خبر دولة « يشع »(المستوطنين) تنطلق إلى المعركة.. هآرتس

الساعة 11:07 ص|06 ديسمبر 2009

بقلم: تسفي بارئيل

الاحتفال الشتوي يبدأ. المفترقات ستغلق، الاوامر ستمزق ويلقى بها مهب الريح، المراقبون سيتلقون الضربات، جوقات الاطفال ستظهر في المراكز الجماهيرية ليهتفوا: "نحن هنا"، ورؤساء حكومة "يشع" سينددون بالحكومة المغرضة وعلى الجهة الاخرى من الحدود، في دولة اسرائيل، سيصرح وزير الدفاع بان "لن نسمح"، ورئيس الوزراء سيضرب الطاولة بقبضته ويعلن بانه لا يعتزم اللقاء مع خارقي القانون.

للوهلة الاولى، يدور الحديث عن دولة متينة، مع جيش وشرطة، مع اسناد سياسي وجماهيري. يسار متكاتف، وادارة أمريكية تبدأ مترددة بالتصفيق. كل ما عليها أن تفعله هو أن تتنفس عميقا على مدى عشرة اشهر، أن تطارد حاملة اوامر التجميد وان تنتظر الى أن ينقضي المرض. فهي غير مطالبة بان تهدم حتى ولا بيت واحد، او ان تزيل بؤرة استيطانية غير قانونية ولا حتى ان توقف شق الطرق لمستوطنات مستقبلية. فقط أن تصد على مدى عشرة اشهر المسيرة السلمية، مسألة سهلة وبسيطة.

الحكومة تفهم هذا، المستوطنون يعرفون جوهر اللعبة. وهكذا ايضا الفلسطينيون ومثلهم الامريكيون. مسيرة سليمة لن تخرج من التجميد، إذ أن شيئا في الواقع السياسي لم يتغير. في اسرائيل لا توجد حكومة معنية بها جدا، محمود عباس لا يزال يتردد اذا كان ينبغي له ان يواصل الحرد، في أن يكون الرئيس الفلسطيني القادم ام أن يذهب الى بيته ويكتب مذكرات اخرى، واشنطن منشغلة بالحرب في فيتنام، عفوا في افغانستان، ومن الرباعية تبقى فقط الرقص الاوروبي على أرضية الشرق الاوسط الشوهاء.

كان يكفي ان نسمع احدى الحجج المركزية للمستوطنين كي نفهم ان الحديث لا يدور عن انعطافة سياسية تاريخية، بل ظاهرا عن جدال اللاعبين وراء طاولة النرد. "وماذا سيحصل اذا ما بدأت بعد ثمانية اشهر مسيرة سياسية؟" سأل احد زعماء دولة المستوطنين، "فعندها سيطالبون بيبي مرة اخرى بتجميد البناء". هذا هو الخطر الاستراتيجي الذي يحدث عندهم الفزع الحقيقي. ليس الخوف من أن تبدأ المسيرة فورا – إذ حول هذا يوجد اجماع. التهديد الحقيقي في نظرهم هو أنه في اللحظة الاخيرة، سيأتيهم بيبي، تماما قبله، بالحسم.

التخوف في الجانب الغربي من الخط الاخضر يجب أن يكون مغايرا. من ان يصبح تجميد البناء قمة الارضاء، الرمز المطلق للتنازلات الاسرائيلية للفلسطينيين وللولايات المتحدة، للضحية الفظيعة التي ليس لها مقابل مناسب؛ من أنه لا يعود ممكنا مرة اخرى المطالبة بضحية كهذه من اسرائيل.

إذ بعد عشرة اشهر، بعد أن تتبدد الفقاعة، اعياد اسرائيل ستكون على الباب، في السلطة الفلسطينية قد يكون او لا يكون عباس وربما حكومة موحدة مع حماس. سيكون بوسع نتنياهو وحكومة "يشع" الهزء والاحتفال. احد لن يكون بوسعه ان يطالبهما مرة اخرى "بالتنازل". إذ ان "الصدمة" لا تكون الا مرة واحدة.

وعليه فهناك ضرورة لتضخيم شدة الصدمة الوهمية هذه. "ان نمزق، نمزق"، مثلما هتف الحاخام موشيه لفينغر في سبسطيا حين ارادوا اخلاء المستوطنين من محطة القطار. يجب عرض التجميد بانه ليس أقل من مصيبة وطنية، كارثة حقيقية كي لا يتصور أحد بعد عشرة اشهر ان يطالب بمواصلته او كي تعلم دولة اسرائيل اذا ما نشأت لا سمح الله مسيرة سلمية بان امامها تقف دولة مستوطنين كاملة.

والمسرحية هذه المرة يجب أن تكون اكبر باضعاف من تلك التي رأيناها في الانسحاب من غزة. ففك الارتباط في حينه كان يفترض أن يضمن الا تكون انسحابات اخرى. وفجأت خيانة. صحيح أن الاحياة هذه المرة أسهل إ       ذ لا يقف امام المستوطنين ارئيل شارون او مناحيم بيغن؛ فهذا فقط نتنياهو، كرة اللعب التي تسعى الى النجاة. ولكن منطقه ليس منطق المستوطنين. كل ما يريده هو ان يتظاهر امام الامريكيين على نحو خاص والعالم بشكل عام، بان اسرائيل هي التي أبدت النية الحسنة.

اما المستوطنون بالمقابل فيرون في كل يوم من التجميد هزيمة وطنية. حربهم ليست امام الامريكيين او الفلسطينيين. فهذه إما هم أو حكومة اسرائيل. هذا صراع على الوعي الوطني كما كتبوا في وثيقة مبادىء "يشع المتجدد" (مقابل يشع القديم الذي "فقد" غزة). في مثل هذا الصراع لا يجوز أخذ فرصة اخرى، والمستوطنون لا يأخذون فرصة. 300 الف مواطن يوجد في هذه الدولة، ومن يريد مسيرة سلمية يحتاج الى أن يدير المفاوضات مع قادتها، لا مع الفلسطينيين ولا مع الامريكيين.