خبر سقطوا من جدول الاعمال .. هآرتس

الساعة 11:32 ص|13 ديسمبر 2009

بقلم: عكيفا الدار

في العام 2001، بعد بضعة اشهر من اندلاع الانتفاضة الثانية، سافرت كارين كونيك ابو زيد الى رفح كي تقف عن كثب على حال اللاجئين الذين هدم الجيش الاسرائيلي بيوتهم. من كانت في حينه النائب الجديدة لمفوض الوكالة الدولية لتشغيل وغوث اللاجئين في الامم المتحدة (الاونروا) توجهت الى امرأة عجوز كانت تنبش في الحطام. رفعت المرأة رأسها ومدت يدها بهدوء الى الضيفة، كي تسندها حتى تنهض. "هكذا هم الفلسطينيون، يصمتون ويبقون على قيد الحياة"، تقول كونيك ابو زيد، التي تقف منذ 2005 على رأس الوكالة. وهي تضيف متنفسة الصعداء فتقول: "احيانا اغضبني انهم لا يرفعون الصوت عاليا".

يخيل أنه لا يوجد في العالم كله شخص ذو تجربة اغنى في اللاجئين. كونيك ابو زيد، الامريكية من شيكاغو، كانت من منشئي المخيمات للاجئي الحرب في البلقان في التسعينيات وقبل ذلك تنقلت بين مخيمات اللاجئين في افريقيا (ابو زيد هو اسم زوجها الرحل، الاكاديمي من السودان). في مقابلة مع "هآرتس" قبل بضعة أيام من انهاء مهام منصبها، تطلق صرخة اللاجئين دون افق دبلوماسي.

"كمن تقف على رأس المنظمة المسؤولة عن تقديم المساعدات للفلسطينيين وحمايتهم، فاني غاضبة من أن مشكلة اللاجئين لا تحظى بالاهتمام الجديرة به"، تبدأ القول وتواصل "على مدى ستين سنة شطب ما تعرضوا له من سلب عن جدول اعمال مساعي السلام. الموضوع الذي كان ينبغي أن يبدأوا به معالجة النزاع، دحر الى خارج جدول الاعمال الدولي، تحت عنوان "موضوع للتسوية الدائمة".  عندما يقتلع الفلسطينيون في الضفة الغربية من اراضيهم، وعائلات كاملة في شرقي القدس تخلى من منازلها لا يتبقى لي غير العجب أفلم يحن الوقت الذي يتأزر فيه من يعنون بالمسيرة السلمية بالشجاعة للتصدي لمسألة اللاجئين؟ 

"في السنوات الاخيرة لم يتحقق سلام دائم دون سماع صوت ضحايا النزاع ودون اعتراف بضياعهم ومنحهم التعويض لما لحق بهم من ظلم. كما أنه وارد ايضا اعطاء تمثيل في المفاوضات لكل طرف مشارك في النزاع. تجاهل اللاجئين وغيابهم عن طاولة المفاوضات يثير لديهم الشكوك والتهكم بالنسبة للمسيرة السلمية ويعزز معارضيها. يمكن لهذا أن يفسر لماذا السلام هو متملص جدا".

بماذا تتميز مشكلة اللاجئين الفلسطينيين؟       

اللاجئون الفلسطينيون هم اللاجئون الوحيدون في العصر الحديث، ليس لهم دولة ولا يسمح لهم بالعودة الى ديارهم. اذا لم يكن هذا بكاف، فبينما تتحدث الاسرة الدولية عن مكافحة الفقر، فان الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال في غزة يعاني من عقوبات  اقتصادية شديدة. نظام الاغلاقات في الضفة الغربية، يشكل جزءا من الاحتلال العسكري وهو الاخر يؤدي الى زيادة الفقر. بينما في كل مكان في العالم الحرص على حقوق الانسان هو جزء لا يتجزأ من صناعة السلام، يحرم الفلسطينيون من جملة واسعة من الحقوق. كل هذا، كنتيجة لقرار سياسي، لا مثيل له في أي دولة ديمقراطية.

"الاحتلال الاسرائيلي في المناطق آخذ في التعمق مع كل خرق لحقوق الانسان والقانون الدولي. ومع أن في ايدي اللاعبين السياسيين أن يغيروا الوضع البشع هذا، فان النهج السائد هو في افضل الاحوال، التملص من ذلك من خلال الانشغال بالتفاصيل الصغيرة للاحتلال – هنا حاجز وهناك كيس اسممنت – او في اسوأ الحالات، دس الرأس في الرمال، والموافقة بصمت بل وتأييد الخطوات التي تلحق المعاناة بالفلسطينيين".

من معرفتك للاجئين، هل تؤمنين بانه يحتمل حل للنزاع دون التصدي لمشكلة حق العودة؟

"المواثيق الدولية لحقوق الانسان تمنح الافراد الحق الاساسي في العودة الى بلدانهم. رجال قانون ولاجئون عديدون يفسرون قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة رقم 194، للعام 1948، كتأكيد على حق اللاجئين في الاختيار بين العودة الى ديارهم وبين تلقي تعويضات. وأنا اعتقد بان التسوية السلمية التي ستصمد ستكون تسوية تبدو نزيهة وعادلة في نظر اللاجئين. ويحتمل لهذا الغرض أن تكون حاجة للاعتراف بمبدأ حق العودة، او في اطار اتفاق سلام يتم ايجاد طريق آخر للاعتراف بحقوقهم. لاستيضاح الامر بعمقه، يجب الحديث مع اللاجئين".

انتِ توجهين انتقادك لاسرائيل وللدول الغربية – ماذا بشأن تضامن الزعماء العرب مع اخوانهم اللاجئين؟

"في السنة الاخيرة ساهمت الدول العربية بـ 1 في المائة فقط من ميزانيتها الجارية، والذي يغطي بالاساس رواتب المعلمين والعاملين في جهاز الصحة. هذا بعيد عن هدف 7.8 في المائة قررته لنفسها الدول العربية قبل عشرين سنة. ولكن في اسرائيل يسود الفهم المغلوط بالنسبة لسخاء الدول العربية تجاه اللاجئين. الكويت ساهمت بخطة الطوارىء عندنا في غزة 34 مليون دولار – التبرع الاكبر الذي تلقته الوكالة من أي جهة كانت في أي وقت من الاوقات. الملك السعودية تعهد بالتبرع بمليار دولار لاعمال القطاع وزعماء دول الخليج تعهدوا بدفع مبالغ مشابهة لاعمال المباني التي تضررت في المواجهة الاخيرة".

"اللجنة السعودية لمساعدة الشعب الفلسطيني تعهدت بتحويل 10 مليون دولار هذا العام الى غزة، وهو مبلغ اكبر من مساهمة معظم الحكومات في الغرب وفي الشرق الاوسط. الامر الوحيد الذي لا يسمح بوضع هؤلاء الزعماء قيد الاختبار هو رفض اسرائيل السماح بدخول مواد البناء الى قطاع غزة. لا ينبغي أن ننسى ايضا تبرعات الدول الاخرى – الاردن، سوريا ولبنان – للبنى التحتية والخدمات التي تعطى عندهم للاجئين".