خبر ليس بكل ثمن سياسي.. معاريف

الساعة 11:05 ص|06 ديسمبر 2009

بقلم: شلومو غازيت

رئيس شعبة الاستخبارات الاسبق

نحن نقف، أغلب الظن قبيل ابرام "صفقة شليت". بعد مفاوضات مضنية ومحبطة يوشك الطرفان أخيرا على الوصول الى نقطة التساوي. محيط من الكلمات كتبت وقيلت مع وضد الصفقة. وأساس البحث دار حول مسألتين – ما هو العدد المناسب من المخربين – السجناء الذي نمن الملائم تحريرهم مقابل جندي أسير – مخطوف اسرائيلي واحد، ومن هم كبار المخربين الذين لا يجوز لاسرائيل أن توافق على تحريرهم. من هذه الناحية، لا فارق بين صفقة التبادل هذه وبين كل صفقات التبادل التي كانت لنا في الماضي. ما يكاد لا يطرح في الحوار الجماهيري هو الميزة الشاذة والمميزة للصفقة – الاثار الاستراتيجية التي ستكون لها على المسيرة السياسية، على فرص المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين وعلى خطر رفع مستوى النزاع من صراع سياسي الى مواجهة دينية. آثار من هذا النوع لم تكن لنا في صفقة جبريل، في قضية تننباوم او في المفاوضات لاعادة جثتي ريغف وغولد فاسر.

ما يقبع في بؤرة البحث في المفاوضات الحالية هو مستقبل ومصير القيادة الفلسطينية. في بؤرة الجدال يقبع اختيار وحسم بين طريقين – بين الطريق السياسي وبين طريق الكفاح العنيف، بين جهة فلسطينية ذات توجه سياسي و "علماني" تسعى الى اتفاق حل وسط مع اسرائيل، وبين قيادة فلسطينية متزمتة – دينية، قيادة تسعى الى الدولة الفلسطينية الكاملة التي لا مكان في نطاقها لاسرائيل واليهود. وعنصر هام آخر لا يولونه الاهتمام هو المواجهة داخل قيادة حماس، بين قطاع غزة ودمشق. لا توجد هنا مواجهة جغرافية أو شخصية على المسألة الجوهرية والمبدئية من يحسم ويقرر بالنسبة لحل المشكلة الفلسطينية: هل هم اولئك الفلسطينيون الذين يعيشون في قطاع غزة او في الضفة الغربية، ام أن حق الفيتو محفوظ بيد المنفى الفلسطيني وبيد اولئك الذين يرفضون كل حل سياسي لا يلبي امل عودتهم الى ديارهم وبلداتهم التي هجرت في حرب 1948؟ محظور على حكومة اسرائيل، التي توشك على اتخاذ القرار في الايام القريبة القادمة ان تحصر التفكير فقط بمدى الخطر المحدق بنا اذا ما عاد عشرات ومئات من كبار المخربين الى الساحة. فمؤيدو صفقة التبادل "بكل ثمن" لا يقصدون ذلك حقا. فلو عرضت حماس مطالب سياسية – "جلعاد شليت مقابل التنازل عن الحرم" مثلا – لما كان وجد في اسرائيل من اقترح قبول هذا الشرط. ولكن النتيجة المحتمة لقبول كل شروط حماس اليوم هو خضوع اسرائيلي لا لبس فيه يساعد في حسم الصراع الفلسطيني الداخلي. صفقة تحرير جلعاد شليت ستكون عمليا حسما اسرائيليا للمواجهة بين م.ت.ف وحماس، بين ابو مازن وخالد مشعل، بين التوجه السياسي وطريق الكفاح الفلسطيني العنيف والمتزمت – الاسلامي. ما ينبغي أن يوجه خطى أصحاب القرار في القدس هو الحسم بين الطريقين الاساسين الاستراتيجيين للقيادة الفلسطينية وكيف يمكن تقليص الانتصار الكبير لحركة حماس وكيف النجاح في ترجيح الكفة، مع ذلك، في صالح الخصم السياسي وليس المتزمت – الديني.