خبر طبخة المصالحة لم تنضج بعد..عريب الرنتاوي

الساعة 05:40 م|13 ديسمبر 2009

طبخة المصالحة لم تنضج بعد..عريب الرنتاوي

 

أعضاء من لجنة الوفاق والمصالحة الفلسطينيةالتي يرئسها الدكتور إياد السراج، كشفوا بعد لقاء جمعهم بمدير المخابرات المصرية عمر سليمان ومساعديه، عن حالة من "الغضب الظاهر" تنتاب القيادة المصرية حيال حماس، التي رفضت قيادتها التوقيع على الورقة المصرية كما هي من دون تبديل أو تعديل، وأضاف هؤلاء أن "الوسيط المصري" ما زال على موقفه الرافض لفتح "ورقته" للنقاش والتعديل، باعتبار أن ذلك سينتقص من هيبة مصر ومكانتها ووزنها من جهة، وسيعيد جهودها للمصالحة إلى المربع الأول من جهة ثانية.

 

بيد أن الوزير سليمان لم يعلن القطع والقطيعة مع حماس، ولا هو أغلق الباب في وجه استكمال الحوار معها أو استقبال وفودها، كما أنه استبعد العودة إلى الجامعة العربية لتحميل حماس وزر فشل الوساطة المصرية التي صدرت بشأنها قرارات عربية في هذا الصدد، الوزير كما فهم أعضاء الوفد سيواصل جهوده التوفيقية بين الجانبين، ويبدو أن الديبلوماسية المصرية لا تمتلك خيارا آخرا.

والحقيقة أننا بتنا بحاجة لـ"وساطة" بين حماس و"الوسيط المصري"، فالمناخات ملبدة بالغيوم والشكوك وانعدام الثقة، وعلى الأرض تبدو التسريبات والمعلومات وأحيانا "التلفيقات" بمثابة زيت ساخن يصب على "جمر الخلافات الكامنة ونارها"، وهي خلافات من الصعب التقليل من شأنها.

 

أسوأ ما في ملف الوساطة المصرية بين فتح وحماس، أن الوسيط يتحول مع الأيام إلى "طرف"، وأن الخلاف معه أو رفض أي من عروضه أو طلب إرجاء أو إعادة النظر بها، من شأنه التسبب بأزمة بين أحد فريقي النزاع أو كليهما من جهة والوسيط من جهة ثانية، فتتحول الوساطة إلى عبء على هذا (الطرف) الأطراف بدل أن تكون عونا لهم، وتصبح الوساطة جزءا من المشكلة بدل أن تكون جزءا من الحل، وربما لهذا السبب بالذات، استمرأت حماس الوساطة الألمانية في ملف الجندي شاليط وصفقة تبادل الأسرى، حيث بإمكان مفاوضيها قول نعم أو لا من دون خشية من ردات فعل أو عقوبات أو تأزمات في العلاقات الثنائية.

أيا يكن من أمر، فقد عاد الوفد الفلسطيني من القاهرة وفي جعبته مبادرة جديدة، تنهض على الدعوة لبناء توافق وطني فلسطيني على "شرح" الورقة المصرية وأخذ ملاحظات الأطراف عليها بنظر الاعتبار عند ترجمتها، بعد أن تأكد لأعضاء اللجنة الفلسطينية، أن فتح المبادرة للتعديل والتطوير بات متعذرا.

 

وفي ظني أن هذه المبادرة أيضا، لا تجيب على السؤال الرئيس ولا تتعامل معه: هل ترغب الأطراف في استئناف الحوار وإتمام المصالحة؟ ... هل يرغب "الوسيط المصري" في إنجاز مهمته حتى وإن أدى ذلك إلى تصادم مع "الوسيط الأمريكي" في عملية السلام؟...هل رفع الفيتو الأمريكي – الإسرائيلي عن الحوار والمصالحة والوحدة الوطنية؟..هنا مكمن الداء والدواء في الأزمة الفلسطينية الداخلية، ومن هنا يجب أن نبدأ.

قد يقول قائل، أن تحركات من النوع الذي قامت به اللجنة تبدو ضرورية لغرض إبقاء المسألة على طاولة البحث ومراكمة ضغط على طرفي النزاع الداخلي وتحفيز الوسيط والحيلولة دون غرقه في الإحباط، وهذا كله صحيح، لكن الصحيح كذلك أن حراكا من هذا النوع يجب أن لا يحجب النظر عن الأسباب الحقيقية للتأزم الحاصل، فيصبح "عدم توقيع" حماس على الورقة المصرية هو المشكلة، أو المشكلة الوحيدة، من دون أن يؤتى على ذكر المواقف الأمريكية المتتالية الرافضة للوحدة والمصالحة، ومن دون أن يشار إلى قدرة واشنطن في التأثير على مواقف رام الله والقاهرة على حد سواء، وهي تأثيرات سبق وأن اختبرت في محطات عدة وكانت مؤثرة للغاية.

 

أيا يكن من أمر، فقد بات واضحا اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، أن لا السلطة ولا حماس، في وراد الاستعجال بإنجاز المصالحة وتقديم التنازلات على طريقها، كما أن واشنطن لا تريدها في المستقبل المنظور، وهي قادرة على منعها وقطع الطريق على أي وساطة جدية من أجل إتمامها.

 

ولو كانت هناك نية فلسطينية مخلصة وجدية لأمكن التوصل إلى التوافق من دون وسيط، ولو كانت هناك نوايا عربية جادة ومسؤولة لمساعدة الفلسطينين في ترتيب بيتهم الداخلي، لتشكلت على الفور لجنة ثلاثية للمصالحة من مصر والسعودية وسوريا، ولأمكن في أيام قلائل إغلاق جميع الملفات العالقة، ودفعة واحدة، ولو كان هناك ضوء أخضر دولي لتجاوز الانقسام الفلسطيني، لرأينا أداء مصريا مغايرا، ما يعني في الخلاصة أن شروط المصالحة الفلسطينية الداخلية لم تنضج بعد، وقد لا تنضج في المدى المنظور.