاستيطان؟

ـ لا أتفق مع هذه الرؤية. أقول إنه عطل النهج الأميركي بالتأكيد بشكل مؤقت، ولكن إذا ما وضح أن هناك تصميما أميركيا وقدرة أميركية على التحرك مع أطراف أخرى يكون لها تأثيرها، وأعتقد أن الزخم الدبلوماسي يمكن أن يعود مجددا، وبالتالي يضغط على إسرائيل باتجاه تحقيق الهدف. والهدف هو أن تبدأ مفاوضات على أسس ومرجعيات واضحة، أي علينا أن ننطلق في مفاوضات ونحن نعي ما يسمى نهاية الطريق (End Game)، وهذا له أطر محددة يتفق عليها الكثير من أطراف المجتمع الدولي، ونحن في مصر، ومع الفلسطينيين، نتمسك بها، وهي يجب أن تنص على ما يلي: إقامة دولة فلسطينية تقوم على مجمل أراضي عام 1967، وإذا ما ظهرت الحاجة لتبادل محدود للغاية للأراضي بين الطرفين بناء على التراضي، وبنفس الحجم والقيمة، فليكن ذلك. كذلك يجب أن يكون هناك اتفاق على القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، وهذا الأمر أصبح موقفا أوروبيا وأخذ في التحول إلى موقف دولي، ثم يجب أن تكون هناك تسوية عادلة لموضوع اللاجئين والأمن والعلاقات الطبيعية بين العرب وإسرائيل. وإذا ما اتفقنا على كل هذه البنود، نكون بصدد تنفيذ مبادرة السلام العربية.

 

* أي يمكن عندها التخلي عن الشرط المسبق لوقف الاستيطان؟

ـ لا أحد يتحدث عن التخلي عن التجميد الكامل للاستيطان. ولكن، إذا ما اجتمع المجتمع الدولي ليقول إن الدولة الفلسطينية تقوم على أراضي عام 1967، فتكون القضية قد حسمت مسبقا. وبذلك فإن ما يدخل ضمن الأراضي الفلسطينية هو ملك للفلسطينيين، وما يخرج خارج الدولة الفلسطينية يكون لإسرائيل، وبالتالي نكون قد تجاوزنا فكرة تجميد أو لا تجميد الاستيطان. وسبق لنا أن طرحنا هذه الفكرة، وهي ليست تخليا عن موضوع تجميد الاستيطان، وإذا ما نجحنا في أن نحصل من المجتمع الدولي على هذه الرؤية وبهذه الضمانات من الولايات المتحدة والقوى الدولية، ووضعت ذلك في قرار في مجلس الأمن، فإن ذلك سيمثل الانطلاقة الحقيقية للمفاوضات، والانفراج الحقيقي للوضع، وهذا الموقف تناولناه خلال الأشهر الثلاثة الماضية أكثر من مرة.

 

* من يمكنه توفير هذه الضمانات، وما هي الآلية للوصول إلى هذه الرؤية؟

ـ هذه الآلية يمكن أن تأتي من قرار في مجلس الأمن الدولي أو من خلال الرباعية أو قمة أوروبية وموقف أميركي بصيغة رسائل أو خطابات توجه إلى الأطراف المعنية.

أقول هناك أشكال متعددة لما نتحدث فيه. المهم أنه عندما تنطلق المفاوضات فإنها تقوم على عناصر محددة. الأول: مرجعيات التسوية كما عرفناها على مدى سنوات. والعنصر الثاني: الشكل النهائي للتسوية وهدفها النهائي. والعنصر الثالث: أن تحدد الفترة الزمنية التي ستجرى خلالها المفاوضات. أما العنصر الرابع والأخير: وقف الاستيطان خلال فترة المفاوضات وبالتالي لا نفاجأ أنه خلال المفاوضات بممارسات إسرائيلية تنسف المفاوضات. وإذا ما اتفق المجتمع الدولي على هذه العناصر، نستطيع أن نتحرك إلى إطلاق مفاوضات تفضي وخلال فترة محدودة إلى الدولة الفلسطينية، ويبدأ التنفيذ التدريجي لإقامة هذه الدولة.

