خبر دولية: بين الكونغرس الراقص والكونغرس الساخن .. إسرائيل اليوم

الساعة 09:56 ص|09 ديسمبر 2009

بقلم: يوسي بيلين

نحو مائتا عام مرت منذ كونغرس فيينا، الذي انعقد في 1815 وسمي بـ "الكونغرس الراقص" بسبب كثرة الحفلات التي تميز بها. هناك شيء في مؤتمر كوبنهاجن، الذي ينعقد خوفا من الاحتباس الحراري للكرة الارضية، يذكر بذاك المؤتمر. وعليه، فمن المهم الا يشبه هذا المؤتمر ذاك اكثر مما ينبغي.

كونغرس فيينا اشرك كل الدول الاوروبية (باستثناء تركيا الابن الشاذ الخالد للقارة)، وحتى فرنسا بعد هزيمة نابليون عادت الى الساحة بعباءة رسمية، في ضوء العمل الذكي لتاليران. ولكن حقيقة أن العديد من الدول، بما فيها من امارات صغيرة، شاركت في الحدث المزهر (ومن يزور المستشار النمساوي مدعو دوما لان يشاهد غرفة الجلسات التي انعقدت فيها المباحثات)، لا ينبغي أن تضللنا. فمن قرر مستقبل اوروبا، وبقدر كبير مستقبل العالم، كانت بريطانيا، روسيا، النمسا وبروسيا. عمليا، النزعة المحافظة الاوروبية التقت كي تمنع مفاجآت على نمط الثورة الفرنسية. هذه الدول وعدت – بقدر كبير، بمائة سنة اخرى من الهدوء للممالك في اوروبا.

في الكونغرس اتخذت قرارات هامة. من يقرأها اليوم يمكنه أن يأخذ انطباعا شديدا عن تنورها. احدها، مثلا، كان معارضة العبودية. ولا يكاد يكون أي قرار منها قد تحقق، وبالتأكيد ليس هذا. في القرن التاسع عشر بلغت العبودية ذروتها في خدمة الامبريالية واستغلال الاصليين في افريقيا في غابات المطاط في الكونغو كان نوعا من قتل الشعب.

مؤتمر كوبنهاجن يرمي الى البحث في خطر وجودي على الانسانية. الانباء الطيبة هي أن الجميع هناك. الاخيار والاشرار. هذا حلم ما كان يمكن تخيله قبل اقامة الامم المتحدة، اما اليوم فهو ممكن. الانباء السيئة هي أنه سيكون من الصعب جدا الوصول الى اتفاقات بل واصعب من ذلك بكثير الوصول الى تحقيقها. انعدام العقوبات سيجعل من الصعب جدا املاء كيفية التصرف على الدول المختلفة.

حتى لو انتهى المؤتمر بالقرارات الصحيحة، بروح طيبة، بصورة مشتركة لكل الزعماء وباجمالات ايجابية في صحافة العالم – فلا يزال الاختبار الحقيقي بعيدا. العالم يسخن، وانبعاث الغازات تتواصل وتتعاظم، وجبال الجليد تذوب، ودرجة الحرارة ترتفع. وما سيحصل هنا في 2050 وفي 2100 سيظهر تهديدا فظيعا ورهيبا اذا لم تتخذ مساعي هائلة وباهظة الثمن منذ الان.

الكونغرس الراقص، ساهم، بلا شك في استقرار اوروبا المحافظة والملكية، ولكنه لم ينفذ معظم قراراته. الكونغرس الساخن يلزمنا بان نبرد الكرة الارضية. عدم تطبيق قراراته قد يوقع علينا مصيبة تذكرنا فقط بمصيبة الطوفان. ما كان يمكن لكونغرس فيينا ربما، ان يبتلع، من حق مؤتمر كوبنهاجن أن يعمله. هذا ليس مؤتمرا يرمي الى ضمان استمرار وجود هذه الانظمة او تلك، بل مؤتمر يرمي الى انقاذ العالم قبل أن يكون فان الاوان، وعليه فان نتائجه يجب أن تكون مغايرة.