خبر اوروبا: ومآذن المساجد .. اسرائيل اليوم

الساعة 11:28 ص|13 ديسمبر 2009

بقلم: روبين باركو

فور اعلانه عن اقامة الدولة الاسلامية في المدينة في القرن السابع الميلادي، اقام محمد مسجدا فيها. هذا المسجد كان مكان الاجتماع الطقسي والتعليمي لدولة الاسلام ولكن ايضا المركز السلطوي، القضائي، الادارة والاجتماعي. في هذه المرحلة اعدت ايضا انظمة الدعوة للصلاة، ولهذا الغرض عين عبد اسود محرر، من اوائل المؤمنين بالاسلام، واسمه بلال بن رباح.

توجد شهادات على أن الدعوة للصلاة تمت في تلك الايام من مدخل المسجد او من سطحه. وبعد ذلك احتلت مكة ايضا، ودخل محمد الى الكعبة ومعه بلال. وتروي المصادر الاسلامية بانه فور دخوله مكة امر محمد بلال بان يدعو للصلاة في ما كان ثلاثة من وجهاء المدينة المحتلة يجلسون في زاوية المبنى. وكانت هذه الظاهرة موضع استفزاز في نظر الثلاثة الذين ابدوا استياءهم فور سماع صوت المؤذن. وقال احدهم: "الرب أكرم أبي فأماته قبل أن يضطر الى سماع نداء بلال هذا والا لكان غضب".

منذ دعوة بلال من سطح الكعبة، انتقلت مسألة الاذان الاسلامي لتمر بتغييرات معمارية وصوتية. المؤرخون المسلمون يشيرون الى امكانية ان تكون المأذنة الاولى قد اقيمت في دمشق كمبنى مربع او ثماني برز قليلا عن سطح المسجد، ومن هناك انتقل شكل هذا المبنى الى المغرب ومصر.

بدءا من الفترة العثمانية شقت المآذن في  المساجد السماء واتخذت شكل القلم المخروط المحوط بشرفة منها يدعو المؤذن المؤمنين بصوته. وعلى مدى السنين شكلت المباني صورة الصاروخ الباليستي الفرويدي الكفاح الاسلامي لاحتلال الاعالي والحفاظ على تفوق الارتفاع كمنافسة معمارية للحجم والمدى.

في الزمن الحديث اصبح وجود المآذن تعبيرا عن التظاهر بوجود الاسلام. ومع الزمن اتخذت المآذن صورة ابراج الرعب المزينة بالانارة الخضراء، رمز الراديكالية الاسلامية، ومكبرات الصوت جعلت النداء الاول لبلال مجرد همس بالقياس اليها.

من الصعب القول اذا كانت شدة الاذان استهدفت اقناع "الكفار" بالاسلام او ببساطة اثارة غضبهم وازعاجهم. شكاوى من الصخب ومطالبات بتخفيض شدة مكبرات الصوت عديمة الجماح تصطدم اليوم بردود فعل غاضبة من جانب المسلمين.

لا غرو إذن ان الاستفتاء الشعبي في السويد اثار موجة تنديد في العالم الاسلامي. الشيوخ الكبار في الدول العربية المختلفة اتهموا الغرب بكره الاسلام وانتهاك حرية الضمير، الدين والاعتقاد والاهانة المقصودة للمسلمين بروح الصليبية القديمة. ولم يتطرق أي منهم الى ماذا كان سيحصل لو ان احدا ما حاول أن يقيم كنيسة في مكة او في المدينة او كنيسا في الرياض، لا سمح الله.

الفهم بان اوروبا اخذ الاسلام يحتلها، دون حرب، مثلما قرر القذافي مؤخرا، أثار آليات دفاعية غريزية في اوساط السكان غير المسلمين في المانيا، في فرنسا وفي اماكن مختلفة في اوروبا. مدن القارة آخذة في الامتلاء بهذه المآذن وباللون الاسلامي الاخضر حيث أنه مؤخرا سعت ايضا طائفة من المهاجرين الاسلاميين من يوغسلافيا وتركيا، التي استقرت في سويسرا، الانخراط في الجهد المقدس لفرض الاسلام. الاستفتاء الشعبي في سويسرا كان فقط رصاصة البدء للصراع المتراكم في اوروبا.