 

* عندما أعلن نتنياهو قبوله الدولة الفلسطينية قرن ذلك بمجموعة من الشروط مثل، أن تكون القدس عاصمة إسرائيل وحدها، وقيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وأن يعترف الفلسطينيون بيهودية الدولة الإسرائيلية، وغير ذلك من الشروط التي سيصعب على الفلسطينيين قبولها؟

ـ هذه هي العقدة وهي الفرق بين الموقف المصري والإسرائيلي، وأرى أن لا سبيل لتحقيق الانفراج الذي نبحث عنه إلا إذا أخذت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والمجتمع الدولي من المواقف ما يحسم المسألة، ويفرض على إسرائيل أن تتبع هذا النهج وبالتالي باستطاعة الفلسطينيين العودة إلى طاولة المفاوضات. ولكن إذا لم يتحقق هذا، فسوف تستمر الأمور على جمودها، وسوف نخسر احتمالات السلام، وسوف يدفع الطرفان، الفلسطيني والإسرائيلي، الثمن، وقد يكون غاليا.

 

* ما هي حقيقة الموقف الأميركي اليوم؟ هل الطرح الذي قدمتموه يلاقي صدى إيجابيا في واشنطن؟

ـ نحن نتحدث مع واشنطن، ومنذ شهور، بهذا الفكرة، وهي تستمع وتقوم الموقف وتعد أطروحاتها، وسوف نرى كيف ستكون هذه الأطروحات، آملين في معرفتها قريبا.

 

* أين دور فرنسا وأوروبا، علما بأن الرئيس ساركوزي يتحرك في كل الاتجاهات؟

ـ الدور الفرنسي هو في المطالبة بإطلاق مفاوضات تقود أي النتائج النهائية التي تحدثنا عنها اعتمادا على المرجعيات المتفق عليها. الرؤية الفرنسية لا تركز على الإعلان المسبق للإطار النهائي للتسوية. ولكن باريس تقول إن التسوية ستقود، بلا شك، إلى الدولة الفلسطينية المتفق عليها دوليا على خطوط عام 1967. لكن المشكلة هي: كيف نحضر لإطلاق المفاوضات، خصوصا على ضوء استمرار التعنت الإسرائيلي والاستمرار في الاستيطان والبناء في القدس الشرقية، وهي أرض عربية فلسطينية، وهذه الأمور، كما تعلم، مرفوضة فلسطينيا. من هنا، لا يقوم للمفاوضات أساس أصلا.

 

* فرنسا تطلب من الفلسطينيين العودة إلى المفاوضات سريعا؟

ـ نعم.. هم يطلبون ذلك على أساس المرجعيات المتفق عليها. وفي المقابل، نحن نقول بالطبع إن العودة ستكون على أساس المرجعيات المتفق عليها، ولكن أيضا على أساس تحديد الشكل النهائي للتسوية مسبقا.

 

* أي تريدون الاتفاق سلفا على نتيجة المفاوضات؟

ـ نتفق الآن على أن الدولة الفلسطينية تقوم على حدود عام 1967، وأن عاصمتها القدس، وإجراءات توفير الأمن لإسرائيل، وعلى حل عادل لموضوع اللاجئين، وعلى تنفيذ مبادرة السلام العربية. وإذا ما اتفقنا على هذه الأسس العامة، نستطيع عندها أن نذهب إلى المفاوضات، مع تحديد إطار زمني متفق عليه شريطة أن يتوقف الاستيطان بالكامل أثناء المفاوضات وتوافر الضمانات الدولية التي تؤمن بأن هذه النتائج هي ما يسعى المجتمع الدولي للوصول إليه.

 

* هنا يدخل دور مجلس الأمن؟

ـ نعم.. يدخل مجلس الأمن كأحد الخيارات المتاحة وليس الخيار الوحيد.

 

* الفرنسيون يتحدثون عن ضمانات أوروبية؟

ـ المطلوب ضمانات أميركية، أوروبية، روسية ودولية. هناك صيغ كثيرة ولا يجب أن نحشر أنفسنا بصيغة واحدة.

 

* ولكن من سيقوم بالمفاوضات التمهيدية للوصل إلى التفاهم على إطلاق المفاوضات النهائية على هذه الأسس؟

ـ ربما الولايات المتحدة التي يمكن أن تتحمل هذه المسؤولية. وربما اللجنة الرباعية الدولية. وربما الجهتان معا. ربما توسيع إطار المشاركة بحيث تتمثل القوى الرئيسية العالمية والأوروبية. أما بالنسبة للعرب، فيجب أن يكونوا موجودين ليؤثروا على الشكل النهائي للتسوية كما نراها.

 

* هل هناك استعداد من أبو مازن للدخول في هكذا مسار؟

ـ علينا أن نعد ونتحدث مع أبو مازن. الآن الأمور متوقفة وهو لديه موقف محدد رافض للمفاوضات طالما الاستيطان مستمر.

 

* أين أصبحت جهودكم للتوفيق بين الفلسطينيين؟ الموضوع أصبح كما يقال كقصة «إبريق الزيت»..

ـ الجهود متوقفة بعض الشيء، ربما هناك حاجة لانتظار بعض الوقت ليصل الفلسطينيون إلى خلاصة مفادها أن استمرار الوضع كما هو يلحق بهم خسائر لا تقدر، وبالتالي أن يستعيدوا بعض العقل والتوازن في المواقف. بعضهم يقول: لننفذ صفقة شاليط، وبشكل يفتح الطريق للقاءات الفلسطينية ـ الفلسطينية لأنه في إطار هذه الصفقة سيتم فتح المعابر، وستبدأ إسرائيل بالتعامل مع قطاع غزة بشكل طبيعي. وهذا قد يحقق الانفراج في العلاقة الفلسطينية ـ الفلسطينية. ولعل ذلك السبب الذي من أجله تعوق إسرائيل تنفيذ الصفقة.

 

* ما هو موضوع الجدار الذي يقول فلسطينيون إنكم تبنونه بينكم وبين غزة؟

ـ مصر لديها مطلق الحرية في أن تفعل داخل أراضيها ما يؤمن سلامتها. من هنا إذا ما طرحت مصر أي أفكار خاصة بوضع مجسات أو قواعد للسيطرة على التهديدات الأمنية ضد أراضيها، فهذا حقها. عدا ذلك، لا أرغب تناول ما نفعله في هذه المنطقة في الوقت الحالي. والمؤكد أننا لا نعتدي على أي طرف عربي. هناك شيء اسمه الأمن القومي المصري ولا يجب أن تنتهك أراضي مصر، ولا يمكن أن يزعم ولا يحق لعربي مهما كان وباسم أي قضية مهما كانت أن يقول لمصر افعلي هذا أو لا تفعلي ذاك على أراضيك، خصوصا أن مصر مستعدة للمساعدة وبذل الجهد للدفاع عن الحقوق الفلسطينية. دعونا نقنع الفلسطينيين بوضع حد لهذا الانقسام وهذا التشرذم والسعي إلى المصالح الضيقة، والأمر المقيت الذي نراه في تصرفات الفلسطينيين في هذه المرحلة. دعونا نعود مرة أخرى لعمل للوحدة الوطنية ونحقق لهم أملهم بالدولة التي لن تتحقق طالما بقي هذا التشرذم قائما والافتراق بين الضفة وغزة.

 

* هل هناك أطراف إقليمية تعطل المصالحة بين الفلسطينيين؟

ـ لعلك ترصد ذلك.

 

* هناك حديث عن قمة متوسطية في يونيو (حزيران) القادم؟

ـ نحن، كرئاسة مصرية، ليس لدينا علم بموعد قمة متوسطية. هناك نوايا إسبانية ـ فرنسية للدعوة إلى هذه القمة بالتشارك مع مصر، باعتبارها ستكون القمة الثانية. ولكن لم يتفق بعد على موعد محدد لها.

 

* هناك اجتماع في القاهرة على المستوى الوزاري في الأسبوع الأول من يناير (كانون الثاني) القادم، ما الهدف منه؟

ـ هذا الاجتماع غرضه الاتفاق على تعيينات الأمانة العامة، وإطلاق المبادرة بشكل نهائي بين الأطراف التي عطلت اختيار الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط. الحضور سيكون مقصورا على عدد محدود جدا من الوزراء لن يتجاوز الخمسة.

 

* هل بحثتم موضوع القمة الفرنسية ـ الأفريقية الذي كان متوقعا في القاهرة في شهر فبراير (شباط) القادم؟

ـ بحثنا الموضوع.. والاتجاه الآن لعقد القمة والاجتماع الوزاري الذي سيسبقه في فرنسا.

 

* هل هذا لتحاشي إحراج دعوة الرئيس السوداني عمر حسن البشير؟

ـ بالضبط