خبر خريطة السخافة الوطنية .. هآرتس

الساعة 11:31 ص|13 ديسمبر 2009

بقلم: تسفي برئيل

تعبير مغسول، "خريطة الاولوية الوطنية". وهو لا يرمي الى تحديد أي منطقة في الدولة أهم او أقل اهمية، بل أي مناطق هي التي ظلمت جدا على مدى السنين. هذه هي الخريطة التاريخية للاخفاقات الوطنية والتطلعات المبالغ فيها، التي لم تتحق، في توزيع السكان بشكل جدير وتطوير اماكن عمل تجتذب قوة بشرية مؤهلة. ما لم تفعله اليد الخفية الاقتصادية حاولة عمله الحكومة، كي تصلح الجور التاريخي من خلال التوجيه الديمغرافي – الاقتصادي. زيادة الميزانيات الى مناطق الضائقة الوطنية يفترض بها أن تجتذب اليها فئات سكانية اكثر نوعية. هكذا نشأت عدة خرائط للاولوية الوطنية: السكن، التعليم، الصناعة، الزراعة، السياحة. كل خريطة تقسم الدولة الى كتل من المواضيع، وليس هناك بالضرورة تطابق بين الخرائط. مع كل التشويهات التي في ذلك – هناك منطق في خلق تمييز تعديلي من هذا النوع.

ولكن نسخ هذا المبدأ على المناطق ليس سوى تشويه وسخافة. ليس فقط ان في ذلك تمنح المستوطنات مكانة اهمية وطنية، وكأن الحديث يدور عن ارض من اراضي دولة اسرائيل – بل تثير خلافا غريبا بالنسبة لنوع المستوطنات "الجديرة" بالمساعدة. الخريطة الجديدة تخلق وهما يقضي بانه يوجد منذ الان اجماع وطني عما هي المستوطنات التي ستكون اسرائيلية وتلك التي ستفكك في المستقبل. وهكذا فانها تكمل دور سور الفصل والطرق العرضية المليئة بالتبذير المالي، في ترسيم الحدود المستقبلية لاسرائيل.

للوهلة الاولى، الخريطة الجديدة بالاجمال تخلق مزيدا من التبذير المالي، وبالتالي تزيد فقط الظلم القائم على أي حال. وذلك لانه في خريطة الاولوية الوطنية القائمة توجد منذ الان مستوطنات عديدة لم يكن ينبغي لها منذ البداية ان تندرج فيها، او في أي خريطة اخرى لاسرائيل. ولكن سيكون من الديماغوجي بمكان الادعاء بان المال الاضافي الذي سيحظى به مستوطنو هذه الاطراف سيكون ممكنا صرفه في شؤون أهم، وذلك لان هذا المال لم ينفق حتى الان على هذه الاهداف. الظلم الكبير هو في توسيع حدود الوهم، وبموجبه هذه المستوطنات هي ايضا جزء من الاجماع. إذ ان هذه هي طبيعة الجدال الجاري هنا. ليس اذا كانت المستوطنات قانونية، بل أي منها هو الاكثر قانونية.

السخافة تكمن في أن مشروع الخريطة الجديدة يفرغ من محتواه القرار بتجميد البناء. فهاكم ما كتب في 2002 في الشروحات لقرار الحكومة تأطير خريطة الاولوية الوطنية: "الحوافز والامتيازات في مجال السكن ترمي الى تعزيز الاساس الاجتماعي – الاقتصادي لبلدات الاولوية الوطنية، التخفيف عن جيل التواصل، عن المهاجرين الجدد وعن القدامى في شراء شقة للاستقرار في بلدات الاولوية الوطنية والدفع الى الامام بسياسة الحكومة في شأن التوزيع المخطط له للسكان على اراضي الدولة". الهدف، بالتالي، هو خلق فرص سكن في تلك المستوطنات، زيادة عدد المستوطنين وتمويل المزيد من الاعمال المشكوك فيها على الارض. لو كنت مستوطنات لتساءلت ما الذي يمكنني أن اعمله بالدعم المالي الحكومي للبناء، بينما الحكومة لا تمنح اذون بناء. ولكن ذر الرماد في عيون المستوطنين ليس القلق الاساس.

بعد أن تنتهي فترة التجميد، بعد نحو عشرة اشهر، فان هذه الامتيازات ستبقى. فهي لا ينطبق عليها القيد الزمني. هذه الامتيازات ليست تعويضا عن فقدان ايام بناء، او تخفيف حدة "الضربة" التي اوقعها نتنياهو زعما على المستوطنين. هذه استراتيجية، بل وليست جديدة. من خلال هذه الامتيازات من شأن المستوطنات الهامشية أن تصبح مراكز سكانية جديدة وان تطالب لنفسها بمكانة محفوظة الان فقط لـ "الكتل الاستيطانية"، بمعنى تلك التي بسبب حجم سكانها جديرة بان تندرج في خريطة اسرائيل الجديدة.

وهكذا ايضا بدأت حياة تلك "الكتل" التي يصعب التمييز أي تبدأ واين تنتهي – فما هي "الكتلة" وما هي توابعها. هل غوش عصيون تتضمن نوكاديم؟ هل ارئيل تتضمن تفوح وما هي بالضبط كتلة جنوب جبل الخليل؟ خريطة الاولوية المقترحة تحطم مفهوم "الكتل" وتصفي خيار تبادل الاراضي. خريطة الاولوية الوطنية هذه، في كل ما يتعلق بالمناطق، جدير التعاطي معها كتوسيع غير قانوني للمستوطنات القائمة. إذ هكذا يتقرر هدفها. الجدال على كلفتها فقط سيشوش التهديد الحقيقي الكامن فيها.