خبر أمريكا في أفغانستان .. الحكمة الصينية والهندية والروسية .. يديعوت

الساعة 09:55 ص|09 ديسمبر 2009

بقلم: شلومو بن عامي - وزير الخارجية الاسبق

خطة اوباما في اضافة 30 الف جندي الى القوات المتواجدة في افغانستان يشكل انتصارا لهتاف القتال العنيد لادارة بوش في العراق. انتصار طالبان، كما يدعي مؤيدو الخطة من شأنه ان يصعد الوضع في المنطقة بأسرها ويخلق اثر متدحرج حين يحل اللجام عن نشاط جماعات المتمردين الاسلاميين في كل ارجاء وسط آسيا. القاعدة، المرتبطة بشكل وثيقة بطالبان، ستعلن هي ايضا عن النصر اذا ما اشارت امريكا الى رغبتها في الانسحاب.

ولكن انتصار قوات الجهاد ليس السيناريو المحتمل الوحيد. ما هو معقول أكثر أن يحصل هو بتر افغانستان حسب خطوط عرقية.

السؤال ما العمل في افغانستان يرتبط بالمفهوم القديم لمسؤولية الانسان الابيض عن ابناء الاجناس الاخرى، والذي يرفض ان يختفي من العالم – رغم ما فيه من ازدواجية اخلاقية ورغم الثمن الباهظ الذي يجبيه. إذ أنه حتى لو افترضنا بان المصائب التي يتحدث عنها أنبياء الغضب هي السيناريو الاكثر معقولية فلماذا تشكل التهديد الاكبر على الغرب منه على دول المنطقة، مثل الهند، الصين، روسيا وايران؟ ومع ذلك، لا احد منها لا تفكر بحل عسكري للازمة في افغانستان.

الربط بين الباكستان وطالبان ينبع في اساسه من تجربتها التي لا تنقطع في ممارسة الضغط على اعدائها الالداء، الهند. افغانستان مستقرة وعلمانية، بالتالي، هي حاجة استراتيجية هامة للهند. وبالفعل، كانت الهند الوحيدة في اوساط الدول غير المنحازة التي أيدت الغزو الروسي الى افغانستان، وايدت بكل قوتها الحلف الشمالي العلماني بعد انتصار طالبان.

كما أنه لا يمكن تجاهل مصالح الصين في الاستقرار في جاراتها. افغانستان هي جزء من منطلقة امن حيوي في غربي الصين. هذا رواق بواسطته يمكنها أن تدافع عن مصالحها في الباكستان، حليفتها التقليدية وتضمن وصولا الى المقدرات الطبيعية في المنطقة. فضلا عن ذلك يوجد خطر حقيقي في ان تؤدي سيطرة طالبان او بتر  افغانستان الى تعريض اقليم شينغنغ المجاور للخطر، حيث تعيش اغلبية مسلمة.

لا يوجد لروسيا أن رغبة في تكرار مغامرتها العسكرية المحملة بالمصائب في افغانستان، ولكن انتصار طالبان، او ازمة تخرج عن السيطرة في افغانستان، ستشكل تهديدا على مكانة الكرملين في وسط آسيا. الروس قلقون على نحو خاص من دور رجال الجهاد من الشيشان، داغستان ووسط آسيا في قوات طالبان.

وهكذا، بينما تجسد الولايات المتحدة مرة اخرى دور "الامريكي البشع" فان القوات المختلفة في المنطقة تحث مصالحها في افغانستان الممزقة بالمعارك بوجوه مبتسمة، بعيدا عن ميدان المعركة.

وهي تفعل ذلك في ظل استخدام "القوة اللينة": افغانستان تتلقى المساعدة من الهند اكثر من أي دولة اخرى في العالم. ومثلما في افريقيا، حيث المساعدة الاقتصادية الكثيفة من الصين تشكل بديلا عن النفوذ الامريكي، فان استراتيجية بايجين حيال كابول تتركز اساسا في تطوير الاعمال التجارية. تطوير مناجم النحاس في آيناك هو الاستثمار الاجنبي الاكبر في تاريخ افغانستان. كما تشارك الصين في اقامة محطات توليد الكهرباء بقيمة 500 مليون دولار، وكذا سكك حديدية تربط بين طاجكستان وباكستان.

التأثير الاقتصادي لروسيا في افغانستان اقل كثافة بكثير، ولكنه يوجد في ميل صعود. بينما الغرب ينشغل في حربه ضد طالبان، الروسي يبنون الطرق ومحطات توليد الطاقة ويوفرون حلولا دبلوماسية لما يعتبر مستنقع مغرق على نمط فيتنام. اذا ما فشلت الحرب والدبلوماسية فانهم سيكونون في موقف افضل من موقف الغرب لحرف "اللعبة الافغانسية الكبيرة "في صالحه".

الصيغة الدبلوماسية للصين هي الطريق الصحيح ومن الافضل للولايات المتحدة ان تركز عليه. تسوية النزاع في كشمير هو مفتاح للاستقرار في افغانستان التي ستكف عندها عن أن تكون ملعب الهند والباكستان. وبدلا من الاصرار على مساعي حرب عديمة المنفعة ينبغي للامريكيين ان يوجهوا نفوذهم في الهند وفي الباكستان كي يعيدوهما الى مفاوضات السلام.

فضلا عن زيادة القوات، ملزم الرئيس اوباما للسعي الى تسوية شاملة في افغانستان. معنى الامر تجنيد الدول المحيطة لحث تسوية مصالحة وطنية تشمل الجميع: الحكومة، طالبان وامراء الحرب.