خبر يسار – يمين، يمين – يسار..هآرتس

الساعة 11:16 ص|11 ديسمبر 2009

 بقلم: ألوف بن

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو علق في المكان الذي يكرهه بشدة: أن يخرج إمعة. بعد أن اخذ مخاطرة سياسية واعلن عن تجميد المستوطنات، بعد أن جلب الوزراء اليمينيين بيغي بيغن، يوغي يعلون وايفات ليبرمان للتصويت في صالح التجميد، العالم لم يتاثر. الفلسطينيون رفضوا العودة الى المفاوضات، الامريكيون عقبوا بعدم اكتراث، والاوروبيون اعلنوا عن القدس "عاصمة اسرائيل وفلسطين". نتنياهو اضطر لان يتلقى الضربات، من تحت نافذته، من مظاهرات اليمين، التي لم يقف مقابلها احد كي يساعده.

ما العمل؟ نتنياهو القى بعظمة للرئيس براك اوباما مع تجميد المستوطنات والان حان دور العطايا للمستوطنين ولليمين: دفع "قانون الاستفتاء الشعبي" الى الامام بحيث يثقل على اقرار التسويات الدائمة مع الفلسطينيين والسوريين، واعادة عشرات المستوطنات المعزولة الى "خريطة مناطق الاولوية الوطنية" والتي اخرجت منها قبل بضع سنين. تذبذب.

أي "اولوية وطنية" يوجد في يتسهار، معليه لبونا او هار براخا. مشكوك ان يكون نتنياهو قد زار أيا من هذه الاماكن ذات مرة. من الصعب ايضا التصديق بان الجماهير ستنتقل للسكن في قمم السامرة بعد أن تصادق الحكومة على "سلة الامتيازات". ولكن هذه كانت هدية صغيرة ومتوفرة، غلفت على عجل ولعلها تخفف قليلا من غضب المستوطنين وتعيد الهدوء الى ميادين القدس. وان لم تفعل ذلك، فعلى الاقل ستعيد متطرفي الليكود الى الديار. العالم سيقول ان نتنياهو لا يريد السلام؟ لا بأس. غدا سيجد شيئا جديدا من اجل الامريكيين واليسار.

هذا هو طريق نتنياهو، وفي واقع الحال كل رؤساء الوزراء للحفاظ على التوازن. كل خطوة من اجل السلام، او للاقتراب من الفلسطينيين، تترافق دوما بخطوة مضادة لتهدئة المستوطنين واليمين. مناحيم بيغن اعاد سيناء، واخلى يميت وبنى نحو مائة مستوطنة في الضفة. اسحق رابين جلب ياسر عرفات الى المناطق وبنى للمستوطنين الطرق الالتفافية التي رسخت المشروع الاستيطاني. نتنياهو خرج من الخليل، وبدأ ببناء هار حوما. باراك واولمرت عرضا على الفلسطينيين عروضا للتسوية الدائمة، وبنيا الاف الشقق في المناطق.

قرارات نتنياهو تشطب التمييز الذي ضربه اسلافه بين "الكتل" التي يفترض أن تضم الى اسرائيل في التسوية الدائمة – معاليه ادوميم، غلاف القدس، ارئيل وغوش عصيون – وبين "المستوطنات المنعزلة" التي خلف جدار الفصل. التجميد ينطبق على كل الضفة، وبالاولوية الوطنية ستتمتع اساسا المستوطنات الصغيرة، التي تلقت ترتيبا عاليا في خريطة المخاطر الامنية لدى قيادة المنطقة الوسطى. رئيسة المعارضة، تسيبي لفني، هاجمت نتنياهو على اهمال الكتل. نتنياهو يقول بانه لا توجد هنا على الاطلاق مسألة، بان واضح بانه في كل تسوية هذه الكتل ستكون جزءا من اسرائيل.

نتنياهو القى الى سلة المهملات بتعهد سلفيه، شارون واولمرت، للادارة الامريكية بان تمتنع اسرائيل عن حوافز مادية للمستوطنين. في مكتب نتنياهو حاولوا التقليل من خطورة الموضوع وقالوا ان امتيازات السكن، التي كانت في بؤرة الخلاف مع الادارة، مجمدة لعشرة اشهر.

اذا كان نتنياهو لا يقصد سوى خطوات لبقائه السياسي – قراراته هذا الاسبوع شطبت الانطباع الذي تركه قرار التجميد. اذا كان الاستفتاء الشعبي يلمح بحدود تنازلات نتنياهو – فانه غير مستعد لانسحاب في الجولان وفي شرقي القدس ولا لتبادل الاراضي عن جانبي الخط الاخضر، بمعنى لا للتسوية الدائمة. الكتل هي الاخرى، على حد قوله، خارج البحث. هذا يعني ان نتنياهو مستعد في اقصى الاحوال لتسوية انتقالية، يطرح فيها على البحث مصير المستوطنات المنعزلة التي ستحظى من الان بامتيازات مالية. ولكن هذا البحث سيدار فقط اذا ما وقف نتنياهو في وجه ضغط كبير وضحى ببضع مستوطنات نائية كي ينقذ نفسه من تسوية مفروضة. وحتى ذلك الحين سيواصل العاب التذبذب ، يسار – يمين، يمين – يسار.