خبر تجميد البناء .. خطوة واعية .. يديعوت

الساعة 11:25 ص|07 ديسمبر 2009

بقلم: دوف فايسغلاس

ماذا لا يوجد في قرار تجميد البناء؟ ليس فيه قدرة تأثير حقيقية على ما يجري. فهو لن يحقق وقفا حقيقيا للبناء في يهودا والسامرة، الا لفترة زمنية قصيرة، ولن يحدث تغييرا في المحيط السياسي. الفلسطينيون لا يرون فيه مبررا لاستئناف المفاوضات، والاسرة الدولية، على ما يبدو، لم تتأثر بالخطوة الاسرائيلية أكثر مما ينبغي. الرباعية الدولية رفضت الترحيب به، الولايات المتحدة وباقي دول العالم الهامة لا تعتزم ان تعلن في اعقابه بان الفلسطينيين مطالبون بالعودة الى طاولة المباحثات.

الشك الاولي، شبه التلقائي، الذي واجهته الخطة في العالم تأكد بنجاح لدى قسم من وزراء "السباعية": فهؤلاء ايدوها في المداولات، ولكن ما أن اقر حتى خرجوا ليشرحوا بان في واقع الامر ليس فيها شيء وفي ختام عشرة اشهر "من التأخير" سيستأنف البناء بكامل الزخم. في هذا السياق يوجد معنى كبير في زعم المستوطنين في أن التجميد يثقل الحالة لغير حاجة: فهم يتضررون منه، ولكن لا توجد منفعة فيه.

ماذا بالفعل يوجد في خطة التجميد؟ القرار الذي انتزع من الحكومة – مهما كانت قيمته الحقيقية – هو جدير بانه يبدأ في التسليم بواقع سياسي آخذ في الاحتدام يجعل استمرار التواجد الاسرائيلي في يهودا والسامرة (بما في ذلك شرقي القدس) متعذرا. الخلاف حول المستوطنات وتوسيعها لم يعد منذ زمن بعيد شأنا بين اسرائيل والفلسطينيين بل سببا للمواجهة بين اسرائيل والعالم.

معظم الدول الاوروبية تؤيد بشكل تقليدي الطلب الفلسطيني بانسحاب اسرائيلي كامل الى حدود 67 وتعارض كل تواجد اسرائيلي في يهودا والسامرة وعلى أي حال كل صيغة للبناء والتطوير في المستوطنات. في الماضي منعت الفوضى والارهاب الفلسطينيين، بقدر كبير، الانصات الى المطالب الفلسطينية، بما فيها وقف البناء ومنع ضغط اوروبي حقيقي على اسرائيل. اما الان، ما أن توقف الارهاب في ارجاء يهودا والسامرة، وحسنت السلطة الفلسطينية ادائها وفرص المفاوضات السياسية بدت تحسنت، شدد الاوروبيون موقفهم بالنسبة لاسرائيل التي تواصل البناء في المستوطنات، وهكذا، برأيهم، تخرب عن وعي على حل الدولتين.

استمرار البناء الاسرائيلي في كل ارجاء يهودا والسامرة يسحق الذخر السياسي الاساس لاسرائيل – علاقاتها الخاصة مع الولايات المتحدة. رسالة الرئيس بوش الى رئيس الوزراء شارون في نيسان 2004 قضت بانه في التسوية الدائمة ستدعم الولايات المتحدة المطلب الاسرائيلي بالسيطرة على الكتل الاستيطانية الكبرى، وهكذا تحقق اقصى الموافقة الامريكية في موضوع الحدود المستقبلية لاسرائيل. استمرار البناء في المناطق التي حتى برأي الولايات المتحدة ستكون جزءا من اراضي الدولة الفلسطينية يثير الغضب الشديد في الادارة الامريكية. ناهيك عن أن الادارة الحالية منصتة جيدا لما يدور في قلوب الاوروبيين، سواء كمذهب فكري ام كحاجة عملية يفترضها ضمن امور اخرى جدول اعمالها المليء بمشاكل ايران، العراق، افغانستان، المصاعب الاقتصادية العالمية وامور اخرى لا تقل في اهميتها من تطلعات البناء الاسرائيلية.

منذ بداية طريقها اعلنت حكومة نتنياهو، انه في موضوع النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني برأيها أن تتصرف بشكل مغاير عن سابقاتها وضمن امور اخرى ستعمل على تعزيز الاستيطان في يهودا والسامرة. مؤيدوها، ولا سيما من اوساط جمهور المستوطنين، أملوا في انه ها قد قامت الان، بعد "خطايا" حكومتي شارون واولمرت حكومة في صالحهم. الحظ المتعذر – وربما الخير – للحكومة هو أن مسألة استمرار البناء وضعت على طاولتها في موعد قريب من قيامها. يتبين (وحسن ان هكذا) بان ما لا يرونه من هناك، في المعارضة وفي الحملة الانتخابية، يرونه (وفورا) على طاولة الحكومة.

ما فهمه شارون، وبعده اولمرت، يتضح الان للحكومة الحالية: خير أم شر، محق أم غير محق، هذا هو الواقع. احد في العالم لا يوافق على تواجد اسرائيل في معظم يهودا والسامرة ومواصلة البناء هناك. العناد الاسرائيلي ستجلب لها عزلة سياسية، حيث لا يمكن لاسرائيل أن تصل. خطة التجميد هي محاولة للامتناع عن ذلك. وفيما انها بحد ذاتها غير هامة، ولكنها مؤشرا اوليا لعملية الفهم والفوعي فان لها اهمية كبيرة.