خبر وسائل الاعلام اليمينية.. معاريف

الساعة 11:04 ص|06 ديسمبر 2009

بقلم: ياعيل باز ميلاميد

وسائل الاعلام باتت يمينية اكثر فأكثر، قال دوف الفون، محرر "هآرتس" في مؤتمر ايلات للصحافة والذي انعقد الاسبوع الماضي واعرب بذلك عما يشعر به كل من فكره يقع في الوسط – اليسار. لو احتجنا الى مثال ملموس على هذه الاقوال، فانه يقدم لنا على نحو كبير في التغطية الاعلامية في سلوك المستوطنين في موضوع توزيع اوامر التجميد للبناء في المستوطنات.

من يستمع الى الراديو، يشاهد التلفزيون ويقرأ معظم الصحف الكبرى (باستثناء "هآرتس") يمكنه أن يظن خطأ بان الحديث يدور عن مجموعة من الاولياء، الذين يدافعون عن بيتنا جميعا في وجه عصابة خارقي قانون يقف على رأسهم وزير الدفاع ايهود باراك. والمرة تلو الاخرى نجد انفسنا عرضة لتصريحات نارية مفعمة بايمان المخلصين لارض اسرائيل الكاملة ممن يروون لنا كيف يسلبون منهم حقهم الطبيعي في اقامة بيوت جديدة لابنائهم وبناتهم الذين كل ما يريدونه هو ان يزيدوا الاستيطان اليهودي في يهودا والسامرة. غير أن الانذال يأتون وهم يحملون اوامر التجميد، التي هي حتى غير قانونية على حد قولهم، ليشوشون خطتهم لتعزيز الصهيونية الجديدة. في معظم المقابلات الصحفية التي تمت مع رؤساء المجالس في المستوطنات ومع اعضاء قيادة "يشع"، القليل جدا منها تواجههم بافعالهم الخطيرة التي تقترب بقدر كبير من العصيان المدني ضد حكم القانون واشاعة الفوضى في نطاق الضفة. وباستثناء يرون لندن وموتي كرشنباوم، اللذين في هذه الحالة يجلبان نضجهما المهني الذي لا مثيل له في مهنتنا، وبالطبع امنون ابرموفتش. عمليا، لا يجري أي بحث جماهيري حول خطورة افعال رؤساء مجالس مثل آفي نعيم من بيت آريه وآخرين. فاذا كان هناك شيء يهدد "بيتنا" جميعنا هو القبول والعطف من جانب معظم وسائل الاعلام لعنف الموظفين في الخدمة العامة ضد قرار قانوني للمؤسسة التي يتلقون منها رواتبهم.

الحقائق معروفة وواضحة للجميع: المجلس الوزاري الموسع قرر باغلبية الاصوات في صالح تجميد البناء في المستوطنات على مدى عشرة اشهر. في هذا المجلس يجلس يمينيون واضحون، مثل بيني بيغن وبوغي يعلون صوتوا هم ايضا في صالح خطوة نتنياهو وباراك. ليس انطلاقا من محبة الفلسطينيين ولا حتى انطلاقا من التفكير بتسوية مستقبلية شاملة بل انطلاقا من الفهم بان المصلحة العليا لدولة اسرائيل في هذه اللحظة هي الصراع ضد السلاح النووي لايران، ولهذا الغرض فواجب علينا قبول جزء من املاءات الادارة الامريكية. من اللحظة التي اتخذ فيها القرار استغرق اصدار وزارة الدفاع لاوامر التجميد أربعة ايام وانطلق مراقبو الادارة المدنية في الضفة نحو رؤساء المجالس كي يعطونهم اياها.

من هنا فصاعدا بدت مشاهد ما كانت يمكن لاي دولة ديمقراطية تقوم على اساس سمو القانون ان تقبل بها: الواحد تلو الاخر مزق رؤساء المجالس الامر، امام عدسات التلفزيون ولم ينبس احد هنا ببنت شفة. المراسلون المختلفون سألوهم اذا كانوا يعتزمون تشديد الكفاح، فتحدثوا بحماسة عن خراب البيت الثالث وعن انهم في واقع الامر يحمون تل أبيب وحيفا وتعهدوا بالمزيد من اعمال العنف اذا لم تتوقف مسيرة اوامر التجميد. آفي نعيم تحول بين ليلة وضحاها من خارق للقانون الى رجل مبادىء جسور مستعد لان يمكث في السجن من أجل معتقده. مواقع الانترنت تدعو الجمهور الى تصفح التقارير لميدانية التي تظهر المظاهرات والعنف وكأن هذا برنامج "الاخ الاكبر" التلفزيوني، وفي مسيرة الذين تجرى معهم المقابلات غاب اولئك الذين يفهمون بانه اذا ما استسلم هذه المرة ايهود باراك للعنف فانه لن تكون أي اهمية لقرارات الحكومة، التي اغلب الظن ستخضع.

في نهاية المطاف منذ سنوات عديدة والمستوطنون ينتصرون بالضربة القاضية. هذه المرة برعاية وسائل الاعلام